جامعيات تحولت دراستهن من اختيار خاص إلى إملاء عائلي

طالبات في جامعة بيرزيت

غزة / صباح حمادة/ ما إن تنتهي المرحلة الثانوية بكل مشكلاتها وهمومها , حتى تبدأ كل فتاة بإطلاق العنان لأحلامها ومستقبلها الخاص باختيار التخصص الجامعي , وفق قناعات وتطلعات شخصية , لكن كثيراً ما تصطدم تلك الأحلام والطموحات بعقباتٍ تبعدها عن الطريق الذي رسمته لمستقبلها , وتقع في حيرة بين تحقيق مستقبلها كما حلمت به , وبين الخضوع لما يحدده الأهل ما يؤدي إلى قتل أحلامها ومستقبلها .
 

عندما يقتل الحُلم
 

الطالبة نور عماد (21) عاماً في كلية التربية تقول " كانت لدي رغبة في دراسة التمريض , إلا أن أخي الكبير لم يسمح لي في دراسته , وأجبرني على اختيار تخصص تربية تعليم أساسي " مشيرةً إلى أنها اختارت دراسة الفرع العلمي في المرحلة الثانوية وحصلت على معدل 87% ما يؤهلها لاختيار التخصص الذى لطالما أحبته وحلمت به.
 

وتضيف " لدى أخى عقلية متزمتة فهو السبب في اقناع وتأليب والدي ومنعهم لي من دراسة التمريض , بحجة أنها مهنة لا تناسب الفتيات وأنها تتطلب دوام مسائي وساعات عمل طويلة "
 

وتؤكد نور أنها خاضت نقاشات كثيرة بلا فائدة لإقناع أخيها ووالديها للانتقال إلى كلية التمريض , إلا أنهم لم يقبلوا برغبتها وهددوها بمنعها من اكمال دراستها الجامعية إن لم تصمت وتقبل بقراراتهم.
 

وحول رأيها في تخصصها بعد مرور أكثر من عامين تقول " ما زلت لا أشعر بكياني في هذا التخصص , وليس لدي أى رغبة في العمل بمجال التدريس لأننى لن أعطى أى فائدة للطلبة وسأظلمهم " .
 

فيما شاركتها معاناتها الطالبة مرام صالح (19) عاماً تقول " أنهيت الثانوية العامة بمعدل 94% فرع علمي , وكانت لدي رغبة شديدة بدراسة تخصص الهندسة المعمارية , فلطالما رسمت مستقبلي نحو هذا المجال . إلا أننى منعت من تحقيق حلمي " مضيفةً أنها اضطرت إلى اختيار تخصص الرياضيات في كلية العلوم على مضض بعدما ضاقت بها كل السبل لإقناع والدها بما تريد.
 

وتبدي مرام استيائها من تدخلات الأهل في اختيار التخصص الجامعي وتجاهلهم لرغبات وطموح أبنائهم , ونظرة المجتمع إلى أن بعض التخصصات لا تناسب إلا الذكور وتُحرم على الفتيات.
 

المهن لا تورث
 

" لم أحب القانون يوماً وأجبرت على دراسته نزولاً عند رغبة والدي المحامي الذي كان يناديني بالمحامية منذ صغري فأنا ابنته البكر" هذا ما قالته الطالبة وفاء نصر (20) عاماً في كلية الحقوق .
 

وأشارت إلى أنها لا زالت تجد صعوبة في استيعاب المواد القانونية وحفظها لعدم محبتها ورغبتها بدراسة القانون , على عكس زميلاتها اللواتي يبدعن ويتفوقن لمحبتهن للمجال القانوني.
 

وعن رغبتها بالتخصص الذي كانت تتمني دراسته تتابع " كنت ارغب بتخصص الإرشاد النفسي , فلدي فضول كبير في التعمق في هذا المجال ومعرفة كل ما يتعلق به , لتقديم الدعم النفسي والمعنوي لكل من يحتاجه ".
 

مجازفة وخوف
 

فيما تقول الطالبة سماح فايق (20)عاماً في كلية الآداب " أحببت مهنة الصحافة من كثرة متابعتى للأخبار عبر التلفاز والراديو , إلى أن تكون لدى عشق للجلوس أمام الميكرفون والتحدث وإدارة الحوارات , إلا أن والدتى منعتنى " موضحةً أنها جازفت في دراسة تخصص لغة عربية /صحافة دون علم أهلها , فهم يعرفون بدراستها لتخصص آداب لغة عربية فقط .
 

وعن سبب معارضة والدتها لمجال الصحافة تواصل " من وجهة نظرة والدتى بأن مهنة الصحافة هى للشباب فقط ولا تناسب الإناث لأنها تحتاج للعمل لساعات طويلة والاختلاط بكافة شرائح المجتمع " مشيرة إلى أنها حاولت اقناع والدتها أكثر من مرة إلا أنها لم تستمع إليها.
 

وتؤكد سماح من تخوفها لردة فعل أهلها عند معرفتهم بأنها جمعت بين تخصصي اللغة العربية والصحافة دون علمهم , إلا أنها متجهزة للدخول معهم في حلقات نقاش وإقناع مرة أخري لتحصل على مرادها.
 

تأثيرات سلبية
 

وحول التأثيرات النفسية لتدخلات الأهل في اختيار التخصصات الجامعية تقول أ. سوزان شعث الأخصائية النفسية والاجتماعية " الأبناء الذي يلتحقون بتخصصات أجبرهم الأهل على دراستها تنعدم لديهم القدرة على مواجهة العمل والتكيف معه بعد التخرج , مما تتولد لديهم مشاعر الإحباط والفشل لعدم تحقيق الذات في مجال العمل الذي يرغبون بمزاولته ".
 

وأضافت أ.شعث "اجبار الأهل بناتهم على دراسة تخصصات معينة لا يرغبون بها وقتل أحلامهم وطموحاتهم بحجة أن بعض التخصصات والمهن هي للذكور فقط ولا تناسب الإناث يؤدي إلى الفشل الدراسي " موضحةً أن بعض الفتيات اللواتى أجبرن على دراسة تخصص لا يرغبون به تعمدوا أسلوب الرسوب في بعض المواد الدراسية لمعاقبة أهاليهم لحرمانهم من أحلامهم.
 

وأكدت أ.شعث ضرورة الانفتاح على العالم الخارجي , ومنح الفتاة الحرية المطلقة باختيار ما ترغب بدراسته لتبدع في المجال العملي وتقدم المنفعة للمجتمع بشكل عام ولعائلتها بشكل خاص, موجهة النصيحة إلى الأهالى " لا تقتلوا أحلام بناتكن وامنحوهن حرية الاختيار ليبدعن فى مجالات محببة إلى نفوسهن , وابتعدوا عن النظرة السلبية للمجتمع "
 

** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع "أوقفوا العنف ضد النساء" الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد