بالصور.."الأسمتان " يتمردن على الواقع ويخطن أحلامهن
غزة / خاص سوا / في صيف 2004م.. حملت الشابة أسماء مُنى نفسها ومعها أوراق وشهادات تفيد أنها خريجة قسم الحاسوب في جامعة القدس المفتوحة، وراحت تدق أبواب المؤسسات الحكومية والخاصة بحثا عن عمل تعيل به عائلتها؛ لكن الجميع آن ذاك لم يستمع لتلك الطرقات الخجولة.
تعبت وملت الشابة التي تقطن في مدينة نابلس بالضفة الغربية من ضرب تلك الأبواب لأنها لم ت فتح لها يوماً ، لتلجأ بعد عدة أشهر إلى العمل كمصممة في مطبعة صغيرة ، بقيت الشابة تعمل هناك لخمس سنوات ثم تركته لأن العائد المادي كان لا يغطي مسؤوليتها اتجاه منزلها.
تركت المطبعة وبدأت البحث من جديد ، صديقة لها دعتها للتدريب في استديو تصوير لربما تجد الفرصة المناسبة هناك. عرضت هذه الفكرة على والدها. الرفض القاطع كان ختام حديث الوالد. صمتت، وعادت إلى غرفتها. وبعد عدة محاولات مع والدها وبمساعدة أخوتها وافق أخيرا على ذهابها.
استجابت أسماء (33عاما) لدعوة صديقتها بعد ما اقنعت والدها. شهر من التدريب داخل صالون الاستديو والغوص في عالم الكاميرا، لتكون واحدة من تلك الثلة التي تعمل هناك. طبيعة عمل الشابة التي أصبحت مصورة: هو تغطية الأفراح والمناسبات الرسمية وغيرها. تعلق على رقبتها كاميرا رقمية وفي يدها أخرى مخصصة للفيديو من ثم تتنقل بين زوايا المكان لتغطية الحدث.
كانت تعود إلى منزلها بعد منتصف الليل، متعبة لا تقوى على الوقوف، واحيانا كانت تصل منزلها في وقت انحدار قرص الشمس إلى المغيب تطرح السلام على عائلتها بابتسامة شاحبة نتيجة الإرهاق، وما تلبث سويعات قليلة لتخلد لنومها وتستيقظ على صباح عمل أخر.
" كنت أتمنى أن أعمل على شهادتي الجامعية، طرقت كل الأبواب لكن لم يسمعني أحد، لذلك لجأت لمهنة التصوير". تفتح الشابة حديثها مع وكالة (سوا).
صالت وجالت أسماء في مهنتها، لتطلب أن يقف عمر عملها في ذلك الاستديو بعد سبع سنوات. ولكن إدارة المكان رفضت طلب استقالتها باعتبارها ركيزة أساسية في العمل.
طلب الاستقالة جاء لآن الشابة مقُبلة على خطوة هي أكثر جرأة، وهي الاستقلالية في العمل وأن يكون استديو خاص تحت اشرافها. فقبل أسبوعين.. بدأت العمل بخطوتها الجريئة، استغلت حاصل متوسط الحجم يتبع لعائلتها قريب من المنزل، وراحت تختار الشكل الذي سيظهر فيه الاستديو الخاص بها.
ونظرا لعدم وجود المبلغ الكافي لإتمام كافة التجهيزات فأسماء مع صياغة هذه القصة، تعيش حالة صراع مادي فهي تقسم راتبها الشهري لعدة أجزاء، واحد لتغطية احتياجات منزلها وأخر لشراء التجهيزات وهكذا.
تكمل الشابة التي تخيم على وجهها السعادة : " عائلتي وأصدقائي المقربين دعموا مشروعي الذي أشغل تفكيري لأشهر؛ الآن أنا أشعر بسعادة بالغة".
لم تكتفِ الشابة من التعلم داخل صالون الاستديو، لتلجأ إلى الملتقى الفلسطيني للتصوير والاستكشاف للمشاركة في جولات اتيحت لها الفرصة للغوص أكثر في عالم الكاميرا. تردف : " الخبرة والعلاقات الاجتماعية أشياء ساعدتني بأني اتجرء على هذه الخطوة".
ثلاثة أشهر فقط وستعُلن أسماء عبر صفحتها بالفيس بوك عن موعد افتتاح استديو التصوير، : " قرابة ثلاثة شهور وسيكتمل حلمي، وسأدعو الجميع ليتقاسموا معي شرف الافتتاح". تردف المصورة.
هكذا اختمت الشابة الطموحة فصول معاناتها بخطوة لا يفعلها إلا الطموحين ، لتبدأ بفصل جديد سيكون علامة فارقة في حياتها المستقبلية.
أما الحكاية القصيرة للشابة المصورة الصحافية أسماء نصار، لا تختلف كثيرا عن المذكورة سلفا، فبجانب أنها تتقاسم اسمها فهي تحلم ايضا أن يكون لها استديو تصوير خاص بها. نرتكم مع تفاصيل حكاياتها:
أسماء تقطن على الاطراف الغربية من مدينة غزة، وهي على أعتاب التخرج من قسم الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية، احبت الكاميرا وعشقتها الاخيرة، لتكون لها بصمة قوية بين الصحافيين المصورين الصاعدين في الآونة الأخيرة.
كانت بداية أسماء مع الكاميرا، في منتصف حياتها الجامعية، بمساعدة مدرب مساق التصوير حين أعطها أساسيات التصوير ثم انطلقت لوحدها تصور معالم المدينة المحاصرة.
فقبل عام من صياغة هذا النص استطاعت الشابة"22عاما" شراء كاميرا احترافية بمساعدة والديها. استغلت مواقع التواصل الاجتماعي لنشر ما تقنصه عدستها، ليصبح لها جمهور خاص بها ويصعد باسمها إلى سماء المصورين المبدعين.
" التصوير مش كبسة زر التصوير روح قبل اي شيء". تقول هذا أسماء، وبجانب عملها كمصورة فهي تعمل مذيعة في إحدى الاذاعات المحلية.
شاركت صور أسماء في الكثير من المعارض، فالحاضر هناك يقف بالقرب من صورها المعلقة ويتمعن قبل أن يذهب لصورة الثانية.
تكمل صاحبة البشرة الحنطية : " انتظر بفارغ الصبر نتائج مسابقة دولية كنت قد شاركت فيها قبل أيام، اتمنى أن أحصد العلامة الكاملة".
تطورت حياة الشابة كمصورة، حين استجابت لدعوة زميل لها في تغطية احتفال خريجي الجامعة الإسلامية لهذا العام، ومن ثم راحت تلبي دعوات الأقارب والأصدقاء في تغطية الأعراس وأعياد الميلاد
" الخطوة التي استعد إليها في رحلتي مع الكاميرا، هو أن يكون لي استديو خاص بي، هذا حُلمي الأوحد". ختام الحديث مع المصورة الشابة.
أسماء الضفة وأسماء غزة يبرهنن أن السيدة الفلسطينية لا تكل ولا تمل إلا حين أن تصل مرادها، فبالصورة " الأسمتان" تمردن على الواقع وهن الآن في طريقهن لرسم أحلامهن.