rn

جن جنون الحكومة الإسرائيلية جرّاء اتخاذ الاتحاد الأوروبي قراره المنتظر؛ قرار وسْم البضائع المنتجة في المستوطنات بعلامة خاصة تميزها عن المنتجات الإسرائيلية. وفي توضيح الخطوة، خفف الاتحاد من وقع خطوته وبررها بمساعدة المستهلكين في دول الاتحاد الأوروبي على تمييز بضائع المستوطنات عن غيرها. الوسم المهاجم بشراسة من قبل الاحتلال، حمل توضيحا يفيد أن المنتوج تمت صناعته في المستوطنات، محدداً مكان المنشأ جغرافياً، الضفة الغربية و القدس والجولان السوري، الأراضي المحتلة حسب الموقف الأوروبي الجامع.

rn

لقد وجّه الاتحاد الأوروبي من خلال الوسم رسالة قوية للاحتلال رغم توضيحه المهني، وهو بذلك ينسجم مع موقفه السياسي الذي يعتبر أن إقامة المستوطنات على أراضٍ محتلة مخالف للقانون الدولي. وبما يؤكد أن الوَسْم يتجاوز الهدف المعلن الذي حصره بتوعية وإعلام مواطنيهم عن منشأ البضاعة، فالأوروبيون بغنى عن تهييج وإثارة عُشّ الدبابير الصهيوني وتهمه الجاهزة كالطلقة في بيت النار بمعاداة السامية، في وجه ثمان وعشرين دولة في إطار الاتحاد الأوروبي، منهم ألمانيا التي أقرت بمسؤوليتها وحدها عن ما حصل لليهود.
«نتنياهو» يعتبر أن المتضرر من القرار الأوروبي عمال المستوطنات، ويُقَدَّر عددهم حسب المعطيات الإسرائيلية المنشورة في أعقاب القرار الأوروربي بـ 15300 عامل فلسطيني. «نتنياهو»؛ يتعالى على الخسارة السياسية التي لحقت بالاحتلال أولاً؛ وهي الأهم؛ إضافة إلى الخسارة المادية المقدَّرة وفقا لمعطياتهم بمبلغ يتراوح بين 30-50 مليون دولار سنوياً، ثانياً.
لا شك أن العمال الفلسطينيين في المستوطنات سيخسرون عملهم وقوت أبنائهم المغمس بالذلّ والخوف اليومي. وبعيدا عن الخطابات الرنانة الممجوجة، أستطيع القول بأنها خسارة مؤقتة سترتد ربحاً على المجتمع؛ في المدى الاستراتيجي، إنْ تعاملت السلطة الفلسطينية مع الموضوع بمسؤولية، ومبادرتها على الفور بتأمين البدائل لهم؛ لا سيّما وأن عدد عمال المستوطنات محدود نسبياً كما أشرت أعلاه، علاوة على كونه واجباً واستحقاقاً عليها؛ لم يعد ممكناً الاستمرار في تجاهله أو تسويفه.
أطراف المسؤولية لا تنحصر فقط بالسلطة الفلسطينية، بل مطلوب من المجتمع الفلسطيني التجاوب مع حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية ووقف تردده إزاءها، تحت جميع العناوين والذرائع المعروفة. فمقاطعة بضائع الاحتلال تؤدي بالشركات المحلية المنتجة إلى أخذ قرارها بزيادة الإنتاج لتلبية احتياجات السوق ومتطلباته المتضمن بداهةً زيادة عدد العمال، بل مطلوب من الشركات الوطنية أن تضع في اعتباراتها التوجه بخطابها إلى عمال المستوطنات علناً، ودعوتهم الى ترك المستوطنات والعمل في مصانعهم الوطنية، للمساهمة في بناء الاقتصاد الفلسطيني؛ عوضا عن بناء اقتصاد الاحتلال.
حملات المقاطعة المحلية كأحد أطراف المسؤولية، عليها مراجعة خططهم وآلياتهم وأدواتهم وصولا إلى خطابهم، لا بد من رؤية بعض المتغيرات على حقيقتها. لنلاحظ أن حملات المقاطعة المحلية قد اعتمدت تاريخياً على الأجواء والمناخات الوطنية في إضفاء الزخم على تصاعد وتيرة المقاطعة. وربما نلاحظ حالياً؛ أن البيئة الداخلية مهيأة لتصاعد الخط البياني للمقاطعة، لكنها لم تساعد على خلق الكيمياء المعهودة للقيام بمهمتها وزيادة أعداد المقاطعين وزيادة نشطاء الحملات وتنوعها، فما السبب..!
السؤال المليوني المطروح على المدينة، يدور عن السبب في عدم التجاور حالياً، بين الحراك الجماهيري وحركة مقاطعة البضائع، وهنا لا أتحدث عن ما بعض ما يطفو على السطح من فعاليات مبعثرة هنا وهناك، بل أتحدث عن عملية حماس ية منظَّمة بكل محاورها وقطاعاتها المعتادة. السؤال هل الحملات بحاجة الى تجديد نفسها وما تآكل من خطابها..تجديد طاقتها بالذهاب إلى نقاش ثقافي مفتوح وعميق حول ثقافة الاستهلاك البذخي المنتشر..حوار صريح حول الأسباب التي تحول دون تحول المقاطعة إلى سلوك مقاوم، وما الذي يمنع اندماجها وتأصيلها في الوعي الجمعي القاعدي.
وللحديث بقية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد