rn
في مثل هذه الفترة من العام الماضي وبالتحديد في شهر تشرين أول/ أكتوبر، وتشرين ثاني/ نوفمبر، نفذ عدد من أبناء القدس عمليات طعن ودهس لجنود إسرائيليين ومستوطنين وأذكر منهم الشهيد إبراهيم العكاري، و عبد الرحمن الشلودي، ومعتز حجازي وغيرهم إحتجاجاً على الإحتلال وسياسته.
الهبة أو الإنتفاضة أي كانت التسمية دخلت أسبوعها السادس، و كأن ذاكراتنا أصبحت ضعيفة أو أنها المرة الأولى التي يقاوم فيها الفلسطينيون الإحتلال، ويقتل المنفذين بطريقة وحشية وبشعة من قبل الإسرائيليين مدنيين وجنود، ونسينا كيف تكالب على الشهيد إبراهيم العكاري أكثر من جندي ومستوطن ليشفوا غليلهم و يثأروا لقتله كما جرى مع الشهداء السابقين الذين نفذوا عمليات الدهس في القدس.
و في حينه ثورة السكاكين والدهس في القدس فاجأت الفلسطينيين، قيادة وفصائل أكثر من الإسرائيليين وأظهرت رعبهم وخوفهم وعجزهم أمام جرأة ومفاجآت الشباب والصبايا وقدرتهم على المواجهة أي كان الثمن من اجل الكرامة والحرية، كما أظهرت عجز الفصائل ولا تزال عن القيام بفعل وحدوي حقيقي لمقاومة الإحتلال والخروج من دائرة المباركة والتهاني.
الإنتفاضة مستمرة و ترتفع وتيرتها وجذوتها مرة وتهبط أخرى، وذلك مرتبط بالتصعيد والصلف الإسرائيلي والإجراءات و العقوبات الجماعية التي يفرضها، و هي بدون برنامج عمل وقيادة بمعنى أنها بدون أب، و لا تزال تتبع أسلوب ووسيلة واحدة الطعن والدهس التي بدأت في القدس ومستمرة في الخليل، لتكشف حقيقة بؤس الحال و عجز الفصائل التي تبارك عمليات الطعن و الدهس وحالات قليلة من إطلاق النار من دون أن تخجل من ذاتها بان هذه العمليات البطولية الفردية دليل عجز منها.
وعدم قدرتها على الإنخراط في الإنتفاضة بتوحيد الجهود لإنهاء الإنقسام، و ابتداع طرق نضالية في مواجهة المخططات الإسرائيلية بناء على خطة إستراتيجية لمقاومة الاحتلال ومخططاته، وإعادة دراسة تجربتهم و التجربة النضالية الفلسطينية وتكتيكاتها، ومدى جدواها في ظل إختلال موازين القوى وتحالفاتنا والوضع العربي والإقليمي والدولي.
الفلسطينيون خاصة الشبان ينجحون بشكل فردي بالقيام بعمليات فدائية لكن إلى فترة من الزمن، و لا تنجح أي قوة في الدنيا من منعهم من ابتكار واجترار تجارب مألوفة و غير مألوفة في مقاومة الاحتلال.
وهذا ما يطرح الأسئلة وضرورة الإجابة عليها بجرأة، هل ما يجري هو هبة و إنتفاضة شعبية يشارك فيها الجميع، شعب وفصائل بمظاهرات شعبية وجماهيرية حاشدة و منظمة، أم هي عمليات فردية وتحركات شبابية تحاول خلق حالة مختلفة عن الفصائل وفقدان الثقة بها؟ و هل الفصائل بما فيها حركتي فتح و حماس صاحبتا السلطة في رام الله و غزة جاهزتين ومستعدتين لتطوير الإنتفاضة ورفدها بجميع عوامل الصمود و الإستمرارية؟
وهل باستطاعة الشاب الإستمرار في الانتفاضة وحدهم؟ و أي مقاومة نريد؟ هل هي مقاومة سياسية دبلوماسية وقانونية؟ شعبية وسلمية؟ وتفعيل المقاطعة الوطنية محليا ودوليا وعزل إسرائيل، أو من دون إستخدام السلاح بما فيه السلاح الأبيض وعمليات الدهس؟ وكيفية الوصول لخطوط التماس والاشتباك مع قوات الإحتلال والمستوطنين؟
وما هي تكتيكاتها وقدراتها والتوافق على الإستراتيجية النضالية وتجنب الإستفراد بمنطقة وعزلها عن الأخرى والقضاء على المقاومة فيها؟ والأهم هل حركتي فتح وحماس جاهزتين لإنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية؟
ربما لم يعد وقت ولم يعد مجدياً ولا مكان للأسئلة و الإنتفاضة مستمرة و عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين والإنتهاكات الإسرائيلية في تزايد، و وصل عدد الشهداء نحو 80 شهيداً. والسؤال من الذي يقود الإنتفاضة؟ ومن يمتلك الحق بوقفها أو إدامتها، والثمن الذي سندفعه جميعاً في حال الفشل والتراجع و الإستثمار السيئ، والتنازل عن دماء الشهداء وترك الإحتلال يستمر في إحتلاله و يمعن جرائمه بدون ان يدفع الثمن؟
الفلسطينيون فاض بهم الكيل، وبرغم الإجماع حول الإنتفاضة ومقاومة الإحتلال، يبقى الخلاف مستمر بين الفصائل وقطاعات كبيرة في الشارع الفلسطيني على أدواتها، ومدى قدرتهم على التقرير في الإنخراط فيها، في ظل سلطتين كل منهما له مصالحه وأهدافه ورؤيته والتبريرات، و عدم قدرة القيادة أولاً وأخيراً على إتخاذ القرار الصريح بجدوى و ضرورة وأهمية الإنتفاضة ومقاومة الإحتلال حتى شعبياً.
لا خوف على القضية و الإنتفاضة من الاحتواء أو إنهائها، وشعب شبابه غير مهزوم ولن يكسر، و يتخذ المبادرة و يناضل من أجل الحرية و الإستقلال، وإن أبتلي بقيادة وفصائل مرتبكة ومنقسمة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية