تفاوتت التصنيفات، لما حدث في الشهر الفائت، ما بين تسميته بالهبّة، أو انتفاضة الأقصى، أو أحداث العنف. ولعل هذا التفاوت في التسميات، ينبع من رؤى ومفاهيم مختلفة، إضافة للرغبات.
ما حدث وبالحجم الذي حدث فيه، وبالأشكال والأبعاد التي اتخذها، لم يكن متوقعاً، خاصة وأن من قام بالأحداث هم شبان يافعون، تتراوح أعمارهم ما بين 18 ـ 22 سنة، وتم استخدام السكاكين، كسلاح أساسي، وشارك فيها شبان من الفلسطينيين، في الداخل.
حاولت إسرائيل استخدام العنف الأقصى، لإخماد ما حدث ولم تتورع عن الدهس والقتل بدم بارد.
في بداية الأحداث، كان توصيف الهبّة، هو التوصيف الأنسب، والأقرب، لما يحدث، لكن طول أمد تلك الأحداث، ودخولها شهرها الثاني، لم يعد هذا التوصيف، ينطبق على الواقع.
الهبّة تجري مسرعة، وتخبو بعد ذلك. ما يحدث الآن، هو أبعد من الهبّة، هو مقدمات، سيترتب عليها، تنامي المقاومة المدنية، وازدياد حدة العنف الإسرائيلي لها. ومن خلال دورة الفعل ورد الفعل، من الممكن جداً، أن تصل الأحداث، إلى بدايات انتفاضة عارمة، تشارك بها المدن والبلدات الفلسطينية، وبمشاركة أوسع شرائح المجتمع، وهذا احتمال بات وارداً، وله ما يبرره.
• هناك انغلاق للآفاق السياسية، خاصة التفاوضية منها، وهناك اصرار إسرائيلي واضح، على تقسيم القدس زمانياً ومكانياً، ولا شيء يوقفه أو يردعه، سوى المقاومة الميدانية في القدس.
• هناك تحد إسرائيلي، تقوده حكومة نتنياهو، للإرادة الشعبية الفلسطينية، ومقاومتها المدنية، تتمثل بالإعدامات الميدانية، ومحاولة تزوير الحقائق، عبر ترك سكين جوار الضحية، ومحاولة الإيهام، بأن الضحية، كانت تحاول طعن مستوطن أو جندي أو خلافه.
• هناك حالة التململ والتحفّز، لدى الفصائل كافة، لتبني ما يحدث، ويتجاوز الأطر التنظيمية القائمة.
• صحيح أن معظم المشاركين في الأحداث، لم يشاركوا بها بناء على أوامر تنظيمية، وصحيح أن تلك الأحداث تجري دون أطر قيادية، لكننا لا نستطيع، أن نفصل ما بين مجريات الأمور والتنظيمات القائمة، ذلك أن معظم المشاركين، هم ينتمون لهذا الفصيل أو ذاك، لكن ذلك لا يعني، بأن ما يجري جاء بتخطيط مسبق، من لدن الفصائل وبرعايتها وقيادتها!
ما يجري ميدانياً، تجاوز الفصائل والقيادات، وبات يتنقل من مدينة إلى مدينة، ومن بلدة إلى بلدة... هو فعل مستمر ومتواصل، ويحتاج بالطبع، للتخطيط والرعاية والتنظيم.
لا تتمكن الفصائل الفلسطينية، من الوقوف جانباً، كمشاهد للحدث، وباتت بأمسّ الحاجة، لتحديد موقف واضح ومحدد، إزاء ما يحدث. لا شيء يمنع من تنامي، ما يحدث، ولا شيء يقف عائقاً أمام اتساع حدّة التصادم، ما بين المقاومة الشعبية وجيش الاحتلال ومستوطنيه.
بات الموقف العام، جلياً وواضحاً للغاية، هناك انسداد للآفاق السياسية، وهنالك عجز فلسطيني لكسر حالة الانسداد تلك. هناك غياب أو شبه غياب عربي، أسبابه متنوّعة ومتشعّبة، خاصة فيما يحصل في القدس. وهناك قمع إسرائيلي، واستخدام للعنف الأقصى، ما سيساعد على توليد حالات جديدة، من المقاومة الشعبية.
علينا أن نرى، بأن ما يحدث الآن، هو مقدمات واضحة، لانتفاضة ثالثة، تختلف عما سبقها في الانتفاضة الأولى والثانية!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية