صابرين طالبت بحقها في الميراث فُحرمت حريتها وطفلها

غزة / دعاء أبو جزر / بمخزنٍ صغير محكم الاغلاق لا يتَّسِع لتربيعتها مكثت ما يُقارب الشهرين وهى مُقَّيدة السّلاسل والحِبال بعدما أودعها شقيقها وأولاده السبعة بداخله لتتنازل عن حقها في قطعة الأرض الصغيرة التي تركها والدها قبل وفاته وأوصى بأن تحصل ابنته على ميراثها.


" صابرين " شابَّة تلاثينية وقعت تحت سلطة العنف الأسري بعد محاولاتٍ لمنعها من المطالبة بحقها الشرعي خوفاً من أن ينتقل مال العائلة للغريب كما كانت الحجة حين زواجها, قالت: " لم أتوقَّع أنَّ قطعة الأرض التي تركها والدي ستكون مطمع لشقيقي وأبناءه وبقيَّة أفراد العائلة ونهاية شعوري بالحياة".


وتروي: "توفي والدي وانا في التاسعة وربَّتني والدتي وما ان لبث شقيقي من والدي حتَّى استولى على بقيَّة الدار التي نسكنها واعطانا غرفة واحدة للعيش فيها, ورغم ذلك لم نتمكن من المُطالبة بحقنا كانت أمي تقول " ابعد عن الشر وغنيِّلو" حتَّى تعلمت منها السكوت عن حقي والمطالبة به" .


وأضافت " عشنا الحياة التي يريدها شقيقي حُرمت من التعليـــم والخروج من المنزل لأني بنت وعيب أطلع، وكثيراً ما يضربني اذا تحدَّثت بشيء وسألت عن حقي وحق والدتي لدرجة أنِّي لم أشعر بإخوَّته ، القسوة التي فيه قتلت كل المشاعر التي رغبت فيها تجاهه لدرجة أني تمنَّيت لو أنَّ أحداً منَّا يموت ويترك الحياة للآخر ليعيش".


وحول زواجها المدبر, " تزوَّجت بشاب يصغرني بأعوام وأنا في منتصف عقدي الثالث وباتفاق مع أشقائي لمناصفة الميراث " يعني على ضمانتهم ومنهم فيهم كان " أمام رفض صابرين للتفريط والتنازل عن حقها طلَّقها زوجها, حينها كانت حاملاً، وما كان مها إلا أن عادت لمنزل أهلها, كانت والدتها مريضة فتوفيت بعد شهور من طلاقها, فأغلق شقيقها المنزل و أجبرها على العيش مع عائلته.


بمرارة: "عشت شبه الخادمة في المنزل الكبير وكان تعاملهم قاسي من أجل الضغط والتنازل عن حقوقي حتى أنجبت طفلي في الشهر الثامن ومكثت تحت الرعاية لأسابيع ، كان تعاملهم وحشي لم يصبروا علىَّ لأتعافى أو أشبع من ابني أخدوه غصب عنِّى وتركوه لعائلة أبوه" .


حاولت الهرب بنظرتها للأرض لإخفاء حرقة قلبها, "الحياة التي عشتها كانت لأجله ورغم صعوبة الحمل والميلاد لكنَّ احتضاني له كان يطفئ النار التي بداخلي حتى اشتعلت حين خطفوه مني، حاولت الهرب من المنزل ولجأت لإحدى الصديقات وحين علموا بمكاني أعادوني بالقوة ووضعوني في مخزن أسفل الدار".


بكت صابرين بحرارة وقالت: " لم أفكر كيف حدث ذلك، الطعام يُقدم لي من خلف الباب صحن صغير كل تلاث أيام وفي كل مرة يُصيبه العفن لأن المكان مغلق وفيه رطوبة وأكون عند الجوع مُجبرة على تناوله ، شهرين ولم أرى الشمس ولم أغتسل".


تحدثت : "كثيراً ما فكَّرت بالتنازل عن حقوقي من أجل رؤية طفلي الرضيع, وفي كل مرة أرفض الفكرة و أتأكد بأني لو تنازلت فلن أجد مكان آخر لأعيش فيه, حتى فقدت صبري وحاولت قتل نفسي لكني تراجعت بفضل الله, ولجأت اليه بالدعاء".


خروج صابرين من المخزن " الحبس", كان بمثابة معجزة, إحدى الجارات علمت بوجودها وأبلغت الشرطة ، بانفعال: " لم أصدق أني حرة كسروا قفل الباب وأخرجوني لم أعي وجود أحد ، الشيء الوحيد الذي أذكره هو بكاء جميع الموجودين بسبب الشكل الذي رأوني فيه حتى نقلت للمشفى بالمدينة وعمل الفحوصات والتأكد من سلامتي حتَّى تعهَّد القانون بإعطائي حقي وعدم تعرض أحد منهم لحياتي".


ورُغم أنَّ " صابرين " قد تمكَّنت من الوصول لمؤسسات العدالة والقانون بعد معاناتها الكبيرة, الا أنها لم تحصل على كافة الحقوق التي تكفل لها الحياة البسيطة كونها, فهي اليوم تركض خلف المحاكم لاستعادة حضانة طفلها والتي من المفترض أن يكون في رعايتها حسب القانون الفلسطيني.


زوج صابرين يرفض مطالبتها بحضانة ابنها ويتذرع بجنونها وعدم قدرتها على العناية به, وهي ذرائع باطلة حسب شهادة الأخصائية النفسية أسماء سعيــد التي أشرفت على حالة صابرين, حيث أكدت أنه وخلال جلساتها معها تبيَّن الى حاجتها لتفريغ مستمر وبصورة منتظمة.


وقالت سعيد: "من الصَّعب تحسن وضعها النفسي بشكل كامل إلا بعد أن تستعيد حضانة طفلها, فهي مرتبطة به بدرجة عالية لأنها أمه وتفتقده بشدة, ولكن محاولتها استعادة طفلها تواجه بعض العقبات كون الزوج قد اتهمها بالجنون, على الرُغم من سلامتها التامة وقدرتها على العناية به وفقاً للتقارير الطبيَّة وسلامة هذه التقارير .

 

** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع "أوقفوا العنف ضد النساء" الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد