حالة التلاحم الشعبي الذي تشهده ساحات المواجهة في مدن الضفة تحمل رسائل حادة وصريحة إلى الفصائل الفلسطينية إما أن تتوحدوا أو سنترككم مع التاريخ ليسجل صفحة سوداء لن يمسحها الحاضر الذي نعيش. اليوم المطاعم تمد الغذاء لمن هم في ساحات المواجهات وهي صورة من صور التلاحم الشعبي،
إن نجاح الهبة الشعبية بتحقيق أهدافها المرجوة مرهون بعدم تدخل الفصائل كما هو مرهون باستمرارها على هذا النحو دون عسكرتها ولنا تجارب مع استخدام السلاح الذي أعطى الاحتلال الضوء الأخضر لإعادة الاحتلال وفرض القيود التعسفية تجاه شعبنا مما قلل من مقومات الصمود، لاسيما أن الحجارة والسكاكين جعلت الاحتلال في حيرة من أمرهم وقوضت أساليب الرد العنيف بالاجتياح أو استخدام الأسلحة الثقيلة، وهذا يعد نجاح فلسطيني شعبي بامتياز.
لاشك بأن الرئيس أبو مازن استطاع أن يطلق شرارة الهبة الشعبية بخطابه القوي بالأمم المتحدة من خلال إشارة حملها خطابه تلخصت بأن هذا الوضع لن يستمر طويلاً وأنه من حق الشعب الفلسطيني المقاومة السلمية والقانونية وهنا نقف عند القانونية وان لم يحددها فخروج الجماهير الغاضبة بالسكاكين والحجارة ومقاومة الاحتلال لهو عمل مقاوم قانوني، وكذلك خروج عشرات المسلحين الفتحاويين بشوارع رام الله بعد الخطاب مباشرة يؤكد مدى التزام مسلحي وثوار فتح بأوامره، لاشك أن هذه الهبة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بخطاب الرئيس. وحديثي عن غزة وما شهدته خلال اليومين الماضيين باعتقادي أن هذا نجم عن حالة التعاطف الوطني بين غزة والضفة تأكيدا على أن شعب فلسطين لن تقسمه الجغرافيا الذي فرضها الاحتلال ولم ولن تقسمه حالة الانقسام الذي فرض عليه، ولكن هبة غزة وتوجه شبابنا وأشبالنا تجاه الحدود الشرقية لغزة فإنه لأمر صعب تراق فيه الدماء ويرتقي فيه الشهداء دون أي تأثير لجنود الاحتلال بإصابات جسدية، أتحدث هنا بالمنطق بعيداً عن العاطفة، فغزة يكفيها ما تعرضت له من حروب لم تجف دماء شهداؤها بعد، غزة التي تتعرض لحصار خانق وأزمات حياتية لا حصر لها وتفتقر لكل مقومات الصمود يجب أن تكون بمنأى عن أي هجمات إسرائيلية قد تتعرض لها في حال تصعيد حدة المواجهات فيها، كل ما تستطيع تقديمه غزة ينحصر في إنهاء حالة الانقسام والوقوف بجانب أهلنا في الضفة بالدعاء ورفع المعنويات.
لقد بت على قناعة بأن هذه الهبة الجماهيرية ستكون مكملة لما حققته الانتفاضتان السابقتان، فمنذ اندلاع هذه الهبة التي لم تتعدَ من الوقت أسبوعين بادرت دول أوربية وعربية بالاتصالات مع القيادة الفلسطينية في محاولة لاحتواء الموقف وتهدئة الأمور إلا أن الردود الرسمية تمثلت بأن يتم التوجه بالاتصالات إلى حكومة الاحتلال لثنيها عن ممارسة اعتداءاتها على القدس وتحديداً على المسجد الأقصى وإيجاد حلول سياسية قادرة على إقناع الشعب الفلسطيني، وهذا دليل جامح على أن هذه الهبة الشعبية جعلت الاحتلال في حالة هوس وتخبط، الأمر الذي دفع قادة الاحتلال بمناشدة الإسرائيليين بحمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس نظراً لتزايد حالات الطعن بالسكاكين، وهنا فعلى القيادة الفلسطينية دعم هذه الهبة الجماهيرية كي تضع العالم أمام مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية.
أما فلسطينياً فمن الواجب الوطني العمل على إنهاء حالة الانقسام الأسود وإعادة اللحمة الوطنية تتويجاً لنضالات شعبنا الفلسطيني واكراماً لأرواح شهدائنا الأبرار لأن الاحتلال لم يفرق بين أطياف الشعب الفلسطيني حسب الانتماء الفصائلي أو حسب الديانة فكل الشعب في دائرة الهدف الإسرائيلي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية