حسنا أعلنت فلسطين رفضها قرار "الفيفا" إقامة مباراة الإياب بين فريقها الوطني وشقيقه السعودي لكرة القدم ضمن التصفيات المزدوجة لكأس العالم 2018 وكأس أسيا 2019على أرض محايدة، التي كان مقررا إقامتها على أرض فلسطين, حتى ولو خسرت النقاط الثلاث.
الفريق السعودي رفض القدوم إلى فلسطين، مثل نظيره الإماراتي , تحت شعار رفض "التطبيع". وبالتالي رفض التعامل مع الاسرائيليين ولا رؤيتهم. نحن أيضا لا نريد رؤية عدو نحن ضحاياه ونحلم في اليوم الذي نرى فيه وطننا محررا وقد انصرف الاحتلال عن أرضنا وصدور شعبنا. مع أن للفريق السعودي مبرراته التي قد تكون وجيهة، إلا انه لم يترك لنظيره الفلسطيني فرصة تسوية هذه المعضلة، وأحال القضية على "الفيفا".
الفريق الفلسطيني يعرف أنه يواجه فريقا متكاملا مؤهل لبلوغ صدارة الفرق الأسيوية، ما يخوله الانتصار على الفريق الفلسطيني أو التعادل معه على الأقل خارج أرضه، لكنه يخشى مفاجآت اللعب على أرض الخصم مما يحرمه من النقاط الثلاث , سيما في ظل حضور مكثف متوقع لجمهور محلي يشكل حافزا لفريقه، بل قيل انه اللاعب الثاني عشر في الملعب حتى وان كان الخصم شقيقا سعوديا.
إلى هنا، اعتبر الناطق باسم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم تيسير نصرالله أن قرار "الفيفا" ظالم، وأن الموضوع يتعلق بكرامة شعب وأننا مصرون على اللعب في الملعب البيتي حتى ولو تم تجريدنا من النقاط الثلاث.
كان اللقاء تحت سقف الرياضه لكن الحسابات نأت به إلى أبعاد سياسية تحت عنوان "التطبيع"، وهو أمر مرفوض مع عدو قاتل مجرم، غير أن التطبيع المرفوض أيضا لا يتوقف عند سلوك رياضي أو فني او ثقافي بل يشمل نواح أخرى من الحياة. وفي المحصلة لا يأتي الفريق السعودي للعب مع فرق إسرائيلية.
ما استدعى اندهاشي خروج رئيس نادي الجزيرة الفلسطيني في غزة "علي النزلي" على رؤية الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ومجلس الشباب والرياضة والانتصار للفريق السعودي على حساب فريقه الوطني.
لا شك أن هناك إجماعا وطنيا على رفض التطبيع الرياضي وغيره مع الاحتلال, لذلك لم نشهد مباراة فلسطينية مع أحد الفرق الاسرائيلية، غير أن "النزلي" فسر لنا التطبيع بالانحراف عن المفهوم "هذا يتجسد بعدم قبول أي مواجهات فردية أو جماعية مع إسرائيليين" وكأن الفريق الفلسطيني صار يحمل علم الاحتلال. وراح " النزلي" يقدم لنا التفسير الواضح ب" أننا أصحاب قضية تقوم على الثوابت الوطنية مع غيرها " دون ان نعرف ما هو غيرها إن كان من حقنا أن نعرف ! وبلغ " النزلي " من الشفافية مبلغا دعا فيه المسؤولين الفلسطينيين إلى عدم إحراج الدول والمنتخبات العربية والإسلامية والضغط عليها من أجل عقد مباريات في الملعب البيتي الفلسطيني .!
يروى أن رجلا كان يرسم لوحة , فمر به رجل وأبدى ملاحظة على حذاء كان يرتديه شخص في اللوحة , فسأله الرجل عن مهنته فقال: اسكافي . فأخذ الرسام بنصيحة الاسكافي وعدّل من طول الحذاء , فاغتر الاسكافي برأيه وأبدى انتقادا لزي الشخص في اللوحة فقال الرسام :إن نقد الاسكافي يجب أن لا يتعدى عنق الحذاء .
أما وقد جاءت دعوة الكابتن "النزلي" عفوية دون اعتبار لمصالح حزبية أو سياسية فان مناقشة الفكرة ليست انتقاصا من قيمة رئيس نادي الجزيرة ولا التشكيك في رأيه أو من حضور ناديه في الساحة الرياضية الفلسطينية , لكن كان حريا به دعم الرؤية الوطنية وليس التشكيك فيها.
ترى ماذا لو طلب اللواء جبريل الرجوب أن تقام المباراة في القدس نفسها وعلى أحد ملاعبها وليس في ضواحيها، أليس من الأجدر ذلك خاصة في ظل معركة الأقصى؟ عندها لن نفاجأ عندما وقف كثير من المعارضين على ذيلهم وبدأوا بالصراخ والنواح ترافقهم كتائب الشتم الالكترونية بتوزيع اتهاماتها يمينا وشمالا. بالتأكيد سترى بعض الشيوخ المقيمين في العواصم التي يصول ويجول فيها الاسرائيليون وتعرض منتوجات المستوطنات في أسواقهم جهارا نهارا وقد رفع عقيرته بالصراخ يحذر ويتوعد، يخوّن ويكفر، وكأنه قد كُتب على الفلسطينيين أن يُتركوا وحدهم في مواجهة الاحتلال لإثبات أحقيتهم بوطنهم فلسطين، وأن ليس من حقهم مشاهدة مباراة عربية خالصة على أرضهم أو حرمان الفريق الوطني من دعم جمهوره ؟.
الايقاع السريع للازمات التي تعصف بالمنطقة العربية أحالت القضية الفلسطينية كلها إلى ذيل قائمة اهتمامات العالم، وفي ظل غياب رؤية للمشاكل الداخلية المستعصية مع استمرار الانقسام، فان شيئا من ذلك لن يكون مستبعدا .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد