عيسى: مشروع الدستور الفلسطيني تثبيت للشخصية القانونية للدولة
رام الله / سوا / قال الدكتور حنا عيسى، أستاذ وخبير القانون الدولي، "إن وثيقة الدستور هي احدى مكونات ركائز النضال الوطني الفلسطيني، وأحد اشكال سعي الفسطينيين لتعزيز وتثبيت دعائم واركان دولتهم العتيدة، بل يعتبر انجاز الدستور الفلسطيني الجاري احد اهم صور واشكال المعركة القانونية الدائرة مع المحتل بتثبيت الشخصية القانونية للدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال وممارسة حقه المشروع في تقرير المصير والسيادة على ارضه".
جاء ذلك خلال ندوة القاها، تحت عنوان "مشروع الدستور الفلسطيني"، نظمها مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان أمس الأحد 20/9/2015، في محافظة رام الله والبيرة، تناولت الحديث حول الدستور الفلسطيني، وأنواع الدستور، والأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير، ومبدأ سمو الدستور، والقانون الدستوري ومصادره.
وشدد القانوني عيسى، وهو عضو في لجنة الدستور الفلسطيني، "سعت اللجنة الى المراعاة والاهتمام بالخصوصية الفلسطينية بصياغة الدستور الفلسطيني عبر توجيهات عدة، اهمها ان تتم صياغة النصوص الدستورية بحيث تكون نصوصا لدستور دولة فلسطين وليست لدولة ناقصة السيادة وخاضعة للاحتلال. وثانيا التأكيد على الدور التاريخي لمنظمة التحرير الفلسطينية وضرورة المحافظة على استمرارية وجود وبقاء المنظمة بوصفها عنوان الشعب الفلسطيني النضالي وممثله الشرعي والوحيد واداة إعمال وتحقيق حقه المشروع في تقرير المصير".
وتناولت الندوة الحديث حول المبادئ العامة للقانون الدستوري، وقال، "يُعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها بدون التدخل في المعتقدات الدينية أو الفكرية، وبناء الوطن على العالمية والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الأُطر التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشؤون الداخلية والخارجية. والقانون الدستوري هو قانون وضع كبقية القوانين الأخرى وهو يختص بتنظيم جانب معين من النشاط في المجتمع".
وقال الدكتور حنا عيسى، "الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير تتم بإحدى طريقتين، الأولى هي الجمعية التأسيسية المنتخبة، حيث يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه ليقوموا بهذه المهمة، وأول من أخذ بهذا الأسلوب هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد استقلالها عن بريطانيا سنة 1776م".
وتابع، "الثانية هي الاستفتاء الدستوري، حيث يتم وضعه بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب أو بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض على الشعب في استفتاء عام ولا يصبح الدستور نافذا إلا بعد موافقة الشعب عليه، مثل الدستور المصري لسنة 2014".
وتحدث د. حنا، وهو أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات في ندوته، حول انواع الدستور، "تقسم الدساتير من حيث تدوينها أو عدم تدوينها إلى دساتير مدونة وغير مدونة، ومن حيث طريقة تعديلها إلى دساتير مرنة ودساتير جامدة، ومن حيث محتواها إلى دساتير مطولة ودساتير مختصرة، ومن حيث مدة عمل بها إلى دساتير مؤقتة ودساتير دائمة".
وتطرق لمبدأ سمو الدستور، وقال، "المقصود بسمو الدستور إنه القانون الأعلى في الدولة لا يعلو عليه قانون آخر، وقد نصت عليه أغلب دساتير دول العالم. وسمو الدستور يكون على جانبين أساسيين هما، السمو الموضوعي، ونقصد به ان القانون الدستوري يتناول موضوعات تختلف عن موضوعات القوانين العادية. وهذا السمو يستند على موضوع القواعد الدستورية ومضمونها والتي لا تنحصر في دساتير معينة بل موجودة في جميع الدساتير المكتوبة والعرفية جامدة أم مرنة".
واستطرد، "الجانب الثاني هو السمو الشكلي، ونقصد به ان القانون الدستوري هو القانون الذي نتبع في وضعه وتعديله اجراءات معينة اشد من الاجراءات اللازمة لوضع وتعديل القوانين العادية. وهذا السمو موجود في الدساتير المكتوبة الجامدة فقط".
وأوضح الدكتور حنا عيسى في الندوة التي نظمها مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان، حول إن كان وجود الدستور بذاته كفيل بقيام نظام حكم دستوري في أي بلد من البلدان، وقال، "التجارب التاريخية والواقع الحي الذي نعيشه تبين أن كل أنظمة الحكم في العالم بما فيها أنظمة الحكم الاستبدادية القمعية البوليسية تؤكد على حرصها في وجود كتيب أو كتاب أسمه (الدستور)، يوجد به أروع وأجمل ما عبرت عنه أشواق الإنسانية".
ونوه، "لكن في الممارسة على أرض الواقع يكون أبعد ما يكون عن نصوص الدستور، ولذلك فهناك مجموعة من الشروط التي يجب أن يخضع لها أي نظام حتى نقول بأن هذا النظام هو نظام دستوري أم لا وهذه الشروط هي أولا أن يخضع النظام الحاكم وحكومته لأحكام القانون وان تلتزم بها في تصرفاتها وبذلك فان الدولة التي لا يلتزم فيها الحاكم بحدود القانون ويخرج عليه يكون نظام حكم أستبدادى فاقدا لشرعية وجوده".
وتابع، "ثانيا عدم تركيز السلطة في يد الحاكم بحيث تقسم السلطات العامة في الدولة وتوزع بين هيئات مختلفة ومستقلة يحد بعضها سلطان بعض عن طريق الرقابة المتبادلة بينها والتي تمنع استبداد الحاكم وتسلطه. وثالثا: أن يكون الدستور مطبقا تطبيقا فعليا : بحيث تتشكل الحكومة وفقا لأحكام الدستور وشروطه وتباشر الاختصاصات التي منحها لها الدستور فإذا لم تتشكل الحكومة وفقا لأحكام الدستور أو مارست اختصاصات لم يمنحها لها الدستور يتنافى مع قيام النظام الدستوري وتصبح حكومة غير شرعية".
وتناول الدكتور حنا عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، مصادر القانون الدستوري، وقال، "منها رسمية (شكلية) بالتشريع، ويقصد به سن القواعد القانونية وإكسابها قوتها الإلزامية عن طريق سلطة مختصة وفقا لإجراءات معينة. وعادة ما تسمى هذه السلطة بالمؤسسة التشريعية. ومنها المصادر التفسيرية، (العرف)، ويمكن تعريفه بأنه السلوك أو التصرف الذي يطبق بشكل ثابت أمام مشكل معين كلما تكرر ذلك المشكل، باعتباره سلوكا واجبا و ملزما ".
واستطرد، " وبناءًا على ذلك فان العرف يتضمن عنصرين، عنصر مادي: وهو تكرار نفس الحل أمام نفس المشكل. وعنصر معنوي: و هو أن يتولد في ضمير الجماعة أو الهيئات الحاكمة شعور بأن ذلك السلوك أو ذلك الحل ملزم و هو قاعدة قانونية، وأن يكون هذا الشعور أو الاعتقاد راسخا مع الاقتناع أن مخالفة ذلك السلوك يترتب عنه الجزاء القانوني".
وتابع،" ومن المصادر، القضاء (السوابق القضائية)، والفقه، والدين، إذ إن الأديان التي تهتم بالمعاملات مثل الإسلام توجد فيها قواعد دستورية، ففي الإسلام نجد أن الشريعة الإسلامية كانت مصدرا لكافة القوانين، أما حاليا فهي تشكل مصدرا لقوانين الأحوال الشخصية وبعض الموضوعات في القانون المدني مثل الأوقاف".
ولفت القانوني عيسى، "يجب التفرقة بين العرف الدستوري والدساتير العرفية، فهذه الأخيرة هي مجموعة من العادات المتعلقة بالسلطة التي نشأت دون وجود نصوص قانونية سابقة لها في نفس المجال،مثلما هو الحال في إنجلترا. أما العرف الدستوري فهو ينشأ إلى جانب الدساتير المكتوبة إما لتكملتها أو تفسيرها أو تعديلها".