إن تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني والتي كانت مقررة في منتصف هذا الشهر لم يأتِ إلا بعد دراسة معمقة للحالة الفلسطينية على مختلف الأصعدة وبعد عدة طلبات بالإصرار على تأجيل انعقاده، وإن دل هذا فإنما يدل على مدى الحرص على إنقاذ القضية الفلسطينية من المخاطر الجسيمة التي تتهددها هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن للعقبات التي أعاقت واضطرت للتأجيل حجم كبير وتتمثل هذه العقبات في مقدار حالة اللاستقرار وعدم التوافق داخل البيت القيادي لحركة فتح أي في اللجنة المركزية لاسيما عدم التوافق على ترشيح الشخصيات التي ستمثل حركة فتح في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نظراً لرغبة الكثير من أعضاء اللجنة المركزية بترشحهم لعضوية اللجنة التنفيذية وهذا ما زاد من تعقيد اختيار أو انتخاب الشخصيات التي ستمثل حركة فتح مما دفع المزيد من طلبات تأجيل انعقاد المجلس الوطني.
لذلك فإن تأجيل انعقاد المجلس الوطني سيعود بالفائدة على حركة فتح أكثر من غيرها من الفصائل لاسيما أنه سيدفع القيادة داخل الحركة إلى بلورة موقف أغلبية مضمونه الاتفاق على من سيمثل الحركة داخل اللجنة التنفيذية ومن الناحية الأخرى تكون فرصة كبيرة لحركة فتح يجب أن تستغل بشكل جيد لإعادة ترتيب البيت الفتحاوي المتهاوي..
وأما فصائلياً فيبدو أن مقاطعة الجبهة الشعبية لحضور جلسة المجلس الوطني ومطالبتها بتأجيلها كان لها دور إلى جانب باقي الفصائل المنطوية تحت منظمة التحرير التي اتخذت الموقف ذاته وإن لم يكن بالدور الكبير والمؤثر.
أما على صعيد التأثير الدولي فهنا لا نقلل من حجم الضغط الدولي الذي وصل حد التهديد الأمريكي بوقف الدعم المالي لخزينة السلطة إذا ما أقدم الرئيس محمود عباس على عقد جلسة المجلس الوطني وتقديمه استقالته من كافة مناصبه السياسية أو حتى من رئاسة السلطة أو عدم ترشحه للجنة التنفيذية لما قد يحدث هذا الأمر من تأثيرات على المنطقة وعلى الساحة الفلسطينية والتي سيضعها في حالة من الإرباك والفوضى.
فلسطينياً فقد بات واضحاً أنه يتوجب على الجميع استغلال هذه الفترة لحين انعقاد المجلس الوطني استغلالاً جيداً ومناسباً لفتح صفحة جديدة من التاريخ الفلسطيني بتشكيل لجنة تحضيرية بمشاركة ممثلين عن كافة الفصائل والشخصيات الوطنية تكرس جل عملها لما يضمن نجاح الجلسة القادمة للمجلس الوطني، وفي نفس الوقت لابد من اجتماع الإطار القيادي الذي تم الاتفاق عليه ضمن بنود المصالحة الوطنية بين حركتي فتح و حماس وبحضور باقي الفصائل الوطنية والإسلامية وعليه تحمل مسؤولياته بوضع إستراتيجية سليمة تصلح لأن تكون قاعدة انطلاق بالمسار الصواب الذي سينتصر لقضيتنا الفلسطينية في ظل المتغيرات الإقليمية التي أدخلتها في حيثيات الجمود السياسي وهذا سيعيد لمنظمة التحرير الفلسطينية مكانتها السياسية والإقليمية في المنطقة بل في العالم كله ويؤكد على أن منظمة التحرير ما زالت هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي البيت الحاضن له بكل مكوناته بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي مما يعزز الوحدة الوطنية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية