عندما اندلعت المظاهرات السلمية في سورية، وبدأت ملامح الأزمة تتشكل، بعد دخول السلاح حلبة الأزمة، ظنّ الكثيرون وفي مقدمتهم النظام السوري، أن ما يحدث، لن يكون إلاّ شيئاً عابراً في تاريخ سورية، وأن بضعة أسابيع، أو قليلا من الأشهر، وتصبح هذه الأزمة العابرة، شيئاً من الماضي.

مرت سنوات طوال، زهاء خمس سنوات، خسرت فيها نسيجها الاجتماعي أولاً، ومكانتها الإقليمية ثانياً، وخسرت من أبنائها الملايين، إما قتلى ومعاقين، أو مهاجرين في أصقاع الدنيا. أصبحت الدولة السورية، عملياً، دولة فاشلة يتقاتل على جغرافيتها جيوش وفرق وعصابات، هي ليست سورية، وهنالك مؤشرات لاشتراك آخرين في القتال الدائر فوق الجغرافيا السورية.
ظنّ النظام السوري، ولا يزال، أن الحسم العسكري هو الطريق الأمثل والأقصر لحسم الصراع، فأنزل فرقه العسكرية للمدن والبلدات السورية، وسخر قوته الصاروخية على أنواعها، لضرب أهداف سورية فوق الجغرافيا السورية، وشارك سلاح الجو، بكامل قوته في عملية الحسم تلك.
لم تثمر الجهود العسكرية، بل ترتب عليها صراعات دامية، دمرت مدناً، ومهدت بل وشكلت حاضنة لرعاية أجنحة عسكرية منها داعش والنصرة وغيرها.
بذلت خلال سنوات الأزمة العجاف، جهود إقليمية وأخرى دولية، لمبادرات سياسية لحل الأزمة، لكنها لم تفلح في الوصول إلى أية نقطة تساعد على البدء بحل سياسي.
السوريون يتساءلون: لمصلحة من تلك الحرب، ومن أجل ماذا إهدار الأرواح والأموال والأسلحة والممتلكات على نحوٍ يصعب تصديقه أو استيعابه.
لماذا يقف المجتمع الدولي عاجزاً وغير قادر على الوصول إلى حل سياسي لتلك الأزمة. وهل عاد من الممكن أن يكون النظام، ممثلاً برئيسه طرفاً في أية عملية تسوية سياسية؟!!
تتفاوت الإجابات، وتتباين الرؤى، وتستمر الحرب بحق البشر والحجر، وتدمر الكيانية السورية، تاريخاً وحضارة ووجوداً واقتصاداً ومستقبلاً.
لم تعد سورية موئلاً للحضارة والثقافة والعيش الكريم، بل خزاناً للدمار والدماء والهجرة.
في ظل ذلك، أصبح السوريون، عرضة لاجتهادات دولية في استيعابهم، ضمن احتياجات دول أوروبية، وبالوسائل والطرائق التي يرغبون بها.
لعلّ المثل العربي القائل: «ضاعت الطاسة» أصبح أفضل مثل ينطبق على الأزمة السورية، بعد ضياع الطاسة، وما يترتب عليها من ضياع حقيقي يصيب الجميع. لم تعد الحظوظ بيد النظام وحده، للوصول إلى حالة استقرار في سورية، بل باتت بيد بوتين وأوباما والاتحاد الأوروبي وإسرائيل وغيرها من دول إقليمية.
يحاول النظام السوري، الظهور بمظهر القادر على إدارة الأزمة، وهو يتمترس بجزء من العاصمة دمشق، في وقت تسيطر فيه جيوش وعصابات مسلحة على أكثر من نصف الأراضي السورية، وفي وقت لا يتمكن فيه النظام من وقف الصواريخ والقذائف، من المعارضة والنصرة وداعش حتى على أحياء دمشق.
لم يعد النظام السوري، قادراً على ممارسة دوره، وباتت التجاذبات الإقليمية والدولية، هي الأقوى على وضع حد نهاية سياسية للأزمة القائمة.
في هذه الحالة القائمة هل هناك أية حاجة، كي يكون النظام طرفاً في الحل السياسي؟!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد