صحيفة تكشف صراع المصالح الاقتصادية في غزة

غزة / سوا / اثار اعلان وزارة الاقتصاد الوطني بغزة عن تمكنها قبل بضعة ايام من ضبط (204) أبواب “ملتي لوك” من انتاج مستوطنة “بركان”، ضجة اعلامية واقتصادية كبيرة في اوساط المواطنيين والقطاع التجاري الفلسطيني بغزة .

وكانت الوزارة اوضحت في بيانها انه تم تهريبها إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم “تحت ذريعة إدخال مواد لإعادة الإعمار” مستنكرةً هذا التصرف، مؤكدة رفضها “أن تستغل إعادة الإعمار لتهريب منتجات مستوطنات إلى غزة”.

الاقتصادية وانطلاقا من هذا الاعلان وما تسببه من حالة ارباك على الصعيد الاعلامي و الاقتصادي والاجتماعي قررت ان تحقق في التفاصيل التي يمكن ان توضح من خلالها للرأي العام حقائق الامور وما خلف الاخبار والاعلانات الصحفية .

و توصلت الاقتصادية الى مجموعة من الحقائق التي تحمل كثيرا من المؤشرات الدالة على صراع خفي يدور بين اقطاب القطاع التجاري في غزة، بحيث تستخدم مسألة محاربة منتجات المستوطنات الإسرائيلية كذريعة لكثير من الاوساط الاقتصادية في قطاع غزة، بهدف التنافس التجاري الغير شرعي بين بعض الشركات والمنتجات التي وافقت وزارة الاقتصاد على ادخال منتجاتها بصفتها منتجات اسرائيلية بشرط الا تكون مصنوعة داخل المستوطنات الاسرائيلية وبدون عوائق. (تصريح لوكيل وزارة الاقتصاد السيد حاتم عويضة لوكالة صفا المحلية

وأكد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني حاتم عويضه أنه تم ضبط ما يقارب الـ 204 باب من نوع “” multi lock مع مستلزماتها من “براغ وجلد معينة وكل ما يتعلق بتركيب الباب” من انتاج مستوطنة بركان علامة تجارية rav bariach على معبر كرم أبو سالم من الجانب الفلسطيني ، مشيرا الى أن دخولها كان تحت ذريعة دخول مواد للإعمارو قد تم إنزالها بالمعبر والحجز عليها

وأضاف في تصريحات صحفية : ” نحن قمنا بضبط الكمية وقمنا بتسليمها للشرطة وبإنتظار قرار النائب العام ، وتوصيتنا من قبل الوزارة والتي سنرفعها الى النائب العام أن يتم اتلاف تلك الكمية ،

ولفت عويضة الى أن ذلك النوع من الحوادث كان يحدث في المنتجات التي لها علاقة بالاستهلاك اليومي كالغذائية مثلا ، موضحا انه بعد أن أصدرت الوزراة تعليمات صارمة بخصوص تداول تلك السلع منذ سنوات أصبحت غزة خالية تماما من منتجات المستوطنات .

وتابع حديثه: ” هناك قرار صدر عام 2005 ينص على منع تداول سلع المستوطنات مطلقا وضبطها ومصادرتها وهو قرار مجلس وزراء وبالتالي أيضا بعد الانقسام كان تفعيل لتعليمات وقرارت وزارية بعدم اتخاذ أي سلعة من سلع المستوطنات ومصادرتها والعمل على اتلافها “، مشيرا الى أن معظم منتجات المستوطنات من المواد الغذائية التي تم ضبطها سابقا قبل عدة سنوات تم اتلافها من قبل وزارة الاقتصاد.

وناشد عويضة كل من له علاقة بجلب السلعة كمقاولين أو تجار على ضرورة تحري الدقة عند جلبهم سلع وبضائع لقطاع غزة وأن لا تكون من انتاج بضائع المستوطنات وهذا ينطبق على كل مفردات المنتجات الواردة الى قطاع غزة،

وأكد أن البعد الوطني هو الأساس في القضية ، معللا بقوله: ” لذلك لا يستهان بأي تاجر أو مقاول يجلب سلع المستوطنات نظرا أن البعد الأساسي هو بعد وطني والبعد الأخر أن لدينا منتجات سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة يمكن استبدالها والتعامل معها من خلال معرفة التاجر بذلك.

ومن خلال البحث الاولى للتصريحات الاعلامية الصادرة على لسان وكيل وزارة الاقتصاد بغزة حاتم عويضة تبين ان هناك عدم دقة في التعامل الخاص بتحديد المنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات تصريحات عويضة لموقع دنيا الوطن بتاريخ 29-8-2015 والتي قال فيها أن الابواب من نوع “” multi lock مع مستلزماتها من “براغ وجلد معينة وكل ما يتعلق بتركيب الباب” من انتاج مستوطنة بركان ، مشيرا الى انها تحمل علامةتجارية معروفة بـ ” rav bariach “.

فقد تحققت الاقتصادية وأثبتت أن شركة multi lock هي إحدى الشركات الصناعية الموجودة في “بركان”والمتخصصة في صناعة الاقفال والابواب وفقا لافادة قدمها الصحفي محمد شتية في نابلس لـ”الاقتصادية”، والتي كان يعمل معها أحد التجار المعروفين في قطاع غزة وكيلاً رسمياً في هذا المجال، إلى أن قررت شركة multi lock قبل عامين وبسبب الخسائر التي منيت بها نتيجة المقاطعة نقل مقر مصانعها إلى مدينة اسدود على ساحل الجنوب الإسرائيلي ولازال نفس التاجر وكيلاً لذات الشركة.

وتعد شركة ” rav bariach “ والتي مقرها مدينة المجل داخل الخط الاخضر احد اهم المنافسيين لشركة multi lock ولا تربطهما اي علاقة اقتصادية او استثمارية ،فيها موقفها من الاتهام

وأكدت وثائق وافادات رسمية حصلت عليها الـ”الاقتصادية ” عدم صحة ما نشر بخصوص مصدر الأبواب بأنها من مستوطنة بركان المقامة على أراضي منطقة سلفيت شمال غرب الضفة الغربية،

وتثبت الوثائق والافادات أن شركة الظافر الحاصلة على عقد بناء لتسعة بنايات في مدينة حمد السكانية المقامة في مدينة خان يونس ، قامت بجلب العينات الخاصة بابواب الشقق في تلك البنايات وعرضتها على اللجنة الاستشارية الخاصة بالمشروع القطري وهي المخولة باعتمادها او رفضها وفقا للمواصفات التي تطلبها.

ويقول محمد ابو مذكور صاحب شركة الظافر للاقتصادية :” لقد نظمنا زيارة لعدد من المهندسين الاستشاريين في المشروع القطري لمصنعين احدهم في الخليل والاخر في مدينة المجدل وهو مصنع ” rav bariach ” ، وتم اعتماد المصنعين ، وكان الخيار لي وفقا لتوجيهات الاستشاريين في التوريد من اي مصنع اريد.

من جانبه اكد ابو حسن مدوخ رئيس اللجنة الاستشارية للمشروع القطري زيارتهم لمصنع ” rav bariach “ في مدينة المجدل وانهم اطلعوا على سير العمل في المصنع والتطور التكنولوجي العمول به هناك ، رافضا الافصاح عن محتوى التقرير الذي اعده للجنة القطرية مبيناً ان الافصاح عن محتوى التقرير من شان اللجنة القطرية ذاتها.

وتشير وثيقة رسمية صادرة من شركة الظافر بغزة التي جلبت الأبواب تخاطب بها أحمد أبو عسكر مدير المشروع القطري من اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة ، طالبة التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لإدخال 195باب من نوع راف باريخ لإتمام مشروع مدينة سمو الشيخ حمد أل ثاني السكنية في مدينة حان يونس.

ووفقا لبيانات رسمية حصلت عليها الاقتصادية فان شركة rav bariach هي مصنع متخصص في صناعة الابواب والاقفال والوسائل الامنية ومقرها المنطقة الصناعية في مدينة المجدل ولديها موقع إلكتروني على الانترنت و أن المصنع ومخازنه وإدارته المالية والادراية في ذات المدينة.

كما أن الاوراق الثبوتية ذات العلاقة بالفواتير “المقاصة” الصادرة من الشركة لصفقة بيع الابواب تثبت بما لايدع مجالاً للشك أن كافة البيانات وأرقام الهواتف والعناوين الخاصة في الشركة تشير إلى مكانها الجغرافي في مدينة المجدل.

وإنطلاقاً من المهنية والتخصصية لجريدة الاقتصادية فقد تواصلت مع مالك المصنع في إسرائيل السيد سام دونر ستين وهو رئيس مجلس ادارة المصنع وطلبت رسمياً منه إرسال رد رسمي صحفي بخصوص هذه القضية.

ووصل الرد من الشركة الإسرائيلية يفيد بالتالي” أن كافة مصنوعات شركة راف برياخ المحدودة المسجلة 51460530 “إنتر إليا والابواب الأمنة والأبواب الحديد ومنتجات الأقفال” تصنع في مصنع راف برياخ في منطقة عسقلان الصناعية داخل الخط الأخضر وليس في أراضي الضفة الغربية(المقصود المستوطنات)”.

وقالت الشركة ” في المقابل فأن شركة ملتلوك المحدودة المسجلة برقم 520036583، وشركة ملتلوك للتكنولوجيا المسجلة برقم 510742190 لديها مصنع في منطقة بركان الصناعية الواقعة في المصانع الإسرائيلية في الضفة الغربية”.

وأكدت الشركة أن راف برياخ وملتلوك ليستا نفس الشركة وحقيقةً انها شركتان متنافستان.

وأتهمت الشركة احد رجال الاعمال بغزة (تتحفظ الاقتصادية على ذكر الاسم) كونه يشهر بها بعد فشله في الحصول على وكالة تجارية منهم ، متهمة ذات الشخص بانه يروج لشائعات تفيد بان منتجات rav bariach تصنع في مستوطنات مقامة على أراضي الضفة الغربية، بهدف محاولة تخريب تسليمها لغزة مؤكدةً أن منتجاتها تصنع في منطقة عسقلان الصناعية.

وكشفت الشركة للاقتصادية أن ذات رجل الاعمال يشتري منتجات ملتلوك التي يسوقها في غزة ” في مستوطنة بركان” وليس من راف برياخ واصفةً محاولاته لتخريب العلاقات التجارية باليائسة.

كما قدمت الشركة الاسرائيلية نسخة من فاتورة المقاصة الخاصة بتوريد الابواب وعليها كافة البيانات الرسمية ومن ابرزها عنوان وتلفونات المصنع والتي تشير بما لا يدع مجالا للشك بانها في مدينة المجدل وليست في نابلس.

نسخة من فاتورة التوريد حسب ماوردت للاقتصادية من المصنع في المجدل

وفي السياق نفى مدير شركة الظافر محمد أبو مذكور أن تكون شركته قد جلبت الأبواب من مستوطنة بركان مشيراً إلى أنهم جلبوها من مصنع في مدينة المجدل بعدما أطلعوا اللجنة الاستشارية التابعة للقطرين في جولة على مواصفات منتجات مصنعين الأول في الخليل والثاني في المجدل مؤكداً أن الاستشاريين أبدو رضاهم التام عن منتجات المصنعين.

وشدد أن شركته حصلت على تصريح رسمي بإدخال الأبواب من رائد فتوح وأن اللجنة القطرية نسقت مع وزارة الاقتصاد لذات الغرض.

ونوه إلى أن رائد فتوح تلقى إتصالاً قبل يوم من دخول الابواب من احد المسئولين بالوزارة مطالبا فيه فتوح بايقاف التنسيق وعدم إدخال الأبواب، كما وصل وفقا لابو مذكور للشركة من خلال وسطاء اخرين ذات الرسالة وفي نفس الوقت وهو “بلاش مشاكل وما تجيبوا الابواب”.

بدوره قال حسام نور الدين صاحب شركة نور الدين للنقل إنه نقل الأبواب لصالح شركة الظافر من خلال سائقه أيمن أبو الأسد من أرض المصنع في مدينة المجدل وصولاً لمعبر كرم أبو سالم.

من جهته رفض رئيس اللجنة الاستشارية التابعة للقطرين أبو حسن مدوخ الحديث في تفاصيل التقرير المقدم من قبلهم للجنة القطرية بعد تأكيده لزيارتهم للمصنع في مدينة المجدل، وقد حصلت الاقتصادية على نسخة من التقرير الخاص بزيارة الاستشاريين للمصانع في الخليل والمجدل،

وفي السياق قالت مصادر متخصصة في استيراد وبيع الأبواب والأقفال لـ”الاقتصادية”إنه في الوضع الطبيعي للمشاريع المنفذة عبر جهات دولية فأن الجهات القائمة عليها هي من تنسق للمنفذين مع المؤسسات المعنية بإدخال أي مواد لازمة للمشاريع لأنها لا تكون ذات بعد تجاري.

وأضافت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها أنه حسب المعلومات المتوافرة لديها فأن شركة الظافر حصلت على تنسيق لإدخال الأبواب من رئيس لجنة التنسيق لإدخال البضائع رائد فتوح لصالح المشاريع القطرية، مرجحةً وجود أسباب شخصية تقف وراء المنع، قائلة” هناك طرف يحاول منع أي أحد من الاستيراد من إسرائيل للتسويق لمنتجه الذي لا يتوافق مع المواصفات التي تطلبها اللجنة القطرية”.

وأكدت المصادر أن شركة الظافر اصطحبت وفداً من الاستشاريين القطرين لإطلاعهم على موصفات الأبواب في مصنعين الأول في الخليل والثاني في المجدل والذين بدورهم أبدو الموافقة على جلبها، مؤكدةً أن اللجنة القطرية أخبرت الشركة أنهم سيتواصلون من وزارة الاقتصاد.

وأشارت إلى أن ما حدث هو أقرب للمناكفات بحجة كيف تأتي بأبواب دون التنسيق معنا، نافيةً أن تكون شركة الظافر قد جلبتها من مستوطنة بركان.

من جانبه قال مدير معبر كرم أبوسالم في الجانب الفلسطيني منير الغلبان :”إن الأبواب المضبوطة تم التثبت من أنها من بضائع المستوطنات عبر وزارة الاقتصاد بغزة ، مشيراً إلى أنه لم يكن هناك أي بلاغ مسبق من الوزارة لإيقافها، قبل دخولها للقطاع”.

وفي ذات السياق أكد مدير معبر كرم أبو سالم في الجانب الإسرائيلي نيسم جان أن شحنة الأبواب التي قامت بمصادرتها وزارة الاقتصاد بغزة مصدرها مدينة المجدل نافياً أن تكون من مستوطنة بركان الإسرائيلية

واضاف في تصريحات خاصة لـ”الاقتصادية: :” انه تلقى اتصالا قبل يومين من دخول الابواب من احد التجار في غزة دون ان يعرف عن نفسه عبر الهاتف يستفسر عن دخول الابواب ومواعيد الشحنة” ، مرجحاً ان الامر قد لا يعدو كونه منافسة غير شريفة بين التجار في غزة.

ويقول ابو مذكور في اطار حديث مطول مع الاقتصادية :” هذه الابواب ليست لي وانا لست تاجرا في مجال الابواب ، وان هذه الابواب نسق لها ووافق عليها المشورع القطري وانا بصفتي مقاول منفذ في المشاريع القطرية اطبق كل ما يوافق عليه المشروع القطري”.

واشار الى بيانات وزارة الاقتصاد في غزة والتي تتهم شركته بالتهريب والترويج لمنتجات المستوطنات بالقول:” هذه اتهامات باطلة ولا اساس لها من الصحة ، واتحدى الوزارة وكل الذين خرجوا في بيانات صحفية ان يثبتوا ان الابواب التي جلبتها لغزة بمعرفة المشروع القطري كان مصدرها مستوطنة بركان في نابلس”.

وهدد ابو مذكور بمقاضاة وزارة الاقتصاد بتهمة التشهير والتحريض ضد الشركة، مشيرا الى انه لن يقبل الافراج عن الابواب المصادرة قبل تقدير اعتذار رسمي لشركته عبر وسائل الاعلام .

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد