لست بطلة على الإطلاق، لكن بين حين وآخر أحب لعب دور البطولة، وضوح أبجدي من الألف إلى الياء، الاقتراب من «التابويات»، الذهاب نحو الخطوط الحمر؛ السياسية او الفكرية والاقتراب من المقامات العالية.

فقد علمتني مدرستي الأولى صفق الأبواب في وجه الرياح القادمة، وأن أمشي بالقرب من الجدران الصماء. لست بطلة، لكن جلدي يراود أصابعي عن نفسها، والصمود واحتمال بعض المضايقات واحتمالات التعرض للتهديد والوعيد، وهو أمر أصبح اعتيادياً تناقله في الأوساط السياسية، في بلد تتناقل القصص والشائعات.
وفي مقام عقد اجتماع المجلس الوطني منتصف أيلول القادم، أتساءل عن سبب إقلاع التنظيمات المناضلة عن لعب الدور البطولي في المضي الى النهاية في رفض عقد دورة المجلس، لأنها لم تُستَشَر في عقدها، تم الضرب بعرض الحائط بمبدأ الحق في المشاركة بإقرارها وتحديد جدول أعمالها المستجيب لمتطلبات المرحلة وبرنامجها النضالي، وباسم انها ترى أن انعقادها سيأتي بمخاطر متدحرجة.
لماذا أقلعت التنظيمات عن رفع البطاقة الحمراء في وجه كل ما يتعارض مع المصلحة الوطنية وفقا لرؤيتها وقناعاتها. هل من خسارة فادحة إنْ غادرت مواقعها في اللجنة التنفيذية، احتجاجا على إقصائها عن القرار والاستعاضة عن دورها بمجموعات عمل خلفية.
لقد مارست التنظيمات سياسة المقاطعة كأحد أشكال الاحتجاج على التفرد بالقرار أو التجاوز على حقها في المشاركة. لقد قاطعت قوى اليسار دورة المجلس الوطني في عمان 1985، وكذلك فعلت في جلسة المجلس الوطني في غزة المخصصة لإلغاء بنود الميثاق.
لقد كان للمقاطعة في ذلك الزمن الجميل هوية ثورية ونضالية، تنير الدرب وتسهم في رفع الوعي الشعبي وتشكيل الرأي العام وفرز المواقف، وفي تحديد التخوم بين القوى السياسية وتنوع رؤاها وسياساتها. وبما يضع قيداً على الموالاة ويكبح اندفاعها في قرارات انفرادية غير متوافق عليها، خشية توسيع الشقة بين المواقف ودفع الأمور للمواجهة، كما يضع حدوداً للمعارضة في تحديد مكان النقطة في آخر السطر.
لست بطلة، ولكن يحق لي التساؤل إنْ كان صائبا عقد اجتماع المجلس، وإن كانت الخطوة تخدم عملية إصلاح وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها انطلاقا من الدعوة إلى دورة إشكالية منذ البداية، وإن كانت الخطوة تنسجم مع حصيلة مخرجات اجتماعات لجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية والالتزام بنتائجها.. وإن كان الاجتماع يأخذ باعتباره حالة الاختزان والاحتقان الجماهيري.. وإنْ كانت الخطوة تسهم في تعزيز الانقسام أو تستخدم ذريعة للمضي نحو تكريسه.
كما يحق للجميع التساؤل حول ماهية المجلس المركزي المأمول خروجه من مجلس لم تتجدد عضويته منذ عشرين عاما. ومن هي اللجنة التنفيذية القادرة على تفعيل دور المنظمة التي ضحى خيرة شبابنا وشاباتنا بدمائهم وحريتهم من اجل انطلاقها وترسيخها وإعلاء صوتها، محلياً وإقليمياً ودولياً، بحياتهم. فالجود من الموجود!.
الإفراط في الواقعية وزيادة معدلاتها يخرج أصحابها من الواقع وتحدياته ومخاطره، بما فيها من تطويع النظام الأساسي للمنظمة لخيار عقد الاجتماع. الأصل في الموقف الواقعي والصحيح إفشال انعقاد الدورة وهذا صعب في ضوء المجريات، ولكن الخيارات واسعة أمام قوى المعارضة في ظل تشخيصها لطبيعة ما يُراد من الاجتماع الانتخابي.. ومن هذه الخيارات المفتوحة، الذهاب الى الدورة العادية ومقاطعة الدورة الاستثنائية، دخول المجلس المركزي والامتناع عن دخول اللجنة التنفيذية.. إعطاء الشرعية للمنظمة والاحتجاج على أدائها السياسي والتنظيمي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد