لبنان: قتيل وأكثر من 70 مصابًا في اشتباكات الليلة الماضية

بيروت / سوا / توفيّ متظاهر لبناني صباح اليوم متأثرًا في جراحه بعد أن أصيب أمس إصابة خطرة في رأسه، فيما أصيب أكثر من 70 متظاهرًا في اشتباكات وقعت بين المتظاهرين وقوى الأمن اللبنانية وسط بيروت.

وشهد وسط بيروت لليوم الثاني على التوالي مواجهات بين محتجين على استمرار ازمة النفايات والقوى الامنية تسببت بإصابة أكثر من سبعين شخصًا بجروح، ما يزيد الضغط على الحكومة العاجزة عن اتخاذ أي قرار بفعل الانقسام السياسي.

وقالت مصادر إعلامية محليّة إن حملة "طلعت ريحتكو" أجّلت التظاهرة التي كانت قد دعت إليها عند الساعة السادسة مساء اليوم، ولم تعلن عن الأسباب التي قالت إنه "سيعلن عنها لاحقًا".

وبدأ الاعتصام الذي دعت إليه حملة "طلعت ريحتكم" المكونة من ناشطين في المجتمع المدني، بشكل سلمي بعد ظهر الأحد، احتجاجًا على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان منذ أكثر من شهر.

وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة ان 43 متظاهرا على الاقل نقلوا الى خمسة مستشفيات للعلاج بعد اصابتهم بحالات اختناق، فيما تلقى نحو مئتين اسعافا اوليا من دون حاجة لنقلهم الى المستشفى.

من جهته، افاد مصدر أمني أن ثلاثين عنصرًا من قوات الأمن أصيبوا خلال المواجهات، أحدهم في حالة حرجة.

وتسبّبت مواجهات مماثلة السبت بإصابة 16 شخصًا على الأقل بجروح وفق الصليب الأحمر فيما أعلنت قوى الأمن الداخلي إصابة أكثر من 35 من عناصرها.

ومع تصاعد المواجهات الأحد، دعا منظمو التحرك المعتصمين السلميين إلى التوجّه نحو ساحة الشهداء المجاورة وترك ما سموه المجموعة "المندسة" التي قررت مواجهة القوى الأمنية.

وعلى الإثر، شهدت الطريق المؤدية من ساحة رياض الصلح إلى ساحة الشهداء حالة من الفوضى والكر والفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي تقدّمت باتجاه مسجد محمد الأمين وألقت القنابل المسيلة للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين.

وقال جوي أيوب، أحد منظمي التحرك إنه "لا علاقة لنا بهذه المجموعة المندسة التي تشتبك مع القوى الأمنية"، مضيفًا "نحن انسحبنا من ساحة رياض الصلح حيث وقعت المواجهات وتوجهنا إلى ساحة الشهداء لنثبت أن لا علاقة لنا بهذا العنف ولنؤكد سلمية تحركنا".

وكان الآلاف من اللبنانيين بينهم نساء وأطفال ومن مختلف المناطق والفئات العمرية توجّهوا بعد ظهر الأحد إلى ساحة رياض الصلح للمشاركة في الاعتصام الاحتجاجي أمام السرايا الحكومية. ورفع المعتصمون الإعلام اللبنانية واللافتات المنددة بأداء الحكومة والقوى السياسية مرددين هتافات "الشعب يريد اسقاط النظام" و"حرية حرية" و"ثورة ثورة".

وقالت الكسندرا حاج (20 عاما) إنها "المرة الأولى التي ننزل فيها إلى الشارع تحت عنوان حضاري ولبناء بلد، أهلنا خاضوا حروبًا لكننا اليوم هنا معًا مسيحيين ومسلمين" متسائلة "هل يعقل أن نترجى دولتنا لنحصل على الإنماء وإعادة التدوير؟".

ودعت جمانة سليمان وهي ربّة منزل من بلدة عبرا في جنوب لبنان المسؤولين إلى القيام بواجباتهم. إن معالجة أزمات "النفايات والكهرباء والماء هي من مسؤوليات الوزراء والمسؤولين، وهذه حقوقنا الأساسية التي يجب أن نحصل عليها".

وكان رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، أقر في وقت سابق الأحد بأن "التظاهر السلمي حق دستوري، وعلينا أن نحميه وأن نواكبه وأن نكون جزءًا منه لا ان نكون في الضفة الأخرى أو خارجه".

وقال في مؤتمر صحافي إن "ما حصل أمس لا يمكن لأحد أن يهرب من تحمل مسؤوليته، وخصوصًا ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني".

واعترف سلام بعدم وجود "حلول سحرية" في ظل التجاذبات السياسية القائمة في لبنان، وقال "قصة النفايات هي القشة التي قصمت ظهر البعير لكن القصة أكبر بكثير وهي قصة النفايات السياسية في البلد والتي تلبسها كل المرجعيات والقوى السياسة".

ويرأس سلام حكومة تضم ممثلين عن غالبية القوى السياسية وتتولى بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 أيار/مايو الماضي.

لكن جلسات مجلس الوزراء الاخيرة شهدت توترًا بسبب خلاف حاد بين القوى السياسية على جملة ملفات حياتية سياسية وأمنية وكيفية تقاسم الحصص بينها.

ودعا سلام مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل لبت "مواضيع ملحة وحياتية لها علاقة بالناس"، مبديًا استعداده للقاء وفد ينتدبه المعتصمون بالقول إنه "مستعد للجلوس معكم والتحاور معكم، لا شيء لدي أخبئه أو أحتال به على أحد".

ورد منظمو التحرك الاحتجاجي على بيان سلام مطالبين إيّاه بالاستقالة فورًا "باعتباره جزءًا من السلطة" المسؤولة عن تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في لبنان.

في موازاة ذلك، كلّف وزير الداخلية نهاد المشنوق الأحد المفتّش العام لقوى الامن الداخلي العميد جوزف كلاس إجراء تحقيق حول ما جرى مساء السبت "بين المتظاهرين وقوى الأمن الداخلي وغيرها من القوى العسكرية"، على أن يكون "التحقيق جاهزًا خلال 42 ساعة".

وطلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إجراء تحقيق بشأن ما حصل و"تكليف أطباء شرعيين بالكشف على المصابين تمهيدًا لوضع تقارير مفصلة عن هذه الاصابات ولتحديد نوعية القذائف التي أصيب بها المدنيون".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد