استيقظ من غيبوبة الموت، فاجأ الاطباء والسجانين والمنجمين ونظريات الموت المتعددة في دولة اسرائيل، عاد حيا، صحا من رحلته الى الآخرة، ايقظه هتاف الحرية العالي، وصوت امه النبوي المشحون باليقين والحب والحليب.

الاسير محمد علان عاد حيا، ولم يصدق طبيب الصليب الاحمر رائد ابو ربيع عودته الى الحياة بسرعة واندفاع، لم يصدق ان دمه لا زال ساخنا، وأوردته تخفق بالماء والعطش، وتسيل جمرا وزفرات، ولم يصدق ان رائحة ورد تفوح من الجسد المتآكل، تراب على اليدين، ونور في العينين، وابتسامة ابعد من الجدار، واوسع من الفضاء.

الاسير محمد علان عاد حيا، كسر بإرادته الاسطورية قانون الاعتقال الاداري، وكسر بروحه العنيدة قانون التغذية القسرية، وقال لهم: جئتكم الى عقر داركم، الى معسكركم الحربي، إما ان اكون شهيدا او اكون حرا، ولكن لن اكون اسيرا، ولن اكون ذليلا ، ولن اكون سوى ما ارادته لي امي وابجديات الهوية، وضوء في السماء يرفعني وارفعه، وليس في مقبرة.

الاسير محمد علان عاد حيا، لا بقرار من محكمة، ولا بقرار من سيد المجزرة، وانما ببطولته الفدائية، وتصميمه على الحرية، كان يعيش الغد بفرح ويطوي ليلا مضى، وكان يحصي الايام الآتيات بأحلامه، خارج حدود العنصرية المتطرفة ومقصلة السجان.

الاسير محمد علان عاد حيا، خطوة الى الامام، رسالة ساخنة الى دولة تتضخم عسكريا وفسادا، يقول لكل الجنرالات في اسرائيل : اننا الشعب الوحيد في الكون، نموت لنحيا، ونحيا لنموت، نترك شهدائنا على بوابات القيامة خبزا للحالمين بعدنا، وللعابرين الى حق تقرير مصيرهم عاما وراء عام.

الاسير محمد علان عاد حيا، سقط قرار ابعاده الى خارج الوطن، وسقطت المراهنات على موته في فراغ صامت دون مشيعين، وسقطت الاكاذيب العديدة لجهاز الامن الاسرائيلي وملفاته السرية.

الاسير محمد علان عاد حيا، يحمله الناس من كل اقطاب الارض، يزفه الضوء والغيم والفقراء في نابلس ، ي فتح التابوت: هنا محاكم غير عادلة، هنا قوانين عنصرية ظالمة، هنا مرضى واطفال ووجع لا ينتهي في السجون والمعسكرات، هنا هيجان الصيف والاضلاع والصلوات الخمس، وهنا جريمة منظمة تنتشر من فلسطين الى الامم المتحدة.

الاسير محمد علان عاد حيا، تجاوز حدّ المعقول، وهو يروي حكاية معركة بين الفراشة والدبابات في مستشفى برزلاي الاسرائيلي، وتحت سقف الاسلاك الطبية ورائحة الموت والدماء، تغلب سلامه الانساني على سلام الموت والقتل والحرب والكراهية.

محمد علان عاد حيا، يجب ان يعيش، ممنوع لأي كان ان يقامر بحياته، لازال كتاب المرافعة امامه مفتوحا كمحامي، يقرأ اوجاعه على القضاة الدوليين، وهو يشير الى المجرمين واحدا واحد ، ذاكرته تخرج من قفص الحديد.

الاسير محمد علان عاد حيا، خذوا اوجاعه وانشروها في فضاء الدنيا، ربما عندما تستيقظ الضحايا يوما، ستجدونه في القدس فوق العتبات المقدسات ، وفي الآيات المنقوشات بأرواح الشهداء يصلي، في دولته الحرّة وفي هواء العاصمة، في زفاف الفجر وطلة الملائكة.

محمد علان
نم هادئا
وانهض هادئا
كالخواطر عالية
كالجوع في السجن
ينتزع الموت
ويرفع السارية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد