قال: «نسي الإسرائيليون حقيقة تاريخية، في الوقت الذي يطرد فيه جيشُ إسرائيل حزبَ الله من جنوب لبنان والحقيقة هي: إن ما يسمى جنوب لبنان هو في الحقيقة شمال إسرائيل، اسم لبنان يعود إلى قرن مضى فقط وضعه المستعمرون البريطانيون والفرنسيون في اتفاقية سايكس بيكو العام 1916م، بينما الحقيقة هي أن صيدا، أو صيدون مدينة يهودية ورد ذكرها في سفر التكوين: (كانت حدود كنعان من صيدون نحو جرار إلى غزة ) صيدون (صيدا) هبة من الرب لإسرائيل في سفر يهوشوع، وفي شرح التلمود، صيدا، وصور مدينتان إسرائيليتان، في صيدا مقبرة يهودية تراثية يحج لها اليهود، وهناك قبر النبي صفنيا في جبل صافي، وهناك أقدم كنيس يهودي في صيدا في حارة اليهود».

النص السابق كتبه، ميشيل فروند مستشار مكتب نتنياهو، والصحافي الصهيوني الحاصل على جائزة مسكوفتش وجائزة القدس في صحيفة الجيروسالم بوست 18-11-2024م!

أشار الكاتب كذلك إلى جمعية استيطان جديدة ظهرت حديثاً، اسمها، يوري تسفون، وتعني يقظة الشمال، هذه الجمعية اليمينية هدفها إعادة استيطان جنوب لبنان، على غرار المؤسسة الاستيطانية الكبرى، (يشع) وهي المؤسسة الاستيطانية الكبرى لاستيطان الضفة وغزة، مع العلم أن كاتب المقال هو مؤسس جمعية «شافي إسرائيل» المسؤولة عن اكتشاف القبائل اليهودية العشر المفقودة في العالم، وقد اكتشف قبيلة في الهند هي قبيلة بني منشة في مدينة أمانبور الهندية، تمكن هذا الكاتب من تهجير معظم أفرادها إلى إسرائيل!

تمتد جذور هذه العقيدة الاستيطانية المسيحانية إلى عقيدة الكنيسة المسيحانية الإيفانجيلية، فمعظم المسيحانيين الصهاينة يؤمنون بأن عودة الماشيح مرهونة بانتصار إسرائيل وتأسيس أرض الميعاد، لذلك أسس هؤلاء المسيحانيون جمعية لدعم إسرائيل، وهي مسيحانيون لنصرة إسرائيل، ويمكن متابعتها عبر شبكة الإنترنت بكتابة اسمها CUFI وهي تضم أكبر تجمع داعم بالمال لإسرائيل، ويتجاوز عدد أعضائها عشرات الملايين، وهم من أكثر الداعمين للحزب الجمهوري الأميركي، أي أن الرئيس الجديد، دونالد ترامب هو الناطق الرسمي والمبعوث الإلهي لتحقيق عقيدة هذه الكنيسة، مع العلم أن نتنياهو يواظب في كل المناسبات على تقديم الشكر والامتنان لهذا التجمع المسيحاني الصهيوني!

إن حركة (غوش إيمونيم) هي أقوى أسلحة الاستيطان في إسرائيل، فهي تعتبر الاستيطان من أهم أركان الشريعة اليهودية، إن (غوش إيمونيم) أي كتلة الإيمان هي وريثة حركة مزراحي الصهيونية والأب الروحي لحزب المفدال الديني الصهيوني، هذه الحركة الاستيطانية دعت العام 1982م أثناء حرب لبنان إلى إعادة احتلال لبنان لتحقيق النبوءة المسيحانية الاستيطانية، أشارت هذه الكتلة إلى أن لبنان موطن، قبيلة، أشير وهي من القبائل اليهودية العشر المفقودة حتى اليوم.

الاستيطان عقيدة دينية توراتية تعود جذورها ليس لهرتسل بل لمعلم هرتسل الحاخام موشيه بن نحمان المولود العام 1194 المتوفى العام 1270م وهو قد أصدر أشهر الفتاوى الدينية في القرن الثالث عشر الميلادي، أفتى بأنه يجوز للرجل اليهودي أن يُطلق زوجته إذا رفضت الهجرة إلى فلسطين!

أما الحاخام يهودا القلعي المتوفى العام 1878م فهو الذي نفذ مشروع تأسيس صندوق جمع التبرعات لاستيطان أرض الميعاد، على يد تيار الصهيونية الدينية، حصر الإيمان بالشريعة والتوراة في ثلاث مراحل من التوبة؛ التوبة الأولى هي توبة الخوف والشتات في أرض الأغيار، والتوبة الثانية هي توبة الأرض والاستيطان، ثم التوبة الثالثة وهي توبة الحب الأخيرة وهي التوبة في عهد عودة الماشيح!

أما سياسيو الحريديم المشاركون في حكومة نتنياهو وأبرزهم، إيتمار بن غفير وسموترتش فهم يرون أن هذه الحرب هي أهم وآخر حروب إسرائيل وهي المقدمة لحرب يأجوج ومأجوج، لذلك يطالبون الجيش بأن يستمر في هذه الحرب ويرفضون أي اتفاقية لوقفها، وهم يعتبرون نتنياهو مبعوثاً إلهياً وأحد ملوك بني إسرائيل لتنفيذ المهمة على الرغم من أنه ليس حريدياً خالصاً، وقد احتفلوا بنجاح خطة تفجير أجهزة البيجر التي يملكها أنصار حزب الله واعتبروها النصر الأول، يلي هذا النصر إعادة استيطان لبنان، كل ذلك مقدمة لعودة الماشيح!

تيار إعادة استيطان لبنان تيار قوي في إسرائيل يضم الحاخام إسحق غينزنبورغ، رئيس المدرسة الدينية يوسيف حاي، هذا الحاخام من أبرز كتاب (توراة الملك) وهو أبشع كتاب عنصري، أفتى فيه مؤلفو الكتاب العنصريون بجواز قتل الأطفال والمواليد من غير اليهود (الغوييم) لأنهم سيكبرون على كره إسرائيل ومحاربتها!

دعا هذا الحاخام في شهر أكتوبر 2024م إلى اعتبار لبنان كله أرضاً يهودية مسلوبة من أرض إسرائيل الكبرى، وإعادة استيطانها من جديد هو مقدمة لمجيء الماشيح!

كذلك لم تغب فكرة استيطان لبنان عن الباحثين والأكاديميين الإسرائيليين فقد اعتبر يوئيل إليتسور، البروفسور في جغرافية أرض الميعاد في الجامعة العبرية العام 2015م وكان مشاركاً كضابط في حرب 1982م اعتبر أرض لبنان جزءا من إسرائيل، وكان يوثق الأحداث بناء على هذه العقيدة.

من يتابع القناة 14 الإسرائيلية الموالية لحكومة نتنياهو يكتشف بسهولة أنها تكرس برامجها لاستيطان لبنان، منذ اليوم الأول لإعلان الحرب على حزب الله!

مع العلم أن عقيدة إعادة استيطان لبنان ظهرت عند مؤسسي إسرائيل الأوائل ممن كانوا يسمون يساريين مثل بن غوريون، فقد اقتنع بن غوريون بأن استيطان لبنان ضروري لإسرائيل لذلك سعى إلى تقسيم لبنان بين الإثنيات والأديان لغرض تسهيل احتلاله، ولكنه لم ينجح نجاحاً كاملاً في خطته، وقد بحث ذلك مع وزير خارجيته، موشيه شاريت، واتفق الاثنان على مواصلة الجهود لشق لبنان وتقسيمه!

اعتبر المتزمتون الحريديم، أن فشل بن غوريون في إعادة احتلال لبنان يعود إلى أن الحكومة اليسارية كانت لا تهتم بالتوراة ولا تطبيق الشريعة اليهودية!.

المصدر : وكالة سوا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد