الفقر الشديد يحرم الفتاة "بربخ" من إكمال حلمها
غزة / خاص سوا/ لم يكن حلم نجوى بربخ(20 عاما) منذ صغرها كبيراً ومعقداً، بل كان بسيطا كبساطة حياة تعيشها وأسرتها المكونة من 11 فردا في أحد أحياء مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
نشأت نجوى في أسرة فقيرة تفتقد إلى أدنى متطلبات الحياة، كل ما تملكه هو أسمها فقط ، لا شهادة ميلاد، ولا وثيقة تثبت هويتها، حتى أن وضع أسرتها السيئ لم يمكنها من الالتحاق كأقرانها بمقاعد الدراسة، حتى بلغت التاسعة من عمرها.
تقول نجوى "كانت تخرج أمي صباح كل يوم لتعود في المساء، تحمل معها ما تبقى من طعام أسر مستورة أو ما استطاعت أن تحصل عليه من ملابس بالية لم تعد تلك الأسر بحاجتها".
وتضيف نجوى " لم أشعر للحظة بالأمان في بيتنا، فلا باب يغلق علينا ولا طعام نسد به جوعنا ولا ملابس نظيفة تسترنا ".
كانت تخرج نجوى وشقيقتها الكبرى يوميا يرتدين زيا مدرسيا باليا، قد جلبته لهن أمهم، بالرغم من أنهن لم تلتحقا بالمدرسة، فيقفن بحزن أمام إحدى مراكز رعاية الأطفال المجاورة لبيتهن، ينظرن من خلف الأسوار لأطفال يلهون، ويكتبون، ويرسمون.
"أليس باستطاعتي أن أكون منهم ، أليس من حقي أن ألعب وأتعلم مثلهم ؟ دائما ما كانت تراودني تلك الأسئلة ".
أسئلتها الكثيرة وحيرتها اليومية دفعتها وشقيقتها للمجازفة والدخول إلى ذاك المكان، حيث تقول مديرة مركز نوار التربوي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، نجوى الفرا :"كانت نجوى وهي في التاسعة من عمرها تأتي يوميا هي وشقيقتها إلى المركز ينظرن إلى الأطفال حتى دخلن والتحقن بمجموعات المركز" .
وتضيف " تفاجأنا بالمركز حين كانت تأتي يوميا هي وشقيقتها، تلبس زيها المدرسي لكنها لا تتوجه إلى المدرسة وتقضى ساعات النهار كامله داخل المركز" .
وتتابع " تواصلت مع كل المدارس الموجودة في محيط بيتها ولم أجد أسمها في سجلات الطلبة المسجلين فيها، فحاولت استدعاء والدتها فعلمت حينها أن أسرتها لا تعلم الأطفال ولا تلحقهم بأية مدارس بحجة الفقر وسوء الحال ".
حاولت الفرا جاهدة أن تسجل الشقيقتين في أحدى المدارس وخصوصا أنها لاحظت علامات الذكاء عليهن وحبهن الشديد للرسم والكتابة والدراسة بالرغم من تجاوزهن السن القانوني لدخول الصف الأول الابتدائي، لكنها بصعوبة بالغة تمكنت من الحاق نجوى بالصف الأول الابتدائي في حين أن شقيقتها الكبرى التي كانت تبلغ 12 عاما لم يسعفها الحظ بدخول المدرسة .
وتوضح الفرا أنها كانت ومعلمات المركز يتابعن نجوى خلال دراستها ويلاحظن التطور في مستواها التعليمي وتحصيلها الدراسي.
تفاجأت الفرا بعد اعلان نتائج الثانوية العامة هذا العام بقدوم نجوى إلى المركز حاملة الحلوى لتخبرها أنها تفوقت في الثانوية العامة بمعدل 96 %.
وتوضح الفرا أن نجوى هي واحده من مئات الحالات التي تعيش ظروفا سيئة لكنها استطاعت بعزمها وقوتها أن تتميز وتبدع وتتحدى ظروفا اجتماعيه واقتصادية وثقافية قاسية.
وبالرغم من تميزها واصرارها على الالتحاق بقسم الشريعة والقانون في الجامعة الاسلامية إلا أن سوء الحالة الاقتصادية لأسرتها سيحرمها من تحقيق حلمها في أن تصبح "محامية".
فتتساءل " كيف لأسرة بالكاد تجد قوت يومها أن توفر مصروفاً جامعي لابنتها "، مناشدة كافة الجهات المعنية لدعمها لإكمال مشوارها الدراسي وتعزيز طموحا سعت جاهدة على مدارها أعوامها العشرين لتحقيقه .