فوجئ كثير من المواطنين في الأيام الأخيرة بوثائق تنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي الواحدة تلو الأخرى وكأنها النار في الهشيم، الهدف منها ضرب صدقية السلطة وإظهار أن الفساد ينخر جسدها.
كما لوحظ في الأسابيع الماضية أن كثيراً من الشائعات والتسريبات بدأت تنتشر في صفوف المواطنين بطريقة متسارعة، وكأن هناك مخططاً يتم إنجازه على نار هادئة وبطريقة خبيثة، ليس الهدف منه الإصلاح بقدر التدمير والوصول إلى نقطة اللاعودة.
مطلقو الشائعات لا يترددون في نشرها في صفوف أوسع شريحة من المواطنين ليحققوا أهدافهم ومن بينها خلخلة هيبة السلطة، وربما نجحوا في ذلك نسبياً، فقد أصبحنا نشهد تجرؤاً غير مسبوق على النيل من السلطة الوطنية ومكوناتها بالسب والقدح حتى لو أن قناعات أصحابها حول السلطة على النقيض من ذلك... إذن هيبة السلطة في خطر، في ظل انشغال كثير من المسؤولين بمصالحهم الخاصة أو ببعضهم البعض، دون أن يلتفتوا لخطورة الوضع واللحظات الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
الشائعات لا تقتصر على المواطنين البسطاء بل تنتشر أيضاً في الصفوف النخبوية.. فقبل يومين وفي ساعات الصباح الأولى تبرع «مثقف» لنقل ما يسميها معلومات عن شخص مسؤول يدعي أنه بدأ يبيع ما يملك لمغادرة البلد، وأن مسؤولاً آخر أخرج أولاده إلى بلد مجاور وأرسل زوجته إلى دولة أوروبية للبحث عن لجوء سياسي، وشخصية ثالثة أضحت عائلته خارج فلسطين ويعرض شققاً مسجلة باسمه وتعود لجهة ما للبيع...
وعند سؤال هذا المثقف عن مصدر هذه المعلومات وكيف وصلت إليه تبيّن أنه سمعها من شخص آخر. وهكذا تتراكم الشائعات ككرة الثلج وتنتشر على الألسن.
الأمر ليس بسيطاً، ومن يتصور من المسؤولين أن هذه الأمور طبيعية وتحدث في كل المجتمعات مخطئ؛ لأن الشائعات بدأت تصيب قمة الهرم السياسي دون أن نسمع رداً أو قرارات حاسمة تقنع الجماهير بصدقية السلطة.
ما يحدث هو العكس، فلغة الصمت هي السائدة، وحديث المكاتب والأبواب المغلقة لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من التشكيك والبلبلة في الشارع الفلسطيني.
المسألة الثانية هي «الوشوشات»، بحيث أصبحنا في مجالسنا الخاصة والحزبية والنخبوية أو الجهوية نسمع كثيراً من التمتمات والوشوشات حول هذا المسؤول وتلك المؤسسة أو الوزارة، وهي طبعاً، لا شيء إيجابياً فيها وبمجملها سلبية، ولا تقل خطورة عن الشائعات...». الموشوشون» يحللون ويخرجون بنتائج.. بل أكثر من ذلك هم يتنبؤون أيضاً بالمستقبل!!!.
الوشوشات ليست سياسية فقط وإنما اقتصادية واجتماعية وثقافية تنال من مكونات المجتمع ولا تستثني أحداً.
أيها المسؤولون وأصحاب القرار نحن أمام معضلة حقيقية يجب الانتباه إليها، وتصويب الأوضاع بقرارات قوية في ظل انتشار حالة الفوضى... نحن ندق ناقوس الخطر ليستيقظ أولئك النائمون أو الملتهون بالبحث عن مصالحهم أو أولئك الذين يفترض بهم أن يقدموا النصيحة والمعلومة الصحيحة، ويبتعدوا عن نفاقهم أو فسادهم، أو إيصال المعلومة التي يرغبون فقط بإيصالها وهي بعيدة عن الواقع... لعل الاستيقاظ المتأخر فرصة ذهبية قبل أن يقع ما لا يحمد عقباه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد