لا شك أن انتخابات مجلس النواب الأردني الـ20 المقبل، محطة انتخابية سياسية انتقالية هامة، ليس بسبب إجراء الانتخابات، فهي حق دستوري واجب للمواطن، بل هي من أبرز حقوقه مقابل ما يؤديه من واجبات نحو بلده ووطنه، هي مهمة بسبب شكل ومضمون القانون الانتخابي، ودلالاته العينية، وهذا حتماً سيغير اهتمامات الأردنيين وأولوياتهم اللاحقة.

فالقانون يمنح المواطن حق التصويت لقائمتين، واحدة وطنية والثانية محلية، تشكل نتائجها مقدمة لما بعدها، ومقدمة سيُبنى عليها مستقبل خيارات الأردنيين في كيفية المشاركة في إدارة مؤسسات صنع القرار: مجلسي النواب والوزراء.

أولاً، القائمة الوطنية ستوحد الأردنيين في عملية التصويت نحو القائمة الائتلافية التي يختارها المواطن، فالقائمة لدوافع وطنية مبدئية، أو انتهازية انتخابية تتشكل من تنوعات أردنية إجبارية: جنسية من رجل وإمرأة، دينية مسلم ومسيحي، عمرية شباب وكهول، وجهوية تُمثل أوسع قاعدة تمثيلية ممكنة، كي تجلب أكبر عدد متاح من المصوتين، لتفوز بالنجاح، على مستوى المملكة.

ثانياً، القائمة الوطنية الواحدة سيصوت لها أبناء الريف والبادية والمدن والمخيمات، لأن القائمة شكلت قاعدة تمثيلية اجتماعية واسعة ستعكس نفسها على خيار المصوتين، لأنها مثلت قاعدة مصوتين عابرة لحدود المحافظات والمناطق والجهويات، وشكلت أداة جذب لأغلبية القواعد الاجتماعية، ما يفرض على القطاع الأوسع من المصوتين أن يصوتوا وينحازوا لها.

أما القائمة المحلية، فقد فرضت لحد كبير عملية التحالف والتعاضد بين أوسع قاعدة تمثيلية، لأن أغلبية المحافظات الأردنية تحولت إلى دائرة انتخابية واحدة، باستثناء عمان إلى 3 دوائر، بدلاً من 7، وإربد إلى دائرتين، ما يعني أن الثقل الجهوي المنفرد تراجع دوره، ولا يستطيع أن يُفلح في الفوز، إذا لم يقع التحالف والتعاون والتعاضد والائتلاف بين العائلات والجهات الجهوية المتعددة.

الانتخابات للمجلس النيابي العشرين يوم 10-9-2024، ستشكل مقدمة إلى ما بعدها، فإذا كانت الدائرة الوطنية ستفرز 41 نائباً على مستوى الوطن يمثلون ثلث عدد أعضاء مجلس النواب، فالدورة الانتخابية التالية بعد أربع سنوات ستمثل الدائرة الوطنية، كما هو مرسوم لها، وتفرز 65 نائباً أي نصف عدد أعضاء مجلس النواب، وصولاً إلى ظاهرتين متلازمتين مستقبلاً: أولاً، ليكون الأردن دائرة وطنية واحدة، وثانياً، سيكون مجلس النواب بأكمله نتاج انتخابات الدائرة الوطنية الواحدة لكل الأردنيين، بما يقلل من تأثير العناصر الجهوية الأكثر نفوذاً في الأيام الماضية.

ماذا يعني ذلك؟

يعني أن مصدر صنع القرار، ومصدر تشكيل مجلس النواب، ومصدر تشكيل الحكومات، سيكون من رحم الأحزاب، من رحم مجلس النواب، وبالتالي لن تكون الجهوية كما كانت طوال السنوات الماضية هي مصدر صنع القيادات النيابية والحكومية، ولن تعود لتكون هي بوابة الوصول إلى مواقع صنع القرار: نحو الوظيفة العمومية، نحو الحكومة، نحو البرلمان، بل ستتحول لتكون الأحزاب هي البوابة، هي المدخل، هي الوسيلة والرافعة للوصول إلى مواقع صنع القرار ومؤسساته، ولهذا سيقف كل من يتطلع للمشاركة في صنع المستقبل، عبر البرلمان والحكومة، للتسجيل عضواً في حزب ذي قيمة، قويّ وأداة لإيصال من لديه الرغبة في العمل العام، وستكون الأحزاب الأردنية هي الحاضنة لفرز القيادات وتظهيرها، كما هو متبع لدى البلدان الديمقراطية المتطورة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد