انهيار القطاع الصحي في غزة والمنظمات الدولية تفشل بالضغط على إسرائيل

انهيار القطاع الصحي في غزة والمنظمات الدولية تفشل بالضغط على إسرائيل

غزة - تقرير رامي الشرافي - تفاقمت أزمة القطاع الصحي في غزة بشكل وغير مسبوق نتيجة خروج كبرى المستشفيات الحكومية المستشفى الأندونيسي ومجمع الشفاء الطبي ومجمع ناصر والمستشفى الأوروبي والمستشفيات الخاصة والأهلية عن تقديم الخدمات الصحية والعلاجية وصعوبة إمداد المؤسسات الدولية للنظام الصحي في غزة بالمعدات والمستلزمات اللازمة، مع اشتداد الحصار الخانق على القطاع وإغلاق كافة المعابر.

ويعاني القطاع الصحي من عجز في الكوادر البشرية نتيجة استهدفهم من قبل الاحتلال أدى إلى استشهاد واعتقال وهجرة كوادر طبية ذات تخصصات نادرة خارج قطاع غزة وعجز حاد في الموارد الأساسية، حيث تتعرض المستشفيات والمراكز الصحية لانقطاع مستمر في التيار الكهربائي، مما أثر على تقديم الرعاية الصحية. ومع تزايد أعداد المرضى واحتياجاتهم، يصبح الوضع الصحي في غزة كارثياً في ظل غياب الدعم الدولي والإمدادات اللاجوستية الضرورية بشكل فعّال والاعتماد على سياسة التقطير.

تزايد أعداد المرضى وانقطاع الإمدادات

وبحسب الناطق باسم وزارة الصحة في غزة خليل الدقران لا يوجد أي مستشفى يعمل بكامل طاقته بسبب النقص الكبير في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود.

وناشد الدقران في اتصال هاتفي جميع المؤسسات الدولية للتدخل والضغط على الاحتلال ل فتح المعابر وتوصيل الأدوية والمستلزمات الطبية، لكن الاحتلال لا يستجيب لهذه المطالب.

وأشار الدقران إلى أن "ما يصل من وقود من خلال المؤسسات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة قليل جداً، والاحتلال يعتمد على سياسة التقطير بكميات محدودة لا تفي بحاجة تشغيل المولدات الكهربائية التي تتعرض للعطل بشكل مستمر بسبب الضغط الكبير عليها. طالبنا بدخول مولدات جديدة ولكن الاحتلال ما زال يمنع ذلك."

صعوبات كبيرة في توصيل المساعدات الطبية إلى غزة

كشفت مسؤول في منظمة الصحة العالمية بقطاع غزة عن الصعوبات البالغة التي تواجه إيصال المساعدات الطبية والمعدات إلى القطاع، مشيراً إلى أن السماح لعدد قليل من الشاحنات بالدخول يتراوح بين 20-60 شاحنة يومياً فقط، أدى إلى تكدس البضائع على معبر كرم أبو سالم دون وصولها إلى داخل غزة. كما تتعرض الشاحنات للسرقات على الطريق الواصل من المعبر إلى المخازن في منطقة دير البلح.

وأوضح المسؤول في اتصال هاتفي أن هناك عدد كبير من الأجهزة الطبية غير مسموح بدخولها إلى غزة، والبعض الآخر يحتاج إلى تنسيق خاص، والذي يستغرق فترة تزيد عن شهر وأكثر للحصول على الموافقة لشحنها.

وأضاف المسؤول: "نقوم بالتنسيق مع وزارة الصحة لضمان وصول الأجهزة والمعدات، وكذلك الأدوية والمستهلكات الطبية من خلال دائرة التعاون الدولي والمخازن المركزية بوزارة الصحة، بالإضافة إلى دائرة التبرعات".

وعن الإجراءات المتخذة لتجاوز الحصار وتسهيل دخول المواد الطبية، أكد المسؤول: "تُمارس ضغوطات من قبل المؤسسات الدولية على السلطات المسؤولة من خلال منظمة أوتشا ومنظمة الصحة العالمية، ولكن للأسف، النتائج تكاد لا تُذكر في الوقت الحالي".

ودعا المسؤول المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده للضغط على السلطات المسؤولة لضمان وصول المساعدات الطبية بشكل منتظم وسريع إلى قطاع غزة، لتلبية الاحتياجات الصحية الملحة في ظل الظروف الراهنة.

تحديات تواجه المؤسسات الصحية

القطاع الصحي يواجه تحديات في ظل الحصار والعدوان كشفت جيهان العكلوك من جمعية العودة الصحية والمجتمعية أن المؤسسات الصحية في قطاع غزة تواجه تحديات ومعيقات عديدة في الحصول على الأجهزة الطبية والوقود والمعدات والأدوية.

وتحدثت العكلوك عن جهود التعاون مع المؤسسات الدولية لتخفيف أزمة الإمدادات في غزة، قائلة: "نعم، هناك جهود تعاون مع المؤسسات الدولية من خلال تضافر الجهود التي يقودها Health Cluster. يتم خلال فترة الطوارئ عقد اجتماعات أسبوعية لأعضاء Health Cluster، بما في ذلك وزارة الصحة و الأونروا ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية".

وأضافت العكلوك: "تقوم المنظمات الدولية بتقديم إمدادات طبية طارئة تشمل الأدوية الأساسية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى الدعم المالي للمستشفيات والمراكز الصحية. كما يتم إرسال الفرق الطبية لدعم الجهود المحلية".

من جهته ناشد الدكتور مروان السلطان مدير المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي مساعدة المستشفيات والأجهزة الطبية في غزة، محذرا من شلل تام للنظام الصحي في القطاع، جراء الهجمات على المرافق الطبية والقيود الصارمة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي وصفها حكم بموت مبكر على المصابين الذين يردون إلى المستشفى للعلاج.

وأوضح السلطان، في تصريحات عبر الهاتف، أن مستشفيات القطاع تواجه أزمات مركبة، فهي من جهة تعمل بأضعاف طاقتها التي خصصت لها، وبإمكانيات بسيطة للغاية، وتفتقد إلى الوقود اللازم لتشغيل أقسام المستشفى وكافة المستلزمات الطبية، مع الأخذ في الاعتبار أن غالبية الحالات التي تصل إلى المستشفى هي حالات حرجة وتحتاج إلى تدخل جراحي عاجل.

وشدد السلطان أن الأوضاع الحالية تنذر بانهيار المنظومة الصحية إن لم يتم دعم المستشفيات في شمال غزة الأجهزة الطبية والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، بالإضافة إلى تزويدهم بالمستلزمات الطبية الشحيحة جدا.

الوضع الصحي في غزة يتدهور بشكل خطير

وقال الدكتور عائد ياغي، مسؤول جمعية الإغاثة الطبية، بأن الوضع الصحي في قطاع غزة يتدهور بشكل خطير نتيجة لحرب الإبادة المستمرة منذ السابع من أكتوبر.

وأضاف ياغي: "الأوضاع الصحية للمواطنين تتدهور يوماً بعد يوم. تحاول الطواقم الطبية أداء واجبها في ظل الإمكانيات الشحيحة المتوفرة، خاصة في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود اللازمة لتشغيل المستشفيات وحركة السيارات. هذا يزيد من العبء على الطواقم والمرافق الطبية."

وطالب ياغي بالعمل على وقف حرب الإبادة فوراً والوصول إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة بشكل فوري، وتوفير ممر إنساني آمن لضمان دخول جميع المساعدات الإنسانية والأدوية والمستلزمات الطبية بكميات كافية ودون تحديد ورقابة، والسماح للطواقم الطبية العربية والدولية بالدخول إلى القطاع لدعم الطواقم الطبية المحلية وإجراء العمليات الجراحية اللازمة.

تحديات ميدانية معقدة

تحدثنا مع الدكتور رامي الشياح، طبيب الاستقبال في مستشفى العودة شمال قطاع غزة، وقال بأن المستشفى يعاني بشكل كبير جداً بسبب النقص الحاد في الكوادر الطبية والمواد الطبية والأدوية والوقود. وأشار إلى أن هذا النقص يعيق العمل الفعال في المستشفى، مما يؤثر بشكل سلبي على تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى والمصابين.

وأضاف الدكتور الشياح: "نعاني بشكل كبير جداً بسبب عدم توفر الأجهزة الطبية اللازمة، مثل أجهزة الأشعة الضرورية جداً. نعتمد في عملنا على الحد الأدنى من التحاليل الطبية، حيث لا يمكننا القيام بأي تحاليل طبية أخرى باستثناء فحص CBC." مؤكداً أن النقص الحاد في الوقود يضطر الطواقم الطبية إلى التعامل مع الحالات الطارئة تحت أضواء الهواتف المحمولة أو الليدات، مما يعيق الفحص الدقيق للحالات ويؤثر سلباً على النتائج.

قصور المؤسسات الدولية: تواطؤ وصمت في مواجهة الاحتلال

المؤسسات الصحية الدولية تمارس دورا ممنهجاً في تدمير المؤسسات الصحية المحلية من خلال فتح مستشفيات ميدانية لا تقدم خدمات صحية عالية الجودة، كما تعمل على استقطاب الكوادر الطبية العاملة في المؤسسات المحلية بإغراءات مالية لإفراغها من كوادرها البشرية في ظل عجز الكادر الطبي بسبب الاستشهاد والاعتقال والهجرة، من المفترض أن تستقطب المؤسسات الدولية كوادر طبية متخصصة لدعم الكوادر الطبية المحلية بتخصصات نادرة في ظل حرب الإبادة.

كما أن المؤسسات الدولية تواجه انتقادات متزايدة بسبب فشلها في الضغط على إسرائيل، حيث يشير مدراء مؤسسات محلية في قطاع غزة إلى قصور واضح في أداء هذه المؤسسات لمهامها في الضغط على الاحتلال للسماح بدخول الوقود والمستلزمات الطبية بشكل طبيعي، خاصة في ظل تزايد انتشار الأمراض والأوبئة المعدية مع وجود نقص شديد في الأدوية. هذا القصور يعكس ضعفًا في الجرأة على مساءلة الاحتلال ومحاسبته على أفعاله، مما يزيد من معاناة أهالي قطاع غزة. عدم القدرة على كشف الحقائق ومواجهة الجرائم التي تُرتكب يثير تساؤلات حول دور هذه المؤسسات في المهام التي أُنشئت من أجلها لتحقيق العدالة وحماية المدنيين وحقهم في الحياة. إن عدم قيام المؤسسات الدولية بدورها الفعّال في فضح الاحتلال وممارساته يعد خذلانًا كبيرًا للسكان في غزة الذين يعانون نقصًا حادًا في الرعاية الطبية. ويبقى السؤال: هل سيستمر صمت هذه المؤسسات إلى أكثر من ذلك؟

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد