كُتبَ لمدينة رام الله أن تكون الابنةُ المدللة لِمُوَقعي اتفاق اوسلو عام 93 كيف لا ؟ وقد أصبحت العاصمة الادارية والسياسية المؤقتة للسلطة الفلسطينية لاسيما بعد انتقال القرار من قطاع غزة اليها عشية اندلاع انتفاضة الاقصى الثانية عام 2000 ، وبالعودة الى الوراء عام 95 ومع قدوم السلطة الفلسطينية اليها "العائدون" تنوع النسيج الاجتماعي فيها جالبا معه عادات وتقاليد جديدة ربما كانت الشرخ الذي قسم ظهر القيم الفلسطينية الاصيلة التي كانت متوارثه على مدار عقود وتحديدا أبان انتفاضة الحجارة الاولى ، كل ذلك ساهم مع الهجرات الداخلية من مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية اليها نتيجة تقلد الوظائف في مؤسسات السلطة المختلفة التي تتركز وتتواجد بالمدينة ، اضافة الى البحث عن فرص عمل مختلفة وحياة جديدة ، ناهيك عن وجود السفارات والممثليات الاجنبية والكثير من المغتربين من أهلها في الخارج والاجانب الذين يأتون اليها ويعملون ويعيشون فيها وأهالي الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 الذين يسيحون فيها ، بالإضافة الى تركز مؤسسات المجتمع المدني بها وقربها أيضا من بيت ايل التي تشكل اضافة جغرافية نوعية لها وتحديدا للكثير من أباطرة السياسة والاقتصاد الذين لاهم لهم سوى مناصبهم وتجارتهم وبطاقات
وغيرها من الامتيازات . " vip , bmc”وما تملكه المدينة من موقع يتوسط البلاد وطقس لطيف وشكل جميل ومتنزهات ومطاعم وحانات وبارات وتنوع ثقافي واجتماعي وديني ...الخ .
لقد سيق لرام الله بعد كل ما ذكر اّنفا من مقومات أن تقع في شباك شرك مخططات الاحتلال الاسرائيلي وأعوانه المختلفين من أبناء جلدتنا ، وأن تكون شاذة عن أخواتها من المدن الفلسطينية وأنموذج (عاهر وداعر سياسيا و أخلاقيا ووطنيا) ليسهل ترويضها وابعادها عن ثقافة مقاومة الاحتلال ومستوطنيه ، يمكن تعميمه مستقبلا على باقي أخواتها بالضفة الغربية ، لذا رأينا في السنوات الماضية الكثير من المشاريع المتنوعة و المدعومة من الغرب وأمريكا على وجه الخصوص التي حاولت ضرب المناعة الوطنية والاخلاقية والقيمية تحت مسميات مختلفة سواء كانت في رام الله أو مدن اخرى بالضفة الغربية .
ان نموذج رام الله الهادئة والمسالمة التي تعيد المستوطنين الى بيوتهم سالمين غانمين بعد " أن يقوموا بلفة على دوار المنارة " (دوار الاسود) وتطعمهم الشاورما كما حدث قبل عدة أشهر، ورام الله المنفتحة وبلد الحرية والسهر والكيف (باريس الضفة) ، ورام الله "العاهرة" مدينة الشذوذ كما حصل في مسبح الطيرة ونشر فيديو الطالب والمعلمة الاباحي ، والكشف عن عدد من بيوت الدعارة في أحياء مختلفة بها، ومحاولة بعض الجهات الحصول سابقا على ترخيص جمعية للمثليين فيها ، اضافة للعديد من المظاهر و السلوكيات الشاذة والغريبة عن مجتمعنا و ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ، لاسيما في ظل ما يحدث من مجازر وابادة جماعية بحق أهالينا في قطاع غزة على يد الاحتلال الاسرائيلي الغاشم ... كل ذلك لم يأت من باب الصدفة بل ان هناك جهات داخلية ربما تساهم وتساعد وتتساوق في "تعهير رام الله" واخراجها بهذا المظهر الرديء سواء بقصد أو دون قصد بطرق عدة باتت لا تخفى على الناس كافة .
لذلك عندما نرى شوارع الطيرة مليئة " بالسهارى والسكارى " في ظل اشتداد القصف والقتل بحق أبناء شعبنا في غزة دون اكتراث بما يحدث بحق أبناء وطنهم الواحد ، وعندما نرى اجتياحات واقتحامات واسعة وعشرات الشهداء في طولكرم وجنين وحتى في بعض قرى ومخيمات المدينة نفسها ، و رام الله لا تلتزم بالإضراب الشامل ولا الحداد بل وتكسره خوفا على تجارتها ، وعندما نرى أسواق رام الله مليئة بالمتسوقين في الاعياد الماضية (الفطر والاضحى) دون التعاطف مع أهالي غزة والشعور بمأساتهم وما حل بأطفالهم ، وعندما نرى سهرات الاعراس وحفلات الزواج لا زالت قائمة وببذخ كبير دون الاحساس بما يجري من جرائم بحق ابناء شعبنا في غزة وشمال الضفة الغربية ، وعندما نرى الالعاب النارية تغطي مساحات واسعة في سماء المدينة في مناسبات عدة ، وعندما نرى بعض المسابح والمطاعم والبارات في المدينة تقيم احتفالات ماجنة وخالعة وشاذة أيام الخميس والجمعة والسبت دون أن تحسب أي حساب لدماء الشهداء والجرحى والاسرى ، وعندما نرى حجم المسيرات والتظاهرات الشعبية المتضامنة مع غزة في رام الله لا تتعدى في بعض الاحيان أصابع اليدين والرجلين معا ، وعندما ندعو العالم أجمع لمقاطعة البضائع والمنتجات الاسرائيلية والامريكية الداعمة لجيش الاحتلال وأركان تجارة رام الله يطالبون بعدم الاساءة واحترام التجار غير المقاطعين لهذه البضائع نتيجة اتفاقيات سابقة ، وعندما نرى أن مصالح بعض رجال السياسة الذين يقطنون المدينة وأحياءها الفاخرة وتجارتهم ومناصبهم وأولادهم أهم من الوطن فأعلم أن هؤلاء كالمرأة (الغيرة حرة) التي تأكل من ثدييها .
ولعل هناك من يقول ان رام الله ليس بها رجال تنفض عنها غبار كل هذا العار ؟
لا وألف لا فرام الله في الانتفاضتين الاولى والثانية كانت في مقدمة النضال والمقاومة ضد الاحتلال ، وكان وما زال بها حتى هذه اللحظة الكثير من الرجال الشرفاء والمخلصين والوطنيين الغير راضين عن ما حل ويحل بها من ويلات العهر والتدنيس والترويض والتأطير والتنسيق والتصفيق ، وقدمت الاّف الشهداء والاسرى والجرحى وحافظت على تماسكها وتنوعها الاجتماعي وقيمها النبيلة رغم كافة الموبقات والامراض الخبيثة (العادات والتقاليد) الدخيلة عليها ،،، ولكن للأسف يا صديقي لقد تم تهجينها !!! .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية