هل هناك تصحيح قادم لسوق الأسهم في النصف الثاني من العام؟
ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في شهر مايو متعافيًا من انخفاض السوق في شهر أبريل، ومع ذلك، جاء التعافي وسط تقلبات كبيرة حيث يزن المستثمرون الإشارات الاقتصادية المختلطة مع الاستمرار في ترقب احتمالات خفض أسعار الفائدة من قِبَل البنك الاحتياطي الفيدرالي.
في ظاهر الأمر، يتبع عام 2024 مسارًا مشابهًا لعام 2023، حيث تقود أسهم خدمات الاتصالات وأسهم تكنولوجيا المعلومات السوق، ولكن على عكس العام الماضي، فإن المشاركة في سوق الصعود هذه تتوسع لتشمل المزيد من قطاعات مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
يقول مدير استراتيجية الاستثمار فى ادارة الثروات لدي بنك US "روب هوورث": على الرغم من أننا شهدنا مؤخرًا المزيد من الارتفاع، إلا أن السوق بدت هشة إلى حد ما بالنظر إلى مستوى التقلب الذي شهدناه، حيث تولي الأسواق اهتمامًا لبعض البيانات الاقتصادية الأضعف مثل تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، وفي الحقيقية الاقتصاد ليس ضعيفًا حقًا بعد ولكن هناك المزيد من القلق.
ترتبط أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على معنويات المستثمرين في سوق تداول الاسهم بخطط البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، خاصة وأن الاحتياطي الفيدرالي قد فتح الباب لخفض أسعار الفائدة بدءًا من أواخر العام الماضي، لكن البيانات الاقتصادية الأحدث بما في ذلك التضخم المستمر بعناد قلصت من التوقعات، يقول هاورث: "لا يزال التضخم مصدر قلق بالغ الأهمية، لأنه لم يتمكن من التباطؤ بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، ومع ذلك، تشعر الأسواق أيضًا بالقلق من أنه إذا تباطأ النمو الاقتصادي بشكل كبير، فلن تأتي تخفيضات أسعار الفائدة إلا بعد فوات الأوان لمنع الركود".
سوق الأسهم على وشك أن تشهد تصحيحًا بنسبة 10%
وفقًا لمحللي سوق الأسهم، قد يكون مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على وشك التحرك بشكل حاد نحو الانخفاض حيث لا يتباطأ التضخم كثيرًا، وتوقع المحللون أن ينخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى 4750 نقطة في الربع الثاني أو الثالث من هذا العام، وهذا يعني انخفاضًا بنحو 10% عن مستويات المؤشر القياسي.
وتوقع الاستراتيجيون أن يظل التضخم مرتفعًا بعناد، حيث يخرج الاقتصاد مما وصفوه بـ "الركود الزائف" الذي حدث من أوائل عام 2022 واستمر حتى منتصف عام 2023، وقد انتعش النشاط الاقتصادي منذ ذلك الحين.
وفي حين كان معظم الاستراتيجيين يتوقعون ركودًا في العام الماضي أو يحاولون بشغف تحديد بداية الركود في عام 2024، إلا أن الرأي الأرجح هو القائل بأن الأرباع الخمسة تقريبًا من الربع الأول من عام 2022 إلى الربع الثاني من عام 2023 كانت "ركودًا زائفًا" وأن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد حصد بالفعل كل الانكماش الطبيعي بعد الركود الذي كنا نتوقعه.
لا يزال التضخم أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، حيث ارتفع أسعار المستهلك بنسبة 3.3% على أساس سنوي في مايو متراجعًا عن شهر أبريل الذي سجل ارتفاع بنحو 3.4% وفي مارس سجل قراءة عند 3.5%.
قال الاستراتيجيون إن الأسعار المرتفعة يمكن أن تُعزى إلى اقتصاد لا يزال ساخنًا مما يغذي نمو الأسعار، على سبيل المثال: يظل نشاط التوظيف قويًا مما قد يغذي نمو الأجور وبالتالي يرفع التضخم.
ونتيجة لذلك، فإن معدل التضخم الأساسي لأسعار الاستهلاك الشخصي بنسبة 2% الذي يسعى إليه البنك الاحتياطى الفيدرالى هو مجرد حلم بعيد المنال، فمع تطبيع الأسعار وارتفاع أسعار الاستهلاك الشخصي الأساسي حتي منتصف عام 2024 إلى ما يزيد قليلاً عن 3%، تشير أغلب النماذج إلى احتمالات تأجيل خفض أسعار الفائدة إلى نهاية العام، مما قد يؤدي إلى عمليات تصحيحية لسوق الأسهم.
لقد خفضت الأسواق بالفعل توقعاتها لتخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية هذا العام مما دفع إلى بيع الأسهم في أبريل، قال مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إنهم يبحثون عن المزيد من الأدلة على أن التضخم ينخفض إلى هدفه السعري البالغ 2%، ويتوقع المستثمرون الآن خفض أسعار الفائدة مرة أو مرتين فقط بحلول نهاية العام مقارنة بستة مرات في بداية عام 2024.
سوق الأسهم يتجه إلى بضعة أشهر مخيبة للآمال
توقع خبراء وول ستريت المخضرمين أن يكون الصيف قاسيًا على المستثمرين، حيث من المتوقع أن يتوقف السوق عن النمو أو أن يجري عمليات تصحيحية في الأشهر المقبلة.
حذر المحللون من أن ارتفاع سوق الأسهم فى حد ذاته يمثل مشكلة لأن الأسهم أصبحت باهظة الثمن بالفعل لدرجة يصعب معها تخيلها، ويرون أن المؤشر القياسى عرضة لتصحيحات حادة متعددة بنحو 10% علي الأقل، لينهي العام عند حوالي 4500 نقطة.
من المرجح أن تكون الخطوة التالية للسوق هبوطية وليس صعودية، وهذا الرأي يخلاف عدد كبير من المتفائلين الذين يرون خفض البنك الاحتياطي لأسعار الفائدة فى نهاية المطاف ويعد ذلك كمحفز إيجابي قوي للسوق.
ومع ذلك، يُعتقد أن أول خفض لأسعار الفائدة يمكن تأجيله بسهولة لمدة ثلاثة أشهر أخري، مما يعنى عدم خفض أسعار الفائدة في هذا الصيف أو احتمالية عدم خفضها علي الإطلاق خلال هذا العام، ولكن هذا يتوقف فقط على رؤية قراءة واحدة مرتفعة للتضخم لتبديد احتمالية خفض أسعار الفائدة هذا العام.
في المقابل، يعتقد أحد خبراء السوق البارزين أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 سينهى عام 2024 مستقرا إلى حد كبير عند المستوى المتداول في الوقت الحالي، حيث لا يوجد لدي البنك الاحتياطى الفيدرالى حاجة ملحة لتخفيض سعر الفائدة، خاصة وأن سعر الفائدة ظلت مرتفعة بين نطاقي 4% و 5% خلال الفترة الماضية دون أن تتسبب في ركود.
قد يواجه المستثمرون مجموعة من العقبات فى النصف الثاني من العام والتى قد تتسبب في عدم ارتفاع الأسهم، ومن جهة أخري، قد يواجه الاقتصاد الأمريكي فرصة جيدة للركود في العام القادم، خاصة وأن البنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك يري فرصة بنسبة 50% بأن الاقتصاد قد يتجه إلي الركود خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وقد بدأت بالفعل العديد من مؤشرات الركود في إطلاق ناقوس الخطر للاقتصاد الأمريكي، حيث أن منحنى عائد سندات الخزانة لأجل عامين ولآجل عشر أعوام وهو مؤشر الركود الدقيق للغاية في سوق السندات، قد انعكس منذ يوليو 2022 وهو أحد أكبر المؤشرات على أن الركود قادم.
بدأ النمو الاقتصادي بالفعل في التباطؤ، حيث تباطأ الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.6% فقط خلال الربع الأول، في حين كانت القطاعات الرئيسية للاقتصاد مثل التصنيع تقلصت لعدة أشهر متتالية.
وعلى الرغم من ذلك يعتقد البعض أن الركود غير مرجح، ولكن من الممكن أن نري المزيد من التقلبات في النصف الثاني من العام وخاصة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، فالتقلبات السياسية في حد ذاتها تعد عاملًا رئيسيًا في تقلبات سوق الأسهم.
كما حذر خبراء استراتيجيون آخرون من الطريق الصعب الذي تنتظره الأسهم، وتوقع خبراء أكثر تطرفاً انهياراً حاداً في السوق بنسبة 65 % حيث تعكس الأسهم الفقاعات السابقة.