خالد مشعل يكشف الفرق بين أثمان المقاومة والمفاوضات
كشف رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل ، مساء اليوم الأربعاء 26 يونيو 2024 ، الفرق بين أثمان المقاومة والمفاوضات ، وذلك خلال الندوة العلمية "معركة طوفان الأقصى وانعكاساتها على ترتيب البيت الفلسطيني، التي ينظمها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات".
وقال مشعل :" البعض يقول إن أثمان المقاومة كبيرة، وهذا صحيح ف غزة تدمرت، ولا نحتاج إلى أن نتجادل في ذلك، لكن منذ متى كان التحرير وكانت المقاومة وإنجاز الأهداف الوطنية بدون أثمان؟، فلا تحرير ولا تحقيق لأهدافنا إلا عبر المقاومة".
وأضاف :" الفرق بين أثمان المقاومة وأثمان المفاوضات والرهان على التسوية، أن المقاومة تدفع أثمانًا وخسائر وشهداء وضحايا لكنها تنجز، فقد أنجزت في جنوب لبنان وفي غزة، وأنجزت لدى الكثير من الشعوب، بينما التسوية تدفع أثمانًا ويبقى القتل والمجازر الإسرائيلية والاستيطان والخنق والحصار دون أي هدف".
أبرز ما جاء في كلمة خالد مشعل
مشعل: طوفان الأقصى غير كل عناصر المشهد التي كانت في حالة سكون وموات، فالعدو قبل السابع من أكتوبر كان يعمل على تطبيق أجندته خاصة في الضفة الغربية و القدس ، وتطبيق رؤيته الصهيونية، فضلًا عن خنق غزة وتحويلها لسجن كبير وموت بطيء.
مشعل: القضية الفلسطينية كانت في حالة من السبات، وفجأة بعثر السابع من أكتوبر هذه العناصر المتعلقة بالقضية وبالصراع وبأطراف الصراع وبالأطراف المؤثرة فيه إقليميًا ودوليًا، ونحن أمام الزلزال الذي أصاب الكيان، وشعورهم أنهم عادوا إلى نقطة الصفر وإلى حرب الثمانية وأربعين، بل إلى ما قبل ذلك، وهذه التحولات غير المسبوقة والانفعال العالمي سلبًا أو إيجابًا نحو المعركة، حيث أصبحت غزة هي مركز الحدث العالمي.
مشعل: معركة طوفان الأقصى أصابت الناس بصدمة إيجابية، أن هناك ممكنات جديدة، فمقاومة غزة تستمر لتسعة أشهر، وترى الناس بشائر أن "إسرائيل" يمكن هزيمتها، فهذه تحولات في النفس والوجدان والرؤيا السياسية، وتشكل منعطفا وتحولا مهم جدًا.
مشعل: السيناريو الأقرب للتحقق هو انهيار هذا الكيان وتفككه وفقدانه لمبررات وجوده، وربما رفع اليد الدولية عنه وفقدانه لقيمته الاستراتيجية كأداة استعمارية وتطويع للمنطقة وتحقيق للمصالح الغربية، وحرب سيف القدس عام 2021 مع هذا الطوفان أعطى مؤشرًا أن هذا الكيان يمكن هزيمته، وربما انهياره مرةً واحدة يمكن أن يكون واقعًا.
مشعل: الطوفان حقق تحولات هائلة، وعادت القضية إلى رأس الأجندة الدولية، وأصبحت القضية متقدمة في التعاطف العالمي، وأصبحت القضية الفلسطينية قضية انتخابية في الكثير من الدول الغربية، هذا تحول مهم.
مشعل: الطوفان أحدث متغيرات هائلة حيث دمر العدو أمنيًا وأربك كل حساباته وضرب نظريته الأمنية والعسكرية، وأحدث زلزالًا سياسيًا وعمق الخلافات الداخلية، إضافة للآثار الاقتصادية الكبيرة، وتغيير صورة الاحتلال أمام العالم، وغير نظرة المنطقة للاحتلال وخيارات التطبيع معه والرهان عليه والاستقواء به، التي كانت مطروحة ضمن الرعاية الأمريكية لفرض "إسرائيل" في المنطقة.
مشعل: الطوفان والتحدي الكبير الذي فُرض على "إسرائيل"، وفشلها العسكري الميداني فرض ظهور قضية تجنيد المتدينين من جديد، كما أدى الطوفان أيضًا إلى تنامي الصراع بين القيادة السياسية الإسرائيلية، والمؤسسة العسكرية والأمنية، وأن يأتي نتنياهو في لحظة ويقول: هذه دولة لها جيش، وليس جيش له دولة، وثبت أن المواجهة مع هذا الاحتلال هي من تربكه وتعمق خلافاته.
مشعل: لا شك أن الطوفان ترك على الصعيد الشعبي روحا عظيمة، وعلى الصعيد الإقليمي هناك دول تعاملت بجدية مع هذا الطوفان، والبعض مرتبك، والبعض يترقب مآلات هذه المعركة، بينما برز دور دول إقليمية مثل إيران واتسع هذا الدور سياسيًا وعسكريًا، ونحن لا نسعى أن نوظف الطوفان سلبًا تجاه أحد بل نريد أن تتعزز مكانة الدول العربية والإسلامية، وأن يتوارى الدور الإسرائيلي، مع تراجع نفوذ "إسرائيل" الإقليمي.
مشعل: بدأت المفاهيم تتغير حتى على صعيد الشارع الدولي والشارع الإنساني في أوروبا وأمريكا، والحديث عن فلسطين من البحر للنهر، وزوال "إسرائيل"، وعدم شرعية إسرائيل، والحديث عن المقاومة وعن رموز المقاومة، وكل هذا من الإشارات على تأثير الطوفان.
مشعل: هذا الطوفان انعكس على الروح الشعبية في الداخل والخارج فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا بل وإنسانيًا، لكن بقي الاستحقاق المتعلق بترتيب البيت الفلسطيني، والقيادة الفلسطينية، والمرجعية الوطنية، وإعادة بناء المؤسسات السياسية الفلسطينية، وهذا استحقاق حتمي لا بد منه، ولا يستطيع أحد الهروب منه.
مشعل: ترتيب البيت الفلسطيني واجب واستحقاق في جميع الأحوال، في الطوفان وقبله وبعده، وليس أمرًا استجد، لكنه بعد الطوفان أصبح ضرورة وحتمية، ولا يستطيع أحد أن يحتكر القرار الفلسطيني، أو أن يصادر المؤسسات الفلسطينية.
مشعل: ترتيب البيت الفلسطيني ليس أمر ننتظره حتى نهاية المعركة، لأن البعض ربما يريد أن يترقب مآلات المعركة، لأنه يعتقد أنه بحسب نتائج المعركة وماذا سيحدث لحماس والمقاومة ووضع، يظن أنه باستطاعته أن يجد المعادلة في الترتيب، وهذا وهم ورهانات خاطئة.
مشعل: بلينكن عندما زار المنطقة في أيام الحرب الأولى، كان يضغط على العواصم العربية بهذا والحديث عمّا بعد حماس، لكن اليوم الأمريكي وعبر عدة أشهر سابقة ينتظر ردود حماس، والناطق باسم الجيش الإسرائيلي بنفسه يقول إن حماس فكرة ولا يمكن هزيمتها، والشعب الفلسطيني لن يهزم.
مشعل: ترتيب البيت الفلسطيني ليس أمرًا ننتظره بعد وقف العدوان، وينبغي أن نبدأ في الانخراط في معركة الطوفان، لأنه كلما انخرطنا في المعركة، وساندنا المعركة أكثر، وكنا جزءًا منها وشركاء فيها، ننتصر أكثر ونتحكم في نتائج المعركة، ونجني نتائجها لصالح شعبنا الفلسطيني، وبحسب نتائج المعركة سينعكس ذلك على ترتيب البيت الفلسطيني.
مشعل: هناك سبع نقاط نركز عليها في ترتيب الفلسطيني ومن خلالها نوصل الفكرة، وطالنقطة الأولى أسميها ما بعد أوسلو فعليًا، وأقصد أن أوسلو لها مظاهر موجودة من الناحية النظرية، لكنها فعليًا توارت منذ الانتفاضة الثانية، وياسر عرفات رحمة الله عليه، عندما رأى أنها وصلت إلى طريق مسدود وأن العدو انقلب عليها، فعرفات انقلب عليها بطريقة ذكية وزاوج بين السياسة والمقاومة.
مشعل: أوسلو ينبغي كأحد استحقاقات ما بعد الطوفان وترتيب البيت الفلسطيني، والأساس الذي نرتب عليه البيت الفلسطيني، أن نعتبر أنفسنا دخلنا في مرحلة ما بعد أوسلو فعليًا، وليس المؤثر الوحيد فيه هو الطوفان وتأثيراته الهائلة، إنما أيضًا سلوك الحكومة الإسرائيلية، فما قيمة الحديث عن أوسلو، واليوم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يعملون على تغيير الواقع في الضفة الغربية، ويطبقون أجندة طرد الشعب الفلسطيني، وفرض الواقع الجديد على القدس والأقصى، نحن اليوم في واقع جديد، وعلينا تجاوز أوسلو فعليًا، وهذا استحقاق لا بد منه، وينبغي أن لا تكون موضع خلاف بيننا.
مشعل: النقطة الثانية وهي استراتيجية المقاومة، فلا طريق لنا إلا المقاومة، وأي رهان آخر ثبت فشله، فالمقاومة هي من تخلق الفرص والآفاق، حتى الآفاق السياسية تصنعها المقاومة، لذا على الجميع الانخراط في المقاومة سواء كفصائل وقوى وأجنحة عسكرية، كجغرافيا وساحات، وألا يترك العبء على غزة وحدها، نعم هناك تحد كبير في أراضي الثمانية وأربعين والضفة والقدس، لكن هذا شعب واحد وقضية واحدة.
مشعل: البعض يقول إن أثمان المقاومة كبيرة، وهذا صحيح فغزة تدمرت، ولا نحتاج إلى أن نتجادل في ذلك، لكن منذ متى كان التحرير وكانت المقاومة وإنجاز الأهداف الوطنية بدون أثمان؟، فلا تحرير ولا تحقيق لأهدافنا إلا عبر المقاومة.
مشعل: الفرق بين أثمان المقاومة وأثمان المفاوضات والرهان على التسوية، أن المقاومة تدفع أثمانًا وخسائر وشهداء وضحايا لكنها تنجز، فقد أنجزت في جنوب لبنان وفي غزة، وأنجزت لدى الكثير من الشعوب، بينما التسوية تدفع أثمانًا ويبقى القتل والمجازر الإسرائيلية والاستيطان والخنق والحصار دون أي هدف.
مشعل: النقطة الثالثة وهي حول المشروع الوطني والبرنامج السياسي الفلسطيني المشترك، فالمطلوب اليوم أن نتفق على مضمون المشروع الوطني الفلسطيني ومفاهيمه وعناوينه المركزية، والاستراتيجية المتبعة لتحقيقه سواء عسكرية أو سياسية، والثوابت والمتغيرات، والسياسات المتفق عليها فلسطينيًا، وقيادة المشروع، ودور الداخل والخارج.
مشعل: كل هذه مسائل ينبغي أن تكون حاضرة، ولا نسمح لأحد أن يحتكر عناوين أو مؤسسات، أو أن يحول دون أن ت فتح كل هذه العناوين لصالح الشعب الفلسطيني، كما ليس من حق حماس أو غيرها من قوى المقاومة التي تبذل الجهد الكبير في معركة الطوفان، أن تترجم دورها المركزي في الطوفان لصالح تفردها، فنحن نريد أن نبني المشروع الوطني معًا.
مشعل: النقطة الرابعة حول موضوع الدولة الفلسطينية، فهل الدولة أولًا أم التحرير أولًا؟، فهل نحن نريد دولة بالمعنى الرمزي السياسي كما أعلناها منذ عام 88، أم نريد دولة حقيقية على الأرض، وأعتقد يكفي أن نركز على الدولة باعتبارها مجرد رمز سياسي وعنوان مكتوب على ترويسات الأوراق الرسمية، فهذه دولة في الهواء.
مشعل: هل نريد الدولة ثمرة ونتيجة لاتفاق سياسي؟ أم هو ثمرة ونتيجة للتحرير وتقرير المصير، وثبت أن أي اتفاقات سياسية مع المحتل وبرعاية دولية أو إقليمية، لا ينتج لنا دولة ذات سيادة حقيقية على الأرض، كما جرى في أوسلو، فمن حقنا أن نطالب بالدولة، لكن لا أن نعيش وهم أن الدولة هكذا أو بحصولنا على عضوية مراقب في مجلس الأمن أننا أصبحنا دولة.
مشعل: الاعتراف المتزايد في الدولة كما جرى مع أسبانيا وإيرلندا وغيرها من الدول، كان من ثمرات الطوفان، وأصبح الحديث عن الدولة مقبولًا، ولكن هل نعتبر هذا غاية المنى، أم يكون السؤال بعد شكر شجاعة الدول، كيف نحقق هذه الدولة على الأرض، وليس مجرد قرار سياسي.
مشعل: النقطة الخامسة المتعلقة بالقيادة الفلسطينية والمرجعية الوطنية وبناء المؤسسات الفلسطينية.. للأسف لنا أكثر من ربع قرن في هذا المخاض، منذ 2005 وحتى الآن، وهذا عبث لا يمكن الصبر عليه، ولا يمكن تكرار هذه المحاولات بنفس السردية وبنفس المقاربات.
مشعل: في ظل هذا الفراغ جرت محاولات متعددة منها المؤتمر الشعبي، ولقاءات الفصائل، والمحاولات الشعبية والنخبوية الآن، وجرت محاولات بناء جبهة وطنية قبل الطوفان بسنة، وكل ذلك تعثر، لأن المشكلة أن من يملك مفاتيح المؤسسات لا يسمح بهذا وأصبح الأمر واضحًا.
مشعل: لتسهيل الأمر ما هي آلياتنا لترتيب هذه المؤسسات، القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير وبناء كل مؤسساتنا السياسية الفلسطينية، آلياتنا هي الانتخابات والتوافق والشراكة، والتمسك جميعًا بذلك، وتفعيل وإعمال العقل والجهد السياسي بهذه الآليات، لتمرير المرحلة الانتقالية بيسر.
مشعل: دعونا نتفق على مرحلة انتقالية نشكل هذه الأطر ونرتب مؤسساتنا السياسية بدرجة عالية من التوافق كمرحلة انتقالية، حتى لا يظن أحد أنه سيخرج من المشهد، وبعد أن تنضج ظروفنا يمكننا الذهاب إلى انتخابات، المهم أن نكون شركاء وألا ينفرد أحد هنا أو هناك وألّا تموت مؤسساتنا.
مشعل: النقطة السادسة هي حكومة توافق وطني وإدارة الوضع في غزة ما بعد الحرب، وتحدي الإيواء وإعادة البناء وإغاثة الناس، وهو عنوان مهم واستحقاق طبيعي، ليس على قاعدة المتربصين أو المنتظرين، ولا على قاعدة ما تريده أمريكا أو العدو نفسه على تباين بينهم من يملأ الفراغ، والفراغ ليس موجودًا أصلًا وحاولوا خلق فوضى وفراغ وفشلوا.
مشعل: الأولوية تكون لحكومة توافق وطني يسهل تفرغها لإعادة البناء والإعمار وإيواء الناس، وأن نقدم شخصيات تمثل الشرائح الاجتماعية المؤثرة في الساحة الفلسطينية في غزة والضفة، والفصائل تكون ساندة لها، ونشكل كذلك إدارة ساندة لغزة، ولن نسمح بترك فراغ في غزة.
مشعل: النقطة السابعة، تحدي وضع القدس والضفة الغربية القادم والقائم، ولا شك أن هذا تحد كبير وينبغي أن يشغلنا جميعاً، وهذا استحقاق له ما بعده، وإن كنا منهمكين في معركة غزة، لكن هذا هو الوطن الفلسطيني، الجرح في غزة يعنينا والجرح في القدس والضفة والثمانية وأربعين والمخيمات، فأي قيادة فلسطينية يجب أن تعيش لشبعها وهمه، وتتقدم الصفوف وأن تضحي.
مشعل: محتاجون أن نحضر أنفسنا لهذا الاستحقاق، واستحقاق الأسرى والمعركة في السجون، فكل قائد في التاريخ كان همُّ شعبه يشغله ليل نهار، فالقيادة لها استحقاقها ولها مسؤوليتها، فهي تكليف وليست تشريفًا.
مشعل: حماس تثق بنفسها وبشعبها وبشركائها في الساحة الفلسطينية، ولا تريد أن تقصي أحدًا، وليس من حقها أن تفعل، ومن يراهن على سقوط حماس فليعيش في هذه الأوهام، وترتيب البيت الفلسطيني، مسؤوليتنا جميعًا في الداخل والخارج، من الفصائل والقوى وشخصيات مستقلة وشرائح مجتمعية ونخب وكل من موقعه، فهذه مسؤولية الشعب الفلسطيني، ولا أحد يستطيع أن ينفرد بتحمل هذه المسؤولية.
مشعل: الطوفان غير كثيرًا من الحقائق ومن عناصر المشهد الإقليمي والدولية وداخل الكيان وداخل المنطقة، فلا يصح مطلقًا أن يغيب تأثيره عن ترتيب البيت الفلسطيني، هذا أمر لا نتسوله، بل سيفرض بالأمر الواقع.