شكل قرار جيش المستعمرة بنقل جزء من لوائح صلاحياته الإدارية في الضفة الفلسطينية، لموظفي «الخدمة المدنية» ممن يتبعون للوزير سموترتش، و يؤيدون الاستيطان والمستوطنين، ويتبعون لهم، ويدعمون برنامجهم التوسعي الاحتلالي، شكلت الخطوة الثانية في برنامج تسويقها لخطة يعمل على تسويقها.
الإدارة المعنية التي قدمت لها الصلاحيات، مسؤولة عن التخطيط والبناء على مساحة تقدر بـ60 بالمئة من مساحة الضفة الفلسطينية، وهي تغطي قطاعي البناء والزراعة.
خطوة نقل الصلاحيات من الجيش إلى «الإدارة المدنية « تشكل الخطوة الثانية المبرمجة، بعد خطوة الجيش الأولى المتمثلة بقراره الإعلان عن «هدنة عسكرية تكتيكية في الأنشطة العسكرية» على قسم من جنوب قطاع غزة ، ودوافعها التضليلية في أهدافها «إنسانية» كما أعلنها ويدعيها جيش الاحتلال.
خطوتان متلازمتان: الأولى لدى قطاع غزة، والثانية لدى الضفة الفلسطينية، وهدفهما تبرئة الجيش وتحصينه من التورط الشكلي الإجرائي في أعمال يمكن أن تسجل عليه أمام المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، وارتكابه أعمالاً مخلة بحقوق الإنسان، وتورطه بالقتل الجماعي والتطهير العرقي، وهو بذلك يريد الاستفادة من قرار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية الذي اقتصرت ادعاءاته ومطالباته للاستدعاء على كل من رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع يؤاف جالنت، باعتبارهما يتحملان مسؤولية التجاوزات التي قارفها جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، ولم يشمل قرار مدعي محكمة الجنايات الدولية رئيس الاركان وضباط الجيش الذين يقترفون الموبقات الجُرمية البشعة بالقتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين، وأغلبيتهم من النساء والأطفال.
خطوتان مقصودتان لتبرئة الجيش وإبعاده عن موبقات الادانة.
مقررة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من خلال تقريرها المقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة وضعت جيش الاحتلال ضمن «القائمة السوداء» ، « قائمة العار» بارتكاب الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين، وهو تقرير تقتصر متابعته لأفعال جُرمية قارفها جيش المستعمرة الإسرائيلية طوال عام 2023، مما يدفع لمحاولات التراجع عنه لاحقاً في تقرير المتابعة عن سنة 2024، وأن الجيش صوّب وضعه عبر خطوات مقترحة من جانبه، حتى تقتصر الملاحقة والمتابعة على القيادات السياسية المتغيرة غير الثابتة باعتبارها حصيلة الانتخابات والدوافع السياسية، بينما الجيش مؤسسة ثابتة، تحظى بالاجماع الاسرائيلي، ويعملون على ابعادها عن مظاهر تجعله في موقف الشبهة والإدانة، وأن أفعاله في ارتكاب التجاوزات والمحرمات والجرائم ضد المدنيين، يعود لتعليمات القيادات السياسية التي لا تخجل من العار، بل تتباهى أمام قواعدها الحزبية والجماهيرية المتطرفة سياسياً ودينياً أنها تفعل ذلك من أجل بقاء مشروع المستعمرة «دولة اليهود» ودفع الفلسطينيين نحو الرحيل واللجوء الاجباري أو الاختياري، هروباً من القتل المتعمد والتدمير المقصود.
خيارات المستعمرة وقياداتها وجيشها المنفذ لمخططات القتل والتطهير العرقي والقتل الجماعي المقصود والمنظم، تتوسل عبر مسعاهم في العمل على تبرئة الجيش أمام المؤسسات الدولية، وحقيقة أن مسعاهم مثل أمل إبليس بالجنة، فهو المدان حتى نخاع العظم، وسواء تم ذلك بقرار من القيادات السياسية أو العسكرية أو الأمنية، فالحصيلة واحدة والنتيجة أن من يرتكب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني هو الجيش، ولهذا وصلته الادانة المقصودة من قبل الأمم المتحدة، وتم وصفه ووضعه بالقائمة السوداء، قائمة العار على جرائمه البائنة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية