وكالة غوث وتشغيل اللاجئين انشئت في ديسمبر 1949 وفق قرار الجمعية العامة 302 الذي الذي اشار لقرار الجمعية العامة 212 المتعلق باشاء لجنة اغاثة لاجئي فلسطين واثنى على عملها وعلى الدول الداعمة لها والمؤسسات الأخرى في تخفيف معاناة لاجئي فلسطين وعاود التأكيد على ضرورة استمرار تخفيف الأغاثة لتلاشي المجاعة والبؤس. القرار كما هو واضح اغاثي انساني ومرتبط باستمرار عملها هو استمرار الحاجة والفاقة الأمر الذي لا يشكك في استمرايته ولكن الاستمرارية مرتبطة بتوفر الموارد المادية والبشرية لوكالة الغوث للقيام بتنفيذ ولايتها، ولكن هذا الدعم والتمويل يقوم على اساس طوعي كما جاء في القرار ولا يوجد ادنى مستوى من الالزام للدول والهيئات في تقديم التبرعات المالية والعينية الا كرم الاخلاق وفي بعض الأحيان شعور بالذنب.


لكن بامعان النظر في الفقرة الخامسة من القرار 302، والتي تنص على ما يلي " تعترف بأنه من الضروري استمرار المساعدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، بغية تلافي أحوال المجاعة والبؤس بينهم، ودعم السلام والاستقرار، مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة رقم 194 (الدورة 3) الصادر في 11 كانون الأول 1948، وتعترف أيضا بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة، في أقرب وقت، بغية إنهاء المساعدة الدولية للإغاثة" . ويجب هنا ملاحظة نهاية الفقرة التي تفيد بضرورة إنهاء المساعدة الدولية اي ان وكالة الغوث وكالة متخصصة مؤقتة وليست دائمة في جانبها الأغاثي ، أما فيما بتعلق بالأشارة والربط مع القرار 194 غاية في الأهمية ،حيث ربط المركز القانوني والسياسي للاجئي فلسطين بتنفيذ قرار حق العودة مع التركيز على الفقرة 11 منه والتي تنص " تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.


- وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة".


دون الأفراط في تحليل تلك الفقرة فانها بشكل واضح تقرر وجوب السماح الفوري بالعودة وتعويضهم عن ممتكلاتهم لمن يقرر بعدم العودة اي ان الأمر حق جماعي وفردي، الأمر الذي لم يحدث وفشلت الأسرة الدولية باعمال حق العودة ، مما يعني ضرورة استمرار وكالة الغوث في العمل على تنفيذ ولايتها على الأقل في الشق السياسي والقانوني المرتبط بإعمال الفقرة 11 من القرار 194.


تمر وكالة الغوث بازمة مالية قديمة جديدة ويتم ترحيلها من عام لآخر وفق تمويلات منقوصة مما ادى الى تراكم العجز المالي في موازنتها التشغيلية لأنها لا تمتلك موازنة قارة اعتيادية كون مصادر تمويلها طوعية من الدول والجهات وموازنتها ليست جزء من الموازنة الاعتيادية للأمم المتحدة كالوكالات المتخصصة الأخرى. الازمة المالية القديمة الجديدة تتهدد عمل الوكالة وخصوصا الموسم التعليمي القادم الذي يمكن تأجيله وذلك يتهدد اكثر من سبعمائة مدرسة في البدان الاربع المضيفة ، التي تقع فيها عمليات الوكالة وهي فلسطين والأردن ولبنان وسوريا، واذا ما تم ذلك فهو أمر كارثي بكل المعايير وله انعكاسات شتى اذا ما اخذنا بعين الاعتبار الظروف السياسية والعقائدية والقتل والاقتتال اضافة الى التجهيل وتدمير اجيال بكاملها والقضاء على مستقبلها. هل فلسطين والقيادة والجامعة العربية وهما اعضاء مراقبين في الهيئة الاستشارية للوكالة التي تضم 27 دولة كأعضاء، ثمانية منهم بلدان عربية وثلاث مراقبين هم فلسطين والجامعة العربية التي تبلغ مساهمتهما لموازنة أو السعي لدى المانحيين للمساهمة في موازنة الوكالة صفر، واخيرا الاتحاد الأوروبي كعضو مراقب والذي تبلغ مساهمته قرابة 47% من موازنة الوكالة.!!!!!


ما يجب أن تقوم به القيادة الفلسطينية هو العمل على إستصدار قرار من قبل الجمعية العامة يعاود التأكيد على الولاية المناطة بالوكالة ويضمن استمرار عملها وربط انتهائه بانجاز حق العودة وفق القرار 194 والأنتقال بطبيعة ولايتها من الاغاثي حصراَ الى الانساني السياسي؟ من المؤكد ان هكذا مسعى من قبل من اقتصر عملهم حتى اللحظة على شكوى هموم اللاجئين للاجئين وتحت قاعدة "اللهم ما إني بلغت اللهم فاشهد"، سيحصد أغلبية أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة . وهنا أذكر بأن اليونسكو عندما صوتت على عضوية فلسطين قامت الولايات المتحدة بمعاقبتها بوقف تمويلها للمنظمة الأمر الذي كان له اثر سلبي كبير عليها لكنها لم تتوقف أو تختفي لكونها وكالة متخصصة ولها موازنة ثابته كجزء من الموازنة الاعتيادية للأمم المتحدة، بعكس ما حصل للأونروا عندما قامت كندا بوقف تمويلها الطوعي لها الأمر الذي تطلب جهد كبير من قبل قيادة الوكالة والأمم المتحدة لتعويض مساهمتها. يجب التنويه بأن مشاهدة الأرقام التي تعكس مساهمة بعض البلدان العربية والاسلامية للوكالة صادمة ومخجلة . كم أذكر بقرار لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عندما أنشئت منصب وولاية المقرر الخاص بالأراضي الفلسطينية المحتلة ربطت زوال وانتهاء الولاية بزوال الاحتلال وبذلك لا يوجد موجب لعرض تجديد أو تمديد الولاية الخاصة به في كل دورة لإنعقاد مجلس حقوق الإنسان.


على القيادة الفلسطينية ودبلوماسيتها الدعوة المشتركة مع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لعقد مؤتمر لمناقشة أوضاع الوكالة وضرورة انشاء آليات وقرارات تضمن عدم تكرار الأزمة ؟


على المستوى الشعبي، ان التحركات الجارية من قبل لجان اللاجئين هو حق اصيل لهم ولمن يمثلون ويجب ان يدعم من قبل القيادة الفلسطينية ومحاولة توحيده في البلدان الأربع التي تقع فيها عمليات الوكالة للمطالبة بحقوقهم في التعليم والغذاء والصحة وحق العودة ايضاً. وعلى القيادة والفصائل الفلسطينية الانتقال من مربع التنديد والتشكيك بالشراكة مع القوى العربية الحية وغيرها ، ويجب التذكير هنا ان ولاية وكالة الغوث تنطبق على لاجئي فلسطين وليس فقط الفلسطينيين .


إن اصرار المفوض العام للوكالة على تحصيل قيمة العجز المالي ورفضة للمساهمات المجزوئة التي من شأنها أن تراكم وترحل العجز المالي للسنة القادمة هو توجه وموقف يجب دعمه لا التشكيك فيه على الرغم انه لم يعلن رسمياَ حتى اللحظة عن تأجيل بدء العام الدراسي او الغائه، لأنه على الأغلب على يقين بأن الأزمة في طريقها للحل وفق زياراته المكثفة لعديد البلدان. كذلك نهيب به وقف الاعلان عن اية اجراءات تقشفية كما اعلن مؤخرأ حول امكانية وضع عدد من الموظفين في اجازة مفتوحة دون راتب وتقليص بعض الخدمات ، الأمر الذي ي فتح شهية المتربصين بالوكالة واللاجئين.


إن أهمية استمرار الوكالة في الوجود والعمل غني عن التعريف به وتبيانه، ومعاناة اللاجئيين آخذة في التفاقم في البلدان المضيفة بما فيها فلسطين التي وقعت اتفاقية كبلد مضيف بعد انشاء السلطة الفلسطينية. وهنا يطرح السؤال عن الجهد التي تقوم به السلطة ما اذا كان يرتقي لمستوى الأزمة أم لا؟


في ظل تفاقم معاناة اللاجئين في العديد من البلدان العربية سواء بفعل رسمي او تبعاً لظروف تمر بها بعض البلدان ، علينا كفلسطينيين بتذكير جامعة الدول العربية والدول الأعضاء بالوسائل القانونية الواردة في وثيقة برتوكول الدار البيضاء الذي تم اعتماده من قبل مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية في العام 1956، المتعلقة باجراءات والتزامات تلك الدول تجاه اللاجئيين الفلسطينيين والمطالبة بتحديثها وتطويرها بما يضمن تخفيف معاناتهم.؟


أن اي جهد أو تحرك ستقوم به القيادة الفلسطينية يجب ان لايقتصر على الدول العربية وانما يجب أن يستهدف الأسرة الدولية وذلك لدرء مخاطر حصر التمويل مستقبلاَ في البلدان العربية ويفسح المجال لتفصي الأسرة الدولية من مسئولياتها.

إن شلّ الوكالة ، أو تقليص خدماتها اضطرارا، أو تقليص أعداد المستفيدين من خدماتها، هو جريمة أخرى ترتكب بحق الفلسطينيين وخصوصاَ لاجئيها . فهل سيكون النظام العربي الرسمي جزء منها؟ وكلي أمل أن تكون الأجابة بالنفي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد