عندما كتبت العنوان في البداية كان "التغييرات الفلسطينية"، ثم استدركت الأمر لأنها تغييرات أرادها الرئيس أبو مازن ودائرته الأولى، واتضح ذلك في طريقة "اقالة المحافظين الجماعية" ثم الاستدراك بتكريمهم في صالة صغيرة مغلقة.

تلا ذلك الحديث عن حركة تغييرات في السلك الدبلوماسي اعتماد على معيار السن، رغم وجود اجماع فلسطيني على ضعف أداء الجهاز الدبلوماسي على صعيد التمثيل السياسي للقضية وخدمة الجاليات والشتات في الخارج.

الكل يعلم ان المحافظين والسفراء يتبعون للرئيس أو مؤسسة الرئاسة والطعن في أداءهم تشكيك في قدرة مؤسسة الرئاسة ذاتها، لأن العمل الوطني بالتراكم والمتابعة والتقييم الدوري وليس بترك الحبل حينا من الدهر، ثم "معاقبة المسؤولين" الذين تركوا للاجتهاد في ظروف سياسية صعبة، قبل أن يأخذهم قرار الرئيس المفاجئ، وهنا لا أبرر قصورهم لكن الموضوعية تقتضي تقييم شامل للواقع.

إن شغور نحو 50 موقع جديد في أعلى السلم الوظيفي براتب عالي وامتيازات كبيرة يعد فرصة سانحة للكثير من الطامحين الى تلك المواقع الهامة خاص داخل حركة فتح التي تستعد لمؤتمرها الثامن نهاية العام الجاري، وقد تكون مقدمة لبناء ولاءات جديدة لرجال الرئيس الذين يشكلون ترتيبات المرحلة القادمة.

يبدو أن الرئيس أراد إسالة لعاب الجميع قبل المؤتمر الثامن لحركة فتح لضمان سير المؤتمر وفق تصور ومنهج الرئيس الذي دأب عليه منذ عام 2007 دون تغيير مع ثبات في العناوين الرئيسية ومراوحة سياسية ووطنية تسير ببطيء، فيما الإقليم والعالم يضج بالتغييرات والتقلبات خاصة داخل دولة الاحتلال.

لذلك يعد حديث الرئيس على ضخ دماء جديدة هو سلب لحق الشعب الفلسطيني في اختيار رئيسه وبرلمانه الوطني الذي يفرز لاحقا كل المؤسسات التنفيذية والقضائية في انتخابات وطنية شاملة بدلا من عمليات ترقيع لن تصلح النظام السياسي الهش والمترهل.

ويجب ان نذكر ان اخر انتخابات وطنية كانت في 2005/2006 لموقع الرئيس والمجلس التشريعي فيما المجلس الوطني الذي يعد برلمان الفلسطينيين في العالم يتم اختيار أعضاءه بالتعيين من قبل فصائل منظمة التحرير فقط.

لذلك إذا أرادت النخبة الفلسطينية التغيير والانحياز للهم الوطني العام والتعبير عن إرادة المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج عليها عدم السماح بتمرير "إصلاحات جزئية" تزيد أعباء المراوحة الوطنية وحالة السكون السياسي بالإصرار على الانتخابات كممر اجباري لإعادة رسم الخارطة الوطنية وتحديد الأوزان السياسة عبر صناديق الاقتراع فقط، في ضوء فشل المصالحة او عملية إدارة الانقسام.

ان التغييرات المزمعة من قبل الرئيس حتى لو كانت بالاتفاق مع حركة حماس بالنظر للتصريحات الإيجابية التي أطلقها نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، لا يمكن لأي تغييرات إدارية إصلاح الواقع الصعب ولا بمقدورها تمتين المؤسسات الفلسطينية في مواجهة التغول الإسرائيلي الشامل تجاه الحقوق والكينونة الفلسطينية.

الحل الوحيد هو حشد الجهود الوطنية المخلصة من اجل إيجاد آليات لإجراء انتخابات وطنية شاملة وكسر الاحتكار والاستفراد بل والحجر على إرادة الشعب الفلسطيني.

لقد تجاوز الوضع مرحلة الترقيع ولا يمكن تمرير قرارات قائمة على مصادرة حق الشعب والأجيال الفلسطينية المحرومة من التعبير عن ارادتها واختيار من يمثل ألامها وأمالها وتطلعات للمستقبل وإدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي عبر شرعية تمتلك قوة التعامل مع الصديق والعدو.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد