"هيومن رايتس ووتش": ارتفاع عمليات القتل الإسرائيلية للأطفال الفلسطينيين
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش''، في تقرير أوردته، اليوم الإثنين 208 أغسطس 2023، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قوات "حرس الحدود" الشرطية، "يقتلون أطفالا فلسطينيين دون أي سبيل للمساءلة"، وكشفت عن معطيات تؤكد تصاعد جرائم القتل التي يستهدف من خلالها الاحتلال الأطفال الفلسطينيين.
وأفادت المنظمة بأن عام 2022 الماضي كان "أكثر الأعوام دموية للأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 15 عاما"، وأوضحت أن "عام 2023 مستمر في نفس الوتيرة أو أنه سيتجاوز أعداد 2022، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 34 طفلا فلسطينيا في الضفة الغربية حتى 22 آب/ أغسطس الجاري".
وحققت "هيومن رايتس ووتش" في أربعة حوادث إطلاق نار تسببت في قتل أطفال فلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 وآذار/ مارس 2023.
وأوضحت المنظمة أنه "أثناء توثيق عمليات القتل الأربعة، أجرى باحثو هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية مع سبعة شهود وتسعة من أفراد الأسر وسكان آخرين ومحامين وأطباء وعاملين ميدانيين في منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، وراجعوا كاميرات المراقبة والفيديوهات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات التي أصدرتها أجهزة الأمن الإسرائيلية والسجلات الطبية والتقارير الإخبارية".
وأفاد المدير المشارك لقسم حقوق الطفل في "هيومن رايتس ووتش"، بيل فان إسفلد، بأن "القوات الإسرائيلية تقتل الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال بوتيرة متزايدة. ما لم يضغط حلفاء إسرائيل، لا سيما الولايات المتحدة، على إسرائيل لتغيير مسارها، فسيُقتل المزيد من الأطفال الفلسطينيين".
وشملت تحقيقات المنظمة قضية الشهيد محمود السعدي (17 عاما)، الذي قتلته القوات الإسرائيلية أثناء سيره إلى المدرسة بالقرب من مخيم جنين للاجئين في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وأوضحت المنظمة أن "الجيش الإسرائيلي لم يتطرق إلى مقتل السعدي على وجه التحديد، لكنه قال إن قواته كانت تجري اعتقالات في المخيم، تم خلالها تبادل إطلاق النار مع مقاتلين فلسطينيين".
في المقابل، كشفت المنظمة أن "أقرب تبادل لإطلاق النار وقع في أحد منازل المقاتلين المزعومين، على بعد حوالي 320 مترا من مكان إطلاق النار على محمود، بحسب تصريحات السكان".
ولفتت إلى أن "محمود وقف على جانب الطريق، منتظرا توقف أصوات إطلاق النار من بعيد، ولم يكن يحمل أي سلاح أو مقذوفات، بحسب قول أحد الشهود، وما أظهره فيديو لكاميرا مراقبة اطلعت عليه ‘هيومن رايتس ووتش‘".
وقال الشاهد إنه "بعد توقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية، أصابت محمود طلقة واحدة أُطلقت من مركبة عسكرية إسرائيلية على بعد حوالي 100 متر".
وأكد الشاهد أنه "لم يكن هناك أي مقاتلين فلسطينيين في المنطقة. قُتل محمود على مقربة من الشارع الذي قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فيه الصحافية شيرين أبو عاقلة في 11 أيار/ مايو 2022".
وفي الحالات الأخرى التي تم التحقيق فيها، قالت المنظمة إن قوات الاحتلال "قتلت فتيين بعد أن انضموا إلى شبان آخرين كانوا يواجهون القوات الإسرائيلية بالحجارة أو الزجاجات الحارقة (المولوتوف) أو الألعاب النارية".
وأفادت بأنه "مع أن هذه المقذوفات قد تتسبب بإصابات خطيرة أو بالقتل، في هذه الحالات، أطلقت القوات الإسرائيلية النار بشكل متكرر على مستوى الصدر، وأصابت العديد من الأطفال".
وشددت المنظمة على أن قوات الاحتلال "قتلت الأطفال في مواقف لا يبدو أنهم كانوا يشكلون فيها تهديدا بإصابة خطيرة أو وفاة، وهو معيار استخدام القوة القاتلة من قبل جهات إنفاذ القانون بموجب المعايير الدولية".
وأكدت أن "هذا من شأنه أن يجعل عمليات القتل هذه غير قانونية".
ولفتت المنظمة إلى أن "الفتى محمد السليم (17 عاما) أصيب برصاصة في ظهره أثناء هروبه من جنود الاحتلال بعد قيام مجموعة من أصدقائه بإلقاء حجارة على آليات عسكرية دخلت قرية بالقرب من مسقط رأسه في عزون، شمالي الضفة الغربية".
وأفادت بأن "ثلاثة أطفال آخرين أصيبوا أيضا برصاص رشاش أثناء فرارهم".
وأضافت المنظمة أن "قناص إسرائيلي أطلق النار على وديع أبو رموز (17 عاما)، من الخلف أثناء تواجده مع مجموعة من الشبان يرشقون الحجارة ويطلقون الألعاب النارية على سيارات شرطة ‘حرس الحدود‘ في القدس الشرقية حوالي الساعة 10 مساء 25 كانون الثاني/ يناير 2023".
وتابعت "أصيب فتى آخر في المجموعة بالرصاص. قيّدت قوات الأمن وديع بسريره في المستشفى، وضربته ومنعت أقاربه من زيارته، واحتجزت جثمانه لأشهر بعد وفاته، وطالبت عائلته بدفنه بهدوء في الليل".
وفي جميع الحالات، وفقا لـ"هيومن رايتس ووتش"، "أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الجزء العلوي من أجساد الأطفال، دون إصدار إنذارات أو استخدام وسائل شائعة أقل فتكا كالغاز المسيل للدموع أو قنابل الصوت أو الرصاص المطاطي".
وفي مخيم الدهيشة، ذكرت المنظمة أن "آدم عيّاد (15 عاما) قُتل برصاصة قاتلة من الخلف في 3 كانون الثاني/ يناير بينما كانت مجموعة من الفتية تقذف الحجارة وزجاجة حارقة واحدة على الأقل على القوات الإسرائيلية".
ونقلت المنظمة عن شهود عيان قولهم إن "القناص أطلق النار أيضا على صبي عمره 13 عاما وأصابه".
وأفادت المنظمة بأنها "كتبت إلى الجيش والشرطة الإسرائيليين في 7 آب/ أغسطس مستفسرة حول القضايا الأربعة وقواعد الاشتباك للقوات". وقالت "رفض مكتب المدعي العام العسكري الإجابة عن الأسئلة بشأن عمليات القتل ما لم تقدم ‘هيومن رايتس ووتش‘ وكالة قانونية عن كل حالة، لكنه قال إنه سيرد في المستقبل بشأن قواعد الاشتباك".
وتسمح قواعد الاشتباك المتبعة من الشرطة الإسرائيلية باستخدام الأسلحة النارية ضد الأشخاص الذين يُلقون حجارة أو زجاجات حارقة أو ألعاب نارية فقط إذا كان هناك "خطر وشيك على الحياة أو السلامة البدنية".
فوق المحاسبة
وذكرت المنظمة أن "السلطات الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة ضد الفلسطينيين في عمليات حفظ الأمن على مدى عقود"، وشدد على أنه "دائما ما تتقاعس السلطات عن محاسبة قواتها عندما تقتل قوات الأمن الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، في ظروف لم يكن فيها استخدام القوة القاتلة مبررا بموجب المعايير الدولية".
وأفادت منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية أنه بين عامي 2017 و2021، انتهت أقل من 1% من الشكاوى المتعلقة بانتهاكات القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك القتل والانتهاكات الأخرى، إلى تقديم لوائح اتهام. في 2021، ومن أصل 4,401 شكوى قدمت إلى دائرات التحقيقات الداخلية لدى الشرطة، ومن ضمنها شكاوى من مواطنين فلسطينيين، أسفر 1.2% منها فقط عن إدانات بحسب مراقب الدولة.
وقتلت قوات الأمن الإسرائيلية ما لا يقل عن 614 فلسطينيا صنفتهم "الأمم المتحدة" كمدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية خلال هذه الفترة. لكن ثلاثة جنود فقط أدينوا بقتل فلسطينيين، بحسب "ييش دين"، وحُكم عليهم جميعا بأحكام قصيرة بالخدمة العسكرية المجتمعية.
واعتبرت منظمة " بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، التي قدمت على مدى عقود شكاوى موثقة حول عمليات قتل قام بها الجيش الإسرائيلي، نظام إنفاذ القانون الإسرائيلي "منظومة لطمس الحقائق".
في ظل الأبارتهايد
ولفتت "هيومن رايتش ووتش" إلى أن "عمليات القتل تحدث في سياق ترتكب فيه السلطات الإسرائيلية جرائم ضد الإنسانية تتمثل في الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، حسبما وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى".
وفوّض "مجلس الأمن" الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد لوائح يُدرِج فيها القوات العسكرية والجماعات المسلحة المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة سنويا.
الأمم المتحدة فوتت فرصة لحماية الأطفال
وأفادت المنظمة بأنه "بين 2015 و2022، نسبت الأمم المتحدة وقوع أكثر من 8,700 ضحية من الأطفال إلى القوات الإسرائيلية، ومع ذلك لم تُدرَج إسرائيل على الإطلاق في القائمة". بغم إدراج "قوات أخرى قتلت وجرحت أطفالا أقل بكثير مما فعلت إسرائيل".
وأشارت إلى أن "الوصمة المرتبطة بـ‘قائمة العار‘ للأمين العام كبيرة، ويتعيّن على الأطراف المُدرجَة فيها أن تضع وتنفذ خطة عمل للإصلاحات لإنهاء الانتهاكات حتى يُرفَع اسمها عن القائمة".
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن "الأمم المتحدة فوتت فرصة لحماية الأطفال بعدم إدراجها لإسرائيل. على الأمين العام استخدام معايير موضوعية لتحديد قائمة عام 2023".
وأفاد فان إسفلد بأن "الأطفال الفلسطينيين يعيشون واقع الفصل العنصري والعنف الهيكلي، حيث يمكن أن يُطلق النار عليهم في أي وقت دون أي احتمال جدي للمساءلة. يتعيّن على حلفاء إسرائيل مواجهة هذا الواقع القبيح وممارسة ضغوط حقيقية من أجل المساءلة".