68-TRIAL- تجيد إسرائيل سياسة التحريف والتعويم ، بالإنتقال من خيار إلى خيار ، ومن موقف لموقف ، والتحول من القضية الأساسية لقضايا فرعية أو مختلقه لا تكلفها ثمنا سياسيا كبيرا ، وبالمقابل تفرض على الجانب الفلسطينى وهو الطرف المباشر في سياسة تنتهجها إسرائيل. فعندما تواجه إسرائيل بنقد عن سياساتها التي تمارسها ضد الشعب الفلسطينى الذي يعانى من إحتلالها ، وقوتها ، إقوانينها العنصرية ، تذهب لإتهام الشخص أنه معادى لليهودية ، وأنه يكره اليهود ، ويتهم باللآسامية .وتتأرجح إسرائيل بين أكثر من اى خيار تارة تتحدث عن هدوء مقابل هدوء في غزة ،ووأحيانا تلوح بخيار إدارة الإحتلال للضفة الغربية ، ويذهب بعض المتطرفين من اليمين إلى ضم الضفة الغربية بالكامل والتعامل مع السكان كرقم يسعى للعيش ، وأحيانا تتحدث عن خيار مدن إسرائيلية مقابل مستوطنات ، وفى محاولة منها للتخلص من الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية تدفع في دفع الفلسطينيين نحو الأردن ، وتذويب اللاجئيين الفلسطينيين حيث يتواجدون ،او تشجيع الهجرة الهادئة لهم في العديد من الدول الأوربية. ولقد جاءت عملية الإختطاف الأخيرة لثلاثة مستوطنيين لتكشف عن كثير من هذه ألأهداف والنوايا والخيارات ، فلقد جاء رد فعل إسرائيل أبعد بكثير من سياسات عقابية للشعب الفلسطينى ، لتذهب بعيدا في محاولة تفكيك الضفة الغربية من بنية المقاومة ، وتفريغها من قياداتها وخصوصا حماس ، والتفكير في إبعادهم لقطاع غزة. 
وهنا التساؤل مهم لماذا هذه السياسة في الضفة الغربية ؟ ولماذا قطاع غزة أن تتحول لملاذ للمبعدين؟ هذه السياسة توضح لنا ماذا تريد إسرائيل من الضفة الغربية ، وهنا تلعب الإعتبارات الإستراتيجية والموقع الجغرافى للضفة الغربية ووقوعها في قلب الدائرة ألأولى لأمن إسرائيل، أن هدف إسرائيل الواضح ليس المفاوضات ، وليس الوصول إلى تسوية سياسية تحول الضفة الغربية لدولة فلسطينية تتعارض كلية مع اهداف إسرائيل ألأمنية ، إسرائيل تريد الضفة الغربية خالية من أى تهديد لأمنها من قبل المقاومة ، ومن هنا تفكيك بنيتها ، وإعتقال قيادتها ومحاولة إبعادهم ، ومن ناحية أخرى تريد سلطة أمنية وليس سلطة سياسية ، سلطة فلسطينية وظيفتها تحقيق ألأمن لإسرائيل، وضرب المقاومة فيها ، وهى بهذه السياسة تضرب الكينونة الفلسطينية الواحدة ، وتضرب اى محاولة للمصالحة الفلسطينية ، وتحاول ان تحيى المشاريع الإقليمية لحل القضية الفلسطينية ، ففى ظل حكومة يمينية متشددة تؤمن بالإستيطان ، وبعدم الإعتراف بالدولة الفلسطينية ، وفى سياق تصور إسرائيل لنفسها أنها دولة عظمى في علاقاتها بالولايات المتحدة ، لا اعتقد أن إسرائيل متعجلة من التسوية السياسية ، ومن التفاوض طالما انها ترى نفسها قادرة علي فرض الخريطة السياسية التي تسعى لفرضها علي الفلسطينيين ، ومستفيدة بلا شك من الأخطاء الفلسطينية ، وغياب الرؤية الفلسطينية الواحدة لأى من الخيارات ألتى علي الفلسطينيين الإعتماد عليها لإحتواء إسرائيل وعزلها دوليا. وهنا تحاول إسرائيل تطبيق سياسة التحريف علي عملية الإختطاف ، بالإستفادة بتصوير إن القضية ألأساسية هى قضية أمنية مع الفلسطينيين ، وأن السلطة عاجزة على فرض سيطرتها على غزة ، وأن الرئيس عباس لا يملك فرض خياراته، وانه في واد وحماس في واد آخر، وان المصالحة الفلسطينية لا ترتبط بالقدرة على التفاوض، وهذه العملية هى التي خلقت حالة من الإرتباط والتخبط الفلسطينى ، واعادت أجواء الإنقسام من جديد، وأعادت الخطاب السياسى الفلسطينى لمفردات التهجم والتخبط، والتخوين والخيانة ، والنتيجة المنطقية أن الخاسر الوحيد من هذه الحالة هو القضية الفلسطينية التي لا ينقصها تراجع ، وتدهور على المستوى ألإقليمى والدولى . 
ولا شك أن إسرائيل نجحت في الإفادة من التحولات الإقليمية والدولية ، فالنظام العربى يمر الآن في أسوأ حالاته، بل هو معرض للإنهيار بسبب الخلافات العربية العربية التي وصلت إلى حد العداء. وفى قلب هذا التدهور والتراجع الخطير الخاسر هى القضية الفلسطينية التي لم تعد قضية أمن عربيه ، بل وألأخطر من ذلك أن الفلسطينيين وبسبب تجذر حالة الإنقسام يجدون أنفسهم في قلب هذا التدهور العربى ، بل إنهم اول من سيدفع ثمنه، وعل المستوى الإقليمى، الدول الإقليمية المجاورة تبحث عن إنتزاع دور لها كإيران ، وهذا هو هدفها ، ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية ، ودوليا الملفات الدولية كاوكرانيا ، وإعادة بناء النظام الدولى ، لم تعد فيه القضية الفلسطينية لها تأثير أو حسابات ،والمفارقة أن إسرائيل تدرك وتعرف كيف توظف هذه التحولات مستفيدة من ألأخطاء الفلسطينية لترفع عنها نفسها الحصار والمقاطعة ، ولتستمر في سياساتها التهودية والإستيطانية للأراضى الفلسطينيى ، وصولا لواقع لن يعرف الفلسطينيون كيف يتعاملون معه ،اما لماذا غزة ؟ فإسرائيل تدرك إن خيارات غزة محدوده ومحكومة بالتحولات في مصر، وبقدرة إسرائيل على فرض حصارها ، وبقدرتها على تحريك الخيار العسكرى معها ضربا لكل البنية التحتية الفلسطينية . ومحاولة توصيف غزة بانها مقرا للقوى المتشددة ، والتي يسهل عليها وصفها بالإرهاب. هذه السياسات الإسرائيلية تبين خطورة الحالة الفلسطينية ودون إدراك لها سيدفع الجميع الثمن . 25

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد