نحن شعب نعيش على الأمل، فلم يبقى لنا من الحياة في ظل كل ما نعانيه من صعوبات وعذابات وآلام سوى أن نحلم بغد أفضل، وهذا الغد الأفضل يتفاوت في منظور الناس كل حسب محنته وحاجته، فالخريج غده الأفضل عندما يحصل على وظيفة، والعامل عندما يحصل على عمل ، والمريض يريد أن يجد العلاج، والتاجر يريد أن تتحسن الأوضاع فتتحرك عجلة البيع والشراء، والمواطن بشكل عام يحلم بأن يستيقظ في الصباح يذهب إلى عمله أو إلى مدرسته أو .......، دون أن يفكر في الهموم التي من المفترض أن تشغل بال المسئولين والساسة لا المواطنين، كالكهرباء والماء والنظافة والمعابر واستقرار المدخولات وغيرها، ولكن للأسف الشديد أصبح المواطن يفكر عن الدولة، فهو يريد أن يؤمن كل شيء لنفسه وبيته حتى الخدمات التي من المفترض أنها مهمة الدولة لم يعد هناك اعتماد من المواطن على الدولة في توفيرها، فهو يسعى لتأمين نمط حياة يتناسب مع كل هذه المتغيرات والتقلبات بما يساعده على تجاوز الأزمة أو على الأقل التعايش معها، وكل يوم نحن في حال، كنت مع مجموعة من الأصدقاء يتحدثون عن هذه الظروف وكيف يحاولون التغلب عليها ابتداء من اقتناء موتور ومن ثم الانتقال إلى فكرة اليو بي اس وصولا إلى اللدات، وأخيرا في حر الصيف الشديد فكرة المراوح التي تعمل بالبطارية، أسواق رائجة لبضائع وسلع يستخدمها المواطن لكي يغطي عجز الخدمات التي من المفترض أن توفرها له الدولة، لأنها أبسط الحقوق في أي دولة في العالم، هذا الأمر وغيره من القضايا أرهق المواطن وأرهق ميزانيته المتواضعة غير المستقرة أصلا في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يحياها أبناء شعبنا.
هذه المشكلات البسيطة والصغيرة التي تتراكم يوما بعد الآخر على كاهل المواطن - ولا أحد يطرح أو يبحث أو يتحدث عن حلول - للأسف الشديد أرهقت الجميع، وأفقدتنا الوجهة، فإلى متى ستستمر هذه الحالة، ومتى ستصل رسالة المضطهدين في غزة إلى أصحاب القرار، وهل سيتحرك صناع القرار لإيجاد حلول مرحلية تعالج الجراح التي نكئت، أم أن قيادات الشعب الفلسطيني ارتضوا هذه الحالة ولا مانع عندهم من أن يبقى هذا الجرح مفتوحا تاركينه ينزف حتى يؤدي إلى موت صاحبه، ولكنه الموت البطيء الذي يقتل آمال وأحلام وطموحات شعب بأكمله.
في هذه المرحلة العصيبة من واقعنا، كل ما نحتاج إليه هو أن نفكر خارج الصندوق قليلا، وأن نبحث عن حلول جديدة لمشكلات وواقع لطالما تم التعامل معه بطرق قديمة كثيرة لم تحقق أي حل لأي مشكلة، وأرى هنا أنه من الواجب أن يُ فتح المجالُ أمام الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة، والتي تحافظ على مسافة ثابتة من الجميع، ليكون لها دور في هذه المرحلة في لملمة هذا الشتات، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وإعادة إخراج المشروع الوطني بشكل يتوافق عليه الجميع ولو بالحد الأدنى الذي يسمح للجميع بالعمل من خلاله، وهنا أرى أن الخطوات التي يقوم بها عدد من الشخصيات المستقلة، تأتي في هذا الإطار الجامع للكل الفلسطيني، لتمثل تقدما نحو الأمام، في مناقشة قضايا وهموم الشعب الفلسطيني وسكان قطاع غزة تحديدا، ولعلها تحمل بين طياتها أمرا يحرك الجمود الذي أصبح الصفة الملازمة لواقعنا، فنحن بحاجة إلى مد جسور الثقة، لا أن نهدم ما تبقى منها، كما أننا بحاجة حقيقية وماسة إلى تغليب مصلحة المواطن الفلسطيني المقهور في هذه المرحلة من خلال تجاوز كل الخلافات التي "عششت" في أذهان الكثيرين فأصبحوا لا يستطيعون العيش بدون إيجاد ما يذكي نيران هذه الخلافات.
ويبقى الأمل يحدونا في غدٍ أفضل،
وتصبحون على أمل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية