تقنية جديدة لتدعيم قطاع السياحة في إندونيسيا.. هل تنجح؟
تعد إندونيسيا إحدى الوجهات السياحية الساحرة والمتنوعة في جنوب شرق آسيا ، و تعتبر أكبر دولة جزرية في العالم، حيث تتكون من أكثر من 17,000 جزيرة تنتشر عبر المحيط الهادئ وبحر الأرخبيل الإندونيسي. تجمع هذه الجزر المدهشة بين الجبال الخضراء، والشواطئ الرملية البكر، والغابات الاستوائية الكثيفة، والثقافة المتنوعة، لتخلق وجهة سياحية فريدة وساحرة .
حيث قررت إندونيسيا مع تضرر السياحة بشكل كبير بسبب انتشار وباء كوفيد -19 داخل البلاد ، لحماية مستقبلها بوضع تراثها الثقافي على التقنية الجديدة للويب الذي يُعرف بـ"ويب 3" ، و أغلقت بالي أبوابها أمام السياحة العالمية في مارس/آذار 2020 مع انتشار الوباء، ولم تعاود استقبال السياح إلا بعد سبعة أشهر ، ومع اعتماد 80 في المئة من اقتصادها على السياحة، فقد تضررت الجزيرة اقتصاديا بشكل كبير .
ملأت شرارات النار الهواء، حين قام سليل عائلة من الحدادين و التي تعود إلى القرن الخامس عشر، بإدخال الملقط وسط اللهب لإخراج سبيكة من المعدن النفيس ، وجاء دوره ليبرهن عن مهارته ، حيث قام بإدخال الملقط في وسط اللهب المتلألئ و التي تهدف الى استخراج سبيكة قيمة من المعدن النفيس مشيراً إلى أن هذه العملية تحتاج إلى دقة فائقة وخبرة عميقة في فنون الحدادة ، وبفضل تراثه العريق ومهارته المتقنة .
كان جرو مانكو إي وايان سوديارتا، صاحب ورشة حدادة هادئًا والذي يسكن في قرية كولونغكونغ بمدينة بالي، بينما ينقش الرموز المقدسة على جرس المعبد بمهارته وتفانيه في العمل ، حيث كان يقوم بنحت ونقش الرموز التي تحمل معانٍ دينية وروحية عميقة، مما يمنح الجرس قيمة رمزية وتاريخية هامة.وتعد ورشة الحدادة التي يمتلكها كانت مكانًا يسطع بالتقاليد والثقافة البليزية العريقة، حيث تجتمع المهارة الحرفية والعبق التاريخي لإنتاج أعمال فنية تستحضر الروح الدينية للمجتمع الإندونيسي .
حيث استغرق الأمر من الحداد، الذي تحول إلى كاهن، 70 ساعة لإتمام صنع الجرس، الذي وُضع في قالب من تربة بركانية سوداء وصُنع من الذهب والفضة والنحاس والزنك والحديد ، لكن الأمر كان يستحق العناء؛ لأن الجرس عندما يُقرع في المعبد، يقال إنه يخرج الصوت الذي يتضمن جميع الأصوات، إنه صوت يجلب الصحة والازدهار والسلام .
وتحدث محمد نيل الهِمام، نائب وزير السياحة والاقتصاد الإبداعي الإندونيسي: "لقد رأينا في ذلك ليس مجرد وسيلة للحفاظ على الثقافة، بل أيضا لتوريثها في المستقبل مضيفاً أن ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تحويل القطع الأثرية إلى تقنية "إن إف تي". فقد اشتهر معرض أوفيزي في فلورنسا ببيع لوحة "دوني توندو" أو العائلة المقدسة للرسام مايكل أنجلو باستخدام هذه التقنية. حيث يقوم متحف شنغهاي بتحويل بعض القطع الفنية من مجموعته إلى "إن إف تي". ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها دولة خطوة للحفاظ على تاريخها ومستقبلها، بوضع تراثها الثقافي على "ويب 3"
يعد سوديارتا هو أحد الحدادين النادرين المتبقين في بالي، الذين يستطيعون صنع هذا الجرس المقدس يدوياً ، ومع ذلك فإن إرثه ليس محميا فقط من خلال ما يصنعه، فهو اليوم واحد من 11 حِرفيا من إندونيسيا يساعدون في الحفاظ على ماضي البلاد ومستقبلها، من خلال وضع أعمالهم على ويب 3، وهو نسخة حديثة من شبكات الإنترنت تتضمن تقنية "بلوك تشين" أو سلسلة الكتل التي تسمح بمشاركة قواعد البيانات بشفافية داخل الشبكة .
انضم الحرفيون إلى "كوانتوم تيمبل"، وهي منصة على "ويب 3" مصممة للحفاظ على التراث الثقافي، بالتعاون مع وزارة السياحة الإندونيسية، لتأسيس مشروع "باثس تو ألانغو"، وفق تقنية الـ "إن إف تي" للتوثيق الرقمي، وهي اختصار لـ"الرموز غير القابلة للاستبدال"، وتعد من الأصول الرقمية الفريدة التي تباع عبر "ويب 3"".
حيث باع الفنان الرقمي الأمريكي مايكل جوزيف وينكلمان الشهير بـ"بيبل" قطعة "إن إف تي" مقابل 69 مليون دولار في دار كريستيز للمزادات .
أتيح لليندا أدامي، مؤسسة "كوانتوم تيمبل"، التي أقامت في بالي لمدة سبعة أشهر خلال الوباء، أن تشاهد بنفسها التأثير المدمر لقلة السياح على الاقتصاد المحلي ، ونظرا لامتلاكها خلفية جيدة بخصوص الـ "بلوك تشين"، أدركت أدامي على الفور كيف يمكن لـ"ويب 3" ربط الحرفيين في بالي بجمهور جديد، ومنحهم طريقة لكسب دخل متجدد. فمن خلال تقديم أعمالهم عبر "إن إف تي"، سيحصلون أيضا على نسبة مئوية من أي مبيعات ثانوية .