هآرتس:ما وراء صفقات الأسلحة الإسرائيلية للأنظمة الدكتاتورية والظلامية!!
القدس / سوا / تشير المعطيات إلى أن إسرائيل تحتل المواقع الأولى في العالم لجهة تصدير الأسلحة إلى مناطق النزاعات والحروب الأهلية، وهي في الغالب تقف إلى جانب الأنظمة الظلامية في قمعها للشعوب، وتغذي بالتالي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في حين يفرض التكتم على عملية الاغتناء السريع بالنتيجة والتي يستفيد منها في الغالب كبار الجنرالات في الجيش الإسرائيلي بدعم من وزارة الأمن.
كما يتضح أن ساحات المواجهة مع الجيش الإسرائيلي هي ساحات لتجريب الأسلحة الإسرائيلية الجديدة والوسائل القمعية قبيل الترويج لها في المعارض الدولية للأسلحة أو لدى تجار وسماسرة الأسلحة أو الأنظمة الاستبدادية، وهو ما أكده قائد عسكري سابق لمنطقة الجنوب عندما صرح بما معناه أن أنظمة ظلامية تأتي إلى البلاد لترى كيف تصنع إسرائيل ثروة من الدماء الفلسطينية.
ويشمل ما يصطلح على تسميته في إسرائيل "التصدير الأمني" كافة أنواع الأسلحة، وكافة أنواع العتاد الأمني، إضافة إلى تصدير "عقائد قتالية" وتدريب قوات وميليشيات.
ويؤكد المحامي إيتي ماك، في المقابلة مع صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل تحتل المواقع الأولى ضمن الدول العشر الأولى في التصدير الأمني، كما يؤكد أن إسرائيل متورطة في مناطق كثيرة في العالم كانت الولايات المتحدة وأوروبا قد قررتا الامتناع عن التصدير الأمني إليها.
ويشير إلى أنه بات معروفا أن إسرائيل تصدر السلاح لأذربيحان وجنوب السودان ورواندا، كما أن إسرائيل دربت ولا تزال تدرب الحرس الرئاسي لعدد من الأنظمة في الدول الأفريقية وغير الديمقراطية، مثل الكاميرون وتوغو وغينيا الاستوائية، وبعضها أنظمة دكتاتورية تقتل وتنهب وتقمع المواطنين.
وتنشط عدة شركات حكومية إسرائيلية عملاقة في هذا القطاع مثل "رفائيل – سلطة تطوير الوسائل القتالية"، بيد أن غالبية الشركات هي شركات خاصة أقامها إسرائيليون من أجل جني الأرباح، ويزيد عددها عن 100 شركة، وأكثر من 300 مصلحة مرخصة، وتعمل جميعها تحت مظلة وزارة الأمن التي تصادق على نشاطها.
وتقدم الدول والجهات المعنية بشراء السلاح ميزانيات لذلك، وتقوم وزارة الأمن الإسرائيلية بتحديد من يحصل على التراخيص وكيف ستوزع "الكعكة". ومن اللافت، في هذا السياق، أن غالبية العاملين في هذا المجال هم ضباط كبار في الجيش ومسؤولون سابقون في وزارة الأمن أو سياسيون سابقون.
وعن الرقابة على عملية التصدير الأمني، يقول ماك، إن هناك موظفين اثنين فقط يقومان بفحص نحو 400 ألف طلب مصادقة على تصدير، تضم ملايين الصفحات، من بين 30 موظفا في شعبة الرقابة على التصدير الأمني. وكان قد كشف مراقب الدولة عما معدله 160 خرقا لقوانين التصدير الأمني في السنة، جرى التحقيق في عدد قليل جدا منها، وتكون نتيجتها فرض غرامات مالية خفيفة، دون اتخاذ إجراءات جنائية أو سحب تراخيص.
غالبية العاملين من جنرالات الجيش
وبحسبه، فإن لا أحد يجرؤ على مراقبة الجنرالات السابقين، وأنه بإمكان أي جنرال أن ينهي المسألة عن طريق الهاتف مع وزارة الأمن، كما أنه بالإمكان تحقيق أرباح من التصدير الأمني بدون استصدار تراخيص، وذلك عن طريق الوساطة/السمسرة، مثلما أفاد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بشأن إيهود باراك.
وتعتبر السمسرة في مجال التصدير الأمني قانونية، وذلك لأن باراك نفسه ووزراء الأمن السابقين لم يكن لديهم "الوقت الكافي" لوضع أنظمة تنظم عملية إصدار تراخيص للوساطة في التصدير الأمني.
كما تبين أن حاجة دول إلى سماسرة تنبع أساسا من كونها يحظر عليها شراء السلاح. ولكن ما حصل في نيجيريا، على سبيل المثال، يفيد أن الولايات المتحدة عرقلت صفقة أسلحة إسرائيلية معها في العام 2014 بسبب ارتكاب الجيش النيجيري لجرائم حرب، وفي الشهر نفسه توجه إسرائيلي من نيجيريا إلى جنوب أفريقيا، بتفويض من الاستخبارات النيجيرية لشراء أسلحة، ما يعني أن الوساطة تتجاوز أنظمة الرقابة.غالبية من يقومون بدور الوسطاء/ السماسرة هم جنرالات أو سياسيون سابقون، نظرا لعلاقاتهم التي يستغلونها للتوسط في صفقات أسلحة تصل إلى مبالغ خيالية مع دول وجهات يفرض قيود على واردتها الأمنية.
ويشير في المقابلة إلى أنه في أعقاب توجه إلى المحاكم الإسرائيلية في محاولة للحصول على أسماء أصحاب 400 ألف ترخيص للتصدير الأمني التي توزعها وزارة الأمن سنويا، ادعت الوزارة أنها لا تستطيع تسليم هذه المعلومات حول المصدرين وحول الدول المستوردة، ولكن القاضي لم يوافق، وبالنتيجة وبعد عشرات السنوات من التكتم وافقت وزارة الأمن على الاعتراف بـ360 مصدر، و 150 شركة تعمل في التصدير الأمني، إضافة إلى 5 دول تصدر لها إسرائيل السلاح.
هذه الإجراءات تدخل في إطار إبقاء القضية قيد التكتم وتجنب مناقشتها، وكأنما تجري عملية فصل، فـ"تاجر الأسلحة محمي"، وأنه من المشروع بيع المعلومات أيضا مثل تدريب مقاتلين، وجميعهم يفضلون تسمية ذلك بـ"التصدير الأمني".
ويمنع القانون نشر أسماء العاملين في مجال التصدير الأمني، علما أن الحديث عن شخصيات معروفة وأسماء معروفة في كل بيت في البلاد، بينهم ضباط كبار في الجيش سابقون أو خارج الجيش مؤقتا، ومسؤولون سياسيون سابقون، ولكن الغالبية هم من كبار الجنرالات في الجيش.
أكثر العاملين في التصدير الأمني من "اليسار الإسرائيلي"
وعن الانتماء السياسي لكبار العاملين في التصدير الأمني، يتضح أن أكثرهم مما يسمى "اليسار الإسرائيلي". وأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هي التي تملي السياسة، وهذه السياسة تقضي بكسب تأييد الدول عن طريق السلاح. ففي عهد "حكومة اليسار" في فترة يتسحاك رابين كانت إسرائيل متورطة في تشيلي والأرجنتين ورواندا والبوسنة، وهي مواقع جرت فيها مجازر رهيبة ضد المدنيين.
ويتضح أيضا أن قسما كبيرا من العاملين في التصدير الأمني يفعلون ذلك بهدف الاغتناء السريع، يساعدهم في ذلك صمت وزارة الأمن، وأن ذلك يجري تحت غطاء لإخفاء الهدف الحقيقي، حيث أنه يوجد بين العاملين في مجال التصدير الأمني من كان يعتقد أنهم يعملون في مجال الزراعة والري، ولكن تبين أنهم يعملون في تجارة السلاح.
وتحت غطاء لا يقل خطورة، يجري استخدام غطاء البعثات الإنسانية، وهو ما يحصل فعلا، إذ تقوم إسرائيل بإرسال بعثات إنسانية لدولة ما، وبعد ذلك ترد تقارير عن صفقات أسلحة، مثلما حصل مع الفيليبين.
في هذا السياق يقول ماك إن تجار الأسلحة الإسرائيليين يخفون عن عائلاتهم عملهم في تجارة الأسلحة، و"يخجلون من القول إن الفيلا التي بحوزتهم هي نتيجة تجارة الأسلحة". ورغم التكتم الإسرائيلي فإن العالم يعرف ذلك، فـ"عندما تزود إسرائيل طاغية أفريقي بالحراس فإن الجمهور الذي يقمعه هذا الطاغية يعرف أنهم إسرائيليون، مثلما يحصل اليوم في جنوب السودان".
الزراعة والري والبعثات الإنسانية مقدمات لصفقات الأسلحة
وعن جنوب السودان، تبين أن عناصر الصناعات الأمنية الإسرائيلية لا يتوجهون إلى هناك بمروحيات عسكرية وأقنعة ويهبطون منها بواسطة الحبال، وإنما يتوجهون إلى هناك برحلات جوية مدنية، في حين يعرف الجمهور في جنوب السودان نوعية الأسلحة التي تحملها قوات الأمن.
وعن مدى التورط الإسرائيلي في جنوب السودان، تشير تقارير منظمات دولية ومنظمات حقوق إنسان إلى أن إسرائيل خرقت الحظر، وباعت أسلحة أثناء الحرب الأهلية. وأن هناك تقارير تفيد أن قوات الأمن مسلحة ببنادق "غليلي" و"طابور" الإسرائيلية، وأن هناك قوات جنوب سودانية مدربة من قبل إسرائيليين في جنوب السودان وفي إسرائيل أيضا، كما أن بعثة أمنية وصلت من جنوب السودان، قبل ستة شهور، وزارت معارض السلاح، وأن الجميع يعرفون أن إسرائيل تبني في جنوب السودان جهاز متابعة " surveillance" بالتعاون مع الاستخبارات المحلية هناك، وهذا الأمر مماثل لتشيلي في عهد بينوشيه، حيث قامت إسرائيل بتدريب عناصر الاستخبارات الذين مارسوا أقسى أنواع التعذيب.
كما تشير المعطيات الواردة في المقابلة إلى أن تجار الأسلحة الإسرائيليين يخشون فتح نقاش أخلاقي في هذا الشأن، حيث تدرك وزارة الأمن أن ذلك يعني فتح "صندوق باندورا" للماضي، واتخاذ إجراءات جنائية ضد أشخاص ساعدوا في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أنحاء العالم، ولا يقتصر الأمر على التجار فقط، وإنما على مسؤولي وزارة الأمن ووزارة الخارجية ووزارة القضاء الذين صادقوا على التصدير.
ورغم أن إسرائيل وقعت في نهاية العام 2014 على الميثاق الدولي للرقابة على تجارة السلاح، إلا أنها لم تصادق على الميثاق، ما يعني أنها ليست عضوا في الميثاق. وفي تبرير الرفض للانضمام إلى الميثاق قالت وزارة الأمن إن أبعاد التوقيع على الميثاق أساسية بدرجة أقل على مستوى التصدير الأمني، حيث أنها يمكن أن تمس بالاستيراد، من جهة أن الدول الموقعة على الميثاق لن تستطيع بيع أسلحة لإسرائيل.
ولعل ما يؤكد إحساس وزارة الأمن الإسرائيلية بأنها مهددة، هو تردد الولايات المتحدة بشأن التوقيع على الميثاق، حيث حذر أعضاء كونغرس وزير الخارجية، جون كيري، من أن التوقيع سيفرض قيودا على الولايات المتحدة، ولن تستطيع بيع أسلحة لإسرائيل. كما أنه، من الناحية النظرية، إذا ثبت أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب فإن الدول الأعضاء في الميثاق، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لن تستطيع بيعها السلاح.
وعن كيفية تحول إسرائيل إلى دولة عظمى في التصدير الأمني، فإن ذلك ناجم عن قرار حكومي في أعقاب حرب تشرين 1973 حيث حصلت أزمة كبيرة في العملة الأجنبية، وأزمة في السلاح والذخيرة، ونفدت كل مخازن الطوارئ، وعندها اتخذت الحكومة قرارا بتطوير الصناعات الأمنية حتى لا تكون مرتبطة بدول أخرى، ويكون لديها خطوط إنتاج في حال اندلاع حرب أخرى، وفي الوقت نفسه بهدف بيع هذه الأسلحة خارج البلاد.
إسرائيل تجني أرباحا من خبرتها في قمع المدنيين
ولما لم تكن إسرائيل في حينه قادرة على منافسة الولايات المتحدة وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا، فقد كان باستطاعتها استخدام تفوق نسبي لها في "إدارة سكان تحت الاحتلال، ومواجهة تنظيمات تستخدم أسلوب حرب العصابات"، أو بكلمات أخرى تفوقها في وسائل قمع السكان المدنيين، الأمر الذي أتاح لها الدخول إلى أميركا اللاتينية وأميركا الوسطى لاحقا، فالجنرالات في غواتيمالا أدركوا أن قمع التمرد في حينه مماثل لما يحصل في إسرائيل.
وضمن تدريج الدول المصدرة للسلاح في العالم فإن إسرائيل تحتل المرتبة السادسة أو السابعة، ولكن بالنسبة لحجمها فإنها تحتل المكان الأول في العالم. ولكن من جهة تورطها في أعمال خرق لحقوق الإنسان والمساعدة في ارتكاب جرائم حرب، فإن الأرقام ليست ذات صلة، حيث أنه في دولة أفريقية فإن بضعة بنادق كافية لإحداث أضرار هائلة.
وتشير الأرقام إلى أنه منذ العام 2008 تضاعف حجم التصدير الأمني من 3 مليار إلى 8 مليار دولار.
وردا على سؤال بأن إسرائيل تبيع أسلحة ثبت أنها ناجعة بمعنى أنها ما يطلق عليها "Battle Proven"، يقول المحامي ماك إنه يعتقد أن إسرائيل تقوم بعمليات معينة لتجريب السلاح. ويقول "عندما يسألونني كيف أتجرأ على القول إن إسرائيل تقوم بتجارب على السلاح في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أقول إن الصناعات الأمنية هي التي تقود هذه التجارب وتربح منها، فهي التي تروج للسلاح على أنه مجرب، وأنه سمع بأذنيه في معارض السلاح من يقول إن السلاح تمت تجربته في الرصاص المصبوب (2008 - 2009) وعامود السحاب (2012)".
كما يشير إلى أنه بعد الحرب العدوانية على قطاع غزة التي أطلق عليها "الرصاص المصبوب"، في كانوني 2008 – 2009 حصلت قفزة في مبيعات السلاح، وجاء كثيرون إلى إسرائيل للوقف على ما فعلته. وفي حينه أطلق القائد العسكري لمنطقة الجنوب، يوآف غالانط، تصريحا دمويا خطيرا، حيث قال: "لقد جاؤوا لرؤية كيف نحول الدماء إلى أموال"، في إشارة إلى الدماء الفلسطينية التي نزفت جراء استخدام هذه الأسلحة.
ويتابع المحامي أن كل حرب تستخدم لإدخال تكنولوجيا جديدة، وحتى في الضفة الغربية، وفي المناطق التي تنظم فيها المظاهرات بشكل دائم، مثل بلعين وقدوم وقلندية، يلاحظ أن هناك أسلحة جديدة ووسائل جديدة لتفريق المظاهرات.
كما لفت إلى استخدام صاروخ "تموز" ضد مواقع عسكرية سورية، وبعد عدة شهور نشرت تقارير مفادها أن إسرائيل على وشك أن تعرض صاروخ "تموز" في المعرض الجوي في باريس.
ويتضح أن الصناعات الأمنية الإسرائيلية تستغل ما يحصل في الأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية وقطاع غزة، من أجل الدفع بمبيعاتها، وفي الوقت نفسه فإن الإعلام الإسرائيلي لا يشير إلى أي قيمة تكنولوجية أو تفاصيل تقنية للسلاح الجديد.
إسرائيل تصدر لـ130 دولة بينها دول خاصة يحظر نشر اسمها
يقول ماك إن إسرائيل تصدر السلاح لـ130 دولة، وأن ضمن القائمة "دولا خاصة" لا يوجد لإسرائيل أية علاقات معلنة معها، ولا يعلن عنها خشية التسبب بالحرج لإسرائيل. كما يمنع التحدث عن هذه القائمة، ولا تنشر أية معلومات عن "الدول الخاصة"، وبالتالي فإن التقديرات تشير إلى أن الحديث عن دول يحظر تزويدها بالسلاح من قبل مجلس الأمن، ويخشى أن يتسبب النشر عنها بأضرار بالغة لإسرائيل باعتبار أنها تخرق القانون الدولي.
ويشير إلى تقارير سابقة كانت قد تحدثت عن بيع أسلحة إلى ليبيريا وساحل العاج أثناء الحرب الأهلية، كما يشير إلى أسلوب البيع غير المباشر لدول ليست لها علاقات مع إسرائيل من خلال شركة تتم إقامتها خارج البلاد. وبشكل عام فإن علاقات إسرائيل مع دول كثيرة في العالم تتمحور في الغالب حول التصدير الأمني، فسفريات أفيغدور ليبرمان إلى أفريقيا، عامي 2009 و 2014 ضمت ممثلين من شركات الأسلحة الكبرى في البلاد.
وإلى جانب ما ذكر أعلاه، يتضح أن إسرائيل تتسبب بأضرار أخرى للعالم، حيث أنها تساهم في عسكرة قوات يفترض أنها قوات مدنية، والبرازيل خير مثال على ذلك، حيث تمر الشرطة هناك في عملية عسكرة سريعة جدا، بمساعدة إسرائيل، ومؤخرا بدأوا في البرازيل يدركون مدى خطورة ذلك، حيث أنه مع تحديث الأسلحة والتأهيل للشرطة، فإن منظمات الإجرام تصبح عسكرية أكثر نظرا لتوفر الموارد المالية لها من أجل تهريب السلاح.
إقامة علاقات من خلال صفقات الأسلحة
وفي حين ساعدت صفقات الأسلحة إسرائيل في إقامة علاقات غير رسمية والدفع بمصالح كثيرة مع دول وفي مناطق واسعة في العالم، فإنها بدأت تواجه مشكلة إبقاء هذه الصفقات طي الكتمان، حيث أنه في العام 2015، وفي واقع المجتمعات المدنية وشبكات التواصل الاجتماعي فإن التواجد الإسرائيلي في دول العالم يتسرب كل الوقت، وحتى الأنظمة غير الديمقراطية تجد صعوبة في منع تسرب المعلومات.
وفي هذا السياق تطلق تحذيرات من مغبة عدم استيعاب وزارة الأمن بأن العالم تغير، وأن هناك إمكانية تشكيل محكمة دولية بشأن جنوب السودان، مثلما حصل في يوغوسلافيا ورواندا، كما لم يعد بإمكان الرقابة العسكرية أن تفعل كما فعلت في سنوات السبعينيات، حين منعت النشر عن العلاقة مع تشيلي.
وردا على سؤال ما إذا كانت إسرائيل الدولة تربح من التصدير الأمني، يجيب المحامي ماك بالنفي، حيث أن الأرباح من نصيب الشركات، كما أن بعضها يشكل عبئا ماليا. ويقول إن القانون يعفي كل شركة من دفع الضرائب إذا كانت نسبة صادرتها تزيد عن 25% من إنتاجها، وبحسب معطيات وزارة الأمن فإن 75% من إنتاج الصناعات الأمنية يصدر إلى الخارج، ما يعني أن هذه الشركات حصلت على إعفاءات بقيمة مليارات من الدولارات. وفي المقابل، فإن هناك شركات تعاني من إدارة فاشلة، بحيث تضطر الحكومة إلى تحويل المليارات لها كل بضعة سنوات لإنقاذها من الإفلاس.
"إسرائيل تقف في الجانب الخاطئ من التاريخ"
ويخلص المحامي إلى أن إسرائيل في الجانب الخاطئ من التاريخ في غالبية المواقع في العالم، ويبقى في الذاكرة أن إسرائيل وقفت إلى جانب أنظمة ظلامية قمعت شعوبها، كما أنها خرقت قرارات حظر السلاح لمجلس الأمن، وفي مواقع كثيرة ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وردا على مقولة أن الدول المصدرة للسلاح لا تفعل ذلك بشفافية، يشير ماك إلى أن مستوى الشفافية في دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا أعلى بكثير مقارنة بإسرائيل، بينما تقوم زارة الأمن بالتستر على التورط الإسرائيلي في المواقع التي ترتكب فيها جرائم حرب. ويضيف أن هناك دلائل على أن إسرائيل باعت السلاح خلال جرائم الإبادة التي حصلت في رواندا، ووزارة الأمن لم تنكر ذلك أبدا.
وينهي المحامي المقابلة بالقول إنه يرغب بسن قانون يمنع التصدير الأمن إلى دول تجري على أراضيها جرائم خطيرة بحق الإنسانية، وتعذيب واغتصاب على أساس ديني أو سياسي أو إثني، وإعدامات بدون محاكم.
ويؤكد في الختام أنه دأب على تحذير وزارة الأمن من أن التقادم لا يسري على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وفي تعقيبها، قالت وزارة الأمن إن شعبة الرقابة على التصدير الأمني تعمل بموبج قانون الرقابة على التصدير الأمني من العام 2007، بهدف الحفاظ على "المصالح السياسية والأمنية والإستراتيجية لإسرائيل".