ما حكم شراء الأضحية بالدين؟
هل يجوز شراء الأضحية بالدين؟- الأضحية هي إحدى شعائر الإسلام، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبح من الأنعام وذلك من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق ، وهي من الشعائر المشروعة والمجمع عليها، وهي سنة مؤكدة لدى جميع مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهية.
وتقدم لكم وكالة "سوا" في هذا المقال الإجابة عن أهم الأسئلة التي يبحث عنها الكثير من المسلمين في شتى بقاع الأرض بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وهو ما حكم شراء الأضحية بالدين؟
شروط الاشتراك في الأضحية:
إذا كانت الأضحية من الإبل والبقر يصح الاشتراك فيها عن سبعة أشخاص، عند جمهور العلماء؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه- قال: نحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة.
وأما الغنم: فلا يصح الاشتراك فيها.
قال ابن هبيرة في اختلاف الأئمة العلماء: واتفقوا على أنه تجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة والشاة خاصة عن واحد؛ إلا مالكًا فإنه قال: البدنة والبقرة كالشاة لا تجزئ إلا عن واحد، إلا أن يكون رب البيت يشرك فيها أهل بيته في الأجر؛ فإنه يجوز.
لكن تجزئ الأضحية بشاة واحدة عن أهل البيت الواحد؛ لما جاء عن عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس، فصارت كما ترى. أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
فيجوز للرجل إدخال زوجته في أضحيته بالشاة الواحدة، وإن لم تسكن معه -لأن نفقتها واجبة عليه-.
وأما والدته: فإن كانت نفقتها واجبة عليه -بأن كانت فقيرة- فيجزئ إدخالها في الأضحية، وإن لم تسكن معه.
وأما إن كان ينفق عليها تبرعًا، فلا يجزئ إدخالها في الأضحية، ما دامت لا تسكن معه.
ما حكم شراء الأضحية بالدين؟
وقالت الإفتاء في ردها عن حكم شراء الأضحية بالتقسيط؟، إن شراء صك الأضحية بالتقسيط جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، ولا يؤثر ذلك في قبولها عند الله تعالى ولا في حصول الأجر والثواب عليها، وقد ورد في السنة نحو ذلك فيما أخرجه الدارقطني في «سننه» عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ».
وأضافت الإفتاء: «قيامُ المضحِّي بشراء صك الأضحية بالتقسيط هو عبارة عن عقد شراء للأضحية، وعقد توكيل بالذبح، ولا مانع من أن يكون هذا الشراء مقسَّطًا؛ حيث قد تقرر في الشريعة صحة الشراء والبيع بالتقسيط، ولا يغير من هذا الحكم كونُ المبيع أضحية أو غيرها.
ومن كان غير واجد للمال الذي يكفي لشراء الأضحية فاشترى أضحيته بالدين المقسط، أو المؤجل، لأجل معلوم، وضحى بها أجزأه ذلك، ولا حرج عليه ، بل إن من أهل العلم من استحب لغير الواجد أن يقترض لشراء أضحيته، إذا علم من نفسه القدرة على الوفاء.
وليس من هذا الباب من كانت عنده سعة من المال، إلا أنه لا يجد الآن السيولة الكافية لشراء الأضحية، فهذا مخاطب بالأضحية، لأنه واجد في الحقيقة، فعليه أن يقترض حتى يضحي.
وأيضًا فقد ورد في السنة النبوية الشريفة ما يدل على جواز الاستدانة للأضحية فيما أخرجه الدارقطني في «سننه» -ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى»- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ» وفيه ضعف، غير أن معناه صحيح، والضعيف يُعمَل به في فضائل الأعمال، وقد استدل به الحنفية على وجوب الأضحية، والجمهور يحملونه على تأكد الاستحباب.
أصل تسمية الأضحية بهذا الإسم
الأضحية هي ما يذبحه المسلم من الحيوانات في أيام عيد الأضحى وهي من شعائر الإسلام المشروعة التي أجمع عليها المسلمين، وقيل في سبب تسميتها نسبة لوقت الضحى لأنه هو الوقت المشروع لبداية الأضحية.
وتعرّف الأضحية في اللغة: «اسمٌ لما يضحَّى بها، أو لما يذبح أيام عيد الأضحى، وجمعها الأضاحي.»
وتعرّف شرعا أو في الفقه: «هو ذبح حيوان مخصوص بنية التقرب إلى الله تعالى في وقت مخصوص، أو هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى حتى آخر أيام التشريق تقربًا إلى الله».
وحسب المنظور الإسلامي ورد في القرآن الكريم أصل الأضحية وهي أن إبراهيم رأى في منامه رؤيا بأنه يذبح ابنه إسماعيل فاستشاره ووافق إسماعيل لأن رؤيا الأنبياء حسب المنظور الإسلامي حق ويجب تطبيقها، وعندما ألقى إبراهيم ابنه على وجهه لذبحه قال ابن كثير في تفسيره عن السدي: «أمرَّ السكين على حلقه فلم تقطع شيئًا. ويقال جعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس، والله أعلم.».
ونودي إبراهيم من الله: ﴿أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ١٠٤ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات:104–105] واُستبدل الذبح بكبش وصفه العلماء المسلمون بأنه «كبش أبيض، أعين، أقرن، رآه مربوطًا بسمرة في ثبير»، وهذا كله جاء في سورة الصافات في القرآن الكريم ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ١٠٢ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ١٠٣ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ١٠٤ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ١٠٥ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ١٠٦ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ١٠٧ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ١٠٨ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ١٠٩ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ١١٠ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ١١١﴾ [الصافات:102–111] ويذكر بعض المفسرين كابن كثير والقرطبي أن الآية 124 في سورة البقرة: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة:124] نزلت في بضعة أمور منها امتحانه في ذبح ولده. ومن هذا الكبش الذي أنزل على إبراهيم ليذبحه شُرع ذبح الأضاحي في يوم عيد الأضحى لدى المسلمين.
مشروعية الأضحية
أجمع العلماء المسلمون على مشروعية الأضحية، وأن لها منزلة كبيرة وشأن في الإسلام، وورد في شأنها آيات وأحاديث تدل على مشروعيتها وعظم مكانتها في الدين الإسلامي، وقال ابن كثير في تفسيره تفسير القرآن العظيم: «﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ [الحج:32] أي: أوامره، ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ٣٢﴾ [الحج:32] ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن، كما قال الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: تعظيمها: استسمانها واستحسانها.».
وقال ابن قدامة: «أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية»، وقال ابن حجر «ولا خلاف في كونها من شرائع الدين.».
وقال النووي: «التضحية سنة مؤكدة، وشعار ظاهر ينبغي لمن قدر أن يحافظ عليها.» وقال الغزالي: «الضحايا من الشعائر والسنن المؤكدة.». وقد قال بمشروعيتها عدد كبير من العلماء منهم كابن عثيمين والشنقيطي والشوكاني وابن مفلح وابن دقيق العيد.
ومن الأحاديث النبوية التي دلت على مشروعية الأضحية حديث أنس بن مالك قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.» وعن عبد الله بن عمر قال: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي.» وعن البراء بن عازب أن النبي قال: «مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ.» وعن عقبة بن عامر قال: «قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ، قَالَ: "ضَحِّ بِهَا".» يصف المسلمون الحكمة من مشروعية الأضحية بأنها تقربهم من الله أي من ربهم، والتوسعة على بعضهم بعضاً، وتغني الفقراء والمساكين عن السؤال والطلب في يوم العيد.
نوع الأضحية
إن من شروط الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم. ولكن اختلف الفقهاء المسلمون من مذاهب أهل السنة والجماعة الأربعة في أفضلها، فذهب المالكية في المعتمد عندهم (وهو أحد أقوال الحنفية في غير المعتمد لديهم) أن أفضل أنواع الأضاحي الضأن وذلك استدلالاً بفعل النبي محمد لأنه ضحى بالغنم وقال ابن رشد: «ذهب مالك إلى أن الأفضل في الضحايا: الكباش ثم البقر ثم الإبل، وقد قيل عنه: الإبل ثم البقر ثم الكباش.».
ويذهب الحنابلة والشافعية عكس المالكية إلى أن الإبل أفضل الأضاحي ويليه البقر ثم الغنم وذلك بأقوال كثير من علمائهم استدلالاً بقول النبي: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ....» فقد دل هذا الحديث على أن الذي يتقدم في الحضور لصلاة الجمعة، كأنه يقدم بَدَنَة (الإبل)، والذي يتأخر عنه، كأنه يقدم بقرة، والذي يتأخر عنه، كمن يقدم كبشاً.
والاستدلال الثاني بأنه كلما كانت الأضحية أكثر لحماً كل ما كانت أفضل، والثالث بأن الثمن أعلى وأنفع للفقراء. وقال ابن رشد في سبب الخلاف بين الفقهاء في الأفضل في أنواع الضحايا: «وسبب اختلافهم: معارضة القياس لدليل الفعل، وذلك أنه لم يرو عنه عليه الصلاة والسلام أنه ضحى إلا بكبش، فكان ذلك دليلاً على أن الكباش في الضحايا أفضل، وذلك فيما ذكر بعض الناس....وأما القياس: فلأن الضحايا قربة بحيوان، فوجب أن يكون الأفضل فيها الأفضل في الهدايا..». ويرجح الكثير من العلماء اللون الأبيض على سائر الألوان. والأفضل صفة في الأضاحي هي الأسمن الأكثر لحماً، والأكمل خلقة، وغالباً يفضل الذكر على الأنثى، والفحل على الخصي، إلا إذا كان الخصي أسمن، فعندها يفضل على الفحل