فضائل يوم عرفة - أفضل الأعمال في يوم عرفة
يعد يوم عرفة من أعظم الأيام التي تمر على المسلمين؛ إذ إنه يوم توبة وإنابة العباد إلى ربهم عز وجل، كما أنه يوم الطاعات والعبادات التي تقربهم منه سبحانه، ليدركوا بأن ما أعده لهم من الأجر والثواب خيرٌ من الدنيا وما فيها من ملذاتٍ وأهواءٍ، ولذلك يُستسحن بكل مسلم الإقبال على الطاعات والعبادات فيه، واستغلاله بما يحقق رضى الله سبحانه وتعالى، ويقي النفوس من الشحناء والبغضاء.
موعد يوم عرفة
يوم عرفة؛ هو اليوم التاسع من شهر ذي الحِجة، وهو الشهر الثاني عشر من أشهر السنة الهجرية؛ أي الشهر الأخير منها، ويأتي بعد شهر ذي القعدة، وتؤدّى فيه مناسك الحج، كما أنّه من الأشهر الحرم؛ أي الأشهر التي كان القتال محرماً فيها عند العرب قديماً.
فضائل يوم عرفة
فضائل يوم عرفة عظيمة جداً وكثيرة، وسنذكر بعض فضائله بما يأتي:
يوم لنيل العتق من نار جهنّم، ومغفرة الذنوب
ثبت عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ)، لذلك يجدر بالمسلم اجتناب كل ما حرم الله؛ لنيل العتق من النار، ومغفرة الذنب.
مباهاة الله تعالى الملائكة بأهل عرفة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ عزَ وجلَّ يباهي ملائكتَهُ عشيةَ عرفةَ بأهلِ عرفةَ فيقولُ: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثاً غُبراً)، ومن أتمّ النِّعم التي يمنّ بها الله تعالى على عباده يوم عرفة؛ نزوله إلى السماء الدُّنيا، إذ قال النبيّ عليه الصلاة والسلام: (ما مِن يومٍ أفضلُ عندَ اللهِ مِن يومِ عرفةَ ينزِلُ اللهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيُباهي بأهلِ الأرضِ أهلَ السَّماءِ).
أفضل الأعمال يوم عرفة
يستطيع المسلم التقرب إلى الله تعالى بما شاء من العبادات في يوم عرفة، وسنذكر بعض العبادات فيما يأتي:
الوقوف بعرفة
يعد الوقوف بعرفة الركن الأعظم من أركان الحج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ. أيامُ مِنى ثلاثٌ فمنْ تعجّلَ في يومينِ فلا إِثْمَ عليهِ ومن تأخّرَ فلا إثْمَ عليهِ، ومن أدركَ عرفةَ قبلَ أن يَطلعَ الفجرُ فقد أدركَ الحجَّ)، ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الحجّ عرفة؛ أيّ هو الأصل، والباقي تَبَعٌ"، ونقل ابن قدامة إجماع العلماء على ذلك.
ذِكْر الله تعالى
يسن الإكثار من ذِكْر الله تعالى يوم عرفة، في أي جزء من أجزائه، وفي أي حال من الأحوال؛ جلوساً، أو قياماً، أو إضجاعاً، ومن صور ذِكْر الله؛ التكبير، والتهليل، والتحميد، وغير ذلك، إذ قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ).
صيام يوم عرفة
بين الرسول صلى الله عليه وسلم فَضل صيام يوم عرفة بقوله: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)، وقال الإمام النووي رحمه الله مبيّناً المقصود من الحديث النبوي: "المراد غير الكبائر"، أي أن الذنوب التي تكفر بصيام يوم عرفة صغائر الذنوب من غير الكبائر.
وقال البلقيني أيضاً: "الناس أقسام: منهم من لا صغائر له ولا كبائر؛ فصوم عرفة له رفع درجاتٍ، ومن له صغائر فقط، بلا إصرارٍ؛ فهو مكفّر له باجتناب الكبائر، ومن له صغائر مع الإصرار؛ فهي التي تُكفّر بالعمل الصالح؛ كصلاةٍ، وصومٍ، ومن له كبائر وصغائر؛ فالمكفّر له بالعمل الصالح الصغائر فقط، ومن له كبائر فقط؛ يُكفّر عنه بقَدْر ما كان يُكفّر من الصغائر".
الدعاء في يوم عرفة
يُستحب الدعاء يوم عرفة، إذ إنّه من أوقات الاستجابة، كما أن ثوابه أعظم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ)، كما يُستحب الثناء على الله عز وجل قبل الدعاء.
ويبدأ الدعاء يوم عرفة بعد زوال الشمس؛ أي بعد أداء الحجاج لصلاتي الظهر والعصر، جمعاً وقصراً وقت الظُهر، بأذانٍ واحدٍ وإقامتَين، فيتوجه الحجاج إلى عرفة، ويتقربون من الله سبحانه بالدعاء، والذكر، والتلبية، والدعاء بعد حَمْد الله، والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويستمر الحجاج على ذلك الحال إلى غروب الشمس.