تتدحرج كرة النار في قطاع غزة تخبو تارة وتتصاعد تارة أخرى ، تتبدل أشكالها وتتغير أداوتها لكنها تحتفظ بكونها كرة نار تكبر وترتفع ألسنتها مهددة بحرق الأخضر واليابس ولو بعد حين ، كرة النار هذه تبدو معالمها واضحة وقد بلغت ذروتها في الأسابيع والأيام الأخيرة بسلسلة من التفجيرات المنظمة التي بدأت قبل نحو عام باستهداف منازل ومداخل بيوت قادة فتح والمنصة الخاصة بمهرجان الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومنذ ذلك الحين تواصلت هذه الطريقة العنيفة في إيصال الرسائل إلى أن بلغت ذروتها فجر يوم الثالث من عيد الفطر باستهداف عدد من المركبات الخاصة لعناصر من كتائب القسام وسريا القدس ما زال التحقيق بشأنها مستمرا ، كرة النار هذه التي تهدد مجتمعنا الفلسطيني كله لم تقتصر فقط على التفجيرات فهناك مئات التفاصيل التي تجري تحت السطح من تهديد للمواطنين ومحاولة فرض أنماط ونظم معينة للحياة واستخدام العنف والإكراه في الكثير من الحياة اليومية للناس وكل ذلك ما زالت الناس تتعايش معه على مضض، لكن الملف الأبرز والأخطر هو ملف التفجيرات الذي ما زالت تتعامل معه الجهات الأمنية بطريقة تفتقر للحزم المطلوب في مثل هذا الحالات بل وقد تعاملت بتبسيط شديد وبحثت في كل مرة عن خصم وهمي تلصق به هذه التهمة كالاحتلال مثلا (هذه رغم أنني لا اعفي الاحتلال من كل فعل ضار بشعبنا ) لكنه ليس الشماعة في كل الحالات أو أن تدرجها في سياق الخصومة السياسية وتداعيات الانقسام بين حركتي فتح و حماس ، وحتى في ذلك لم يتم تقديم أي ممن تسجل عليهم مثل هذه التهم لأي محاكمة عادلة تردع الآخرين ، في ظل هذه الطريقة من التعامل مع هذا الملف بات المواطن الفلسطيني القلق على حياته وحياة أبناءه يتعامل مع هذا الأمر أيضا دون اكتراث ويدرجه كما في أطار المناكفات السياسية وفق لما تذهب به الجهات الأمنية في كل حين ، إن هذا التبسيط واستسهال الساق التهمة بخصم وهمي يسهم بدون في أبعاد التهمة عن الفاعل الحقيقي بل ويشجعه على المضي قدما في غيه ويستسهل دون شك استمرار اللعب في هذا الملعب ملعب إيصال الرسائل وجني ثمارها وعلى ما يبدو فان هذه الطريقة تحقق مبتغاها في مكان ما خلف الكواليس، لكني أقول أن استمرار التعاطي مع هذه الظاهرة ظاهرة التفجيرات المتزايدة بهذه الطريقة واستسهال إلصاق التهم في خصوم وهميين بعيدا عن الفعلة الحقيقيين سيكون له مردود سلبي وسيسهم لا محالة في استمرار دحرجة كرة النار هذه في قطاع غزة المكلوم والمكتئب المحتقن حتى حافة الانفجار وقد تأتي لحظة انفجار لا تحمد عقباها بفعل كرة نار يلعب بها فاقدي الأخلاق والضمير وننشغل كلنا في حينه بلملمة الأشلاء التي نرى مثيلتها تتطاير في أقطار أخرى من المنطقة، وحتى لا يقع ذلك على أجهزة الأمن أن تسارع ودون مجاملة أو حسابات ذات بعد عقائدي او ديني بالإفصاح عن هؤلاء الذين يلعبون هذه اللعبة الخطرة وأن تقدمهم فورا للمحاكمة العادلة كل الذين لعبوا بلعبة التفجيرات واستسهلوا إيصال رسائلهم السخيفة بهذه الطريقة ، تفجيرات ثالث أيام العيد لا تختلف عن مثيلاتها في العراق وتركيا وتونس والكويت وغيرها إلا فقط بعدم وقوع الضحايا ،، و أضنها الرسالة الأكثر خطورة ولابد من التعاطي معها بجدية قبل فوات الأوان.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية