معارك السودان متواصلة رغم التهدئة والأمم المتحدة تبذل جهودها للسلام

تفاصيل مبادرة إيقاد لحل أزمة السودان

أعلنت قيادة القوات المسلحة السودانية اليوم الخميس عن بسط السيطرة على معظم الولايات مع وجود بعض الأجزاء من العاصمة يتنشر بها بعض الجنود المتمردين بشكل كبير

وقال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في منشور أورده عبر حسابه بموقع فيسبوك” اليوم: ما زال العدو يستخدم أسلوب القصف العشوائي لمناطق بوسط الخرطوم مما يتسبب في تدمير لبعض البنايات والمرافق”.

وأضاف: يتواجد العدو بمناطق متفرقة من العاصمة لكن دون فعالية تذكر من وجهة نظر العمليات إلا للأغراض الدعائية”.

وأشار إلى أن الموقف العسكري داخل وخارج الخرطوم مستقر جدا عدا ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعا قبليا يجري معالجته بواسطة السلطات المحلية، وقواتنا متماسكة وتؤدي دورها الوطني في دحر التمرد بثبات وثقة في كافة الاتجاهات”.

وقال إن المؤامرة قديمة وكبيرة جدا وما المواقف السياسية التي تتظاهر المليشيا بتبنيها حاليا ما هي إلا وسيلة للوصول للحكم لتباشر بعدها تنفيذ أجندة لا علاقة لها بمصلحة الشعب والبلاد مؤكداً أن الأيام القادمة ستشهد انفراجا كبيرا في الأوضاع على الأرض.

وتشهد مناطق في الخرطوم الخميس قصفا من طائرات مقاتلة ومحاولات للتصدي لها على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف القتال الذي اندلع بين طرفي النزاع منذ نحو أسبوعين، فيما يحتدم القتال في إقليم دارفور المضطرب في غرب السودان.

وفي وقت متأخر من ليل الأربعاء، وافق الجيش السوداني مبدئيا على مبادرة للمنظمة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد) بتكليف رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي بالعمل على حل الأزمة الحالية.

وبحسب بيان للجيش السوداني فقد شملت المبادرة تمديد الهدنة الحالية إلى 72 ساعة إضافية” و”إيفاد ممثل عن القوات المسلحة وآخر عن الميليشيا المتمردة إلى جوبا بغرض التفاوض”.

من جهتها لم ترد بعد قوات الدعم السريع على مقترح تكتل شرق إفريقيا.

وتدور المعارك منذ 15 نيسان/ابريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حربا بلا رحمة على السلطة، بعدما كانا حليفَين منذ انقلاب 2021 الذي أطاحا خلاله المدنيين.

وأفاد شهود عيان بأن الاشتباكات استمرت خلال الأيام الماضية على الرغم من هدنة بوساطة أمريكية تم الاتفاق عليها الثلاثاء.

ولا تزال الطائرات الحربية تحلق في سماء العاصمة وينخرط المقاتلون من الجانبين في قتال عنيف بالبنادق الآلية والأسلحة الثقيلة.

وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل 512 شخصًا على الأقل وجرح الآلاف، بحسب بيان لوزارة الصحة الاتحادية في السودان، ولكن قد يكون عدد الضحايا أكثر من ذلك نتيجة القتال المستمر.

وأوضحت نقابة الأطباء السودانية على صفحتها على موقع فيسبوك في بيان الخميس أن الخرطوم وحدها شهدت الأربعاء سقوط ثمانية من هؤلاء القتلى على الأقل خلال اتفاق وقف اطلاق النار.

كذلك أكدت نقابة الأطباء السودانية تعرض 14 مستشفى للقصف وتوقف 19 منشأة طبية عن العمل بسبب الاشتباكات.

عنف خارج الخرطوم

خارج الخرطوم، تصاعد العنف في أجزاء أخرى من السودان بما في ذلك إقليم دارفور المضطرب غرب البلاد.

والخميس أفاد شهود عيان في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بوقوع اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي بمختلف أنواع الأسلحة”.

وفر مواطنو الجنينة باتجاه الحدود السودانية التشادية لتجنب العنف، على ما أضاف الشهود.

وانتشرت أعمال نهب وحرق للمنازل في الجنينة، بحسب بيان الأربعاء للأمم المتحدة التي قالت إن نحو 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد بعد تعطل دعم الغذاء بسبب القتال”.

ومع اشتداد حدة القتال في مدن سودانية عدة، يواجه عدد كبير من المحاصرين في البلاد نقصا حادا في الغذاء والماء والكهرباء، فضلا عن انقطاع خدمات الاتصالات بشكل متكرر.

وتقدر الأمم المتحدة عدد الفارين بسبب الحرب في السودان إلى دول الجوار مثل جنوب السودان وتشاد بنحو 270 ألف شخص.

كما غامر عدد كبير من السودانيين بالخروج من العاصمة في رحلات شاقة وطويلة إلى مصر في الشمال وإثيوبيا في الشرق.

وقد تلقت الأمم المتحدة تقارير تفيد بوصول عشرات الآلاف من الأشخاص إلى إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان”.

ونظمت الحكومات الأجنبية من جميع أنحاء العالم في الأيام الأخيرة قوافل برية وطائرات وسفن لإجلاء الآلاف من مواطنيها من البلد الذي مزقته المعارك.

وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات الفرنسية الخميس أن البحرية الفرنسية نقلت قرابة 400 أجنبي من السودان إلى السعودية ، ليرتفع عدد الأشخاص الذين أجلتهم باريس منذ بداية الأزمة إلى أكثر من 900 شخص.

وفي لندن، دعا وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي المواطنين البريطانيين الراغبين في مغادرة السودان إلى الرحيل الآن”. وكانت لندن قد أجلت 536 شخصا مساء الأربعاء على متن ست طائرات ، بحسب وزارة الخارجية.

ومن المقرر أن تنظم رحلات أخرى الخميس قبل انتهاء الهدنة.

الأمم المتحدة تدعو لجهود سلام عاجلة في السودان لتجنب موجة لجوء

دعت الأمم المتحدة إلى بذل جهود سلام عاجلة في السودان لتجنب حدوث أزمة لاجئين كبيرة”.

وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في بيان نشره الأربعاء، إن الصراع الوحشي في السودان يجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على مغادرة منازلهم بحثًا عن الأمان داخل البلاد وعبر الحدود”.

وأكد المسؤول الأممي أن الاحتياجات الإنسانية كانت بالفعل هائلة” قبل الاضطرابات الأخيرة، مبينا أن الظروف الحالية تؤدي إلى زيادة أعداد النازحين داخليًا”.

وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من اللاجئين السودانيين بدأوا في الفرار إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك مصر وتشاد”.

وتابع قائلاً: ندعو أطراف النزاع في السودان إلى بذل جهود سلام عاجلة لتجنب أزمة لاجئين كبيرة”.

كما ناشد غراندي جميع الدول المجاورة للسودان إبقاء حدودها مفتوحة لمن يبحث عن الأمان والحماية.

تعتزم منظمة أطباء بلا حدود الدولية للإغاثة توسيع نطاق المساعدات التي تقدمها لمواجهة العنف المستمر في السودان.

وقالت المنظمة اليوم الخميس إن فرق الطوارئ مستعدة للسفر إلى الدولة المحاصرة في القرن الإفريقي.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود إنها على اتصال وثيق بالمستشفيات والسلطات الصحية السودانية.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن 460 شخصا على الأقل لقوا حتفهم وأصيب نحو 4100 في القتال الذي بدأ قبل نحو أسبوعين. ومع ذلك، ربما يكون العدد الحقيقي للضحايا أعلى من ذلك بكثير.

وقال قائد القوات الألمانية الميجور جنرال ديرك فاوست، لصحيفة بيلد” الألمانية أمس الأربعاء إن القوة لديها كل القدرات اللازمة لمقاومة قوات للعدو على الأرض، من الأسلحة اليدوية إلى القدرات المضادة للدبابات”.

وكانت طائرات الإجلاء التابعة للجيش الألماني قد أجلت أكثر من 700 شخص من الدولة الواقعة في شمال شرق أفريقيا في الأيام الأخيرة، من بينهم 200 ألماني.

وأعلنت منظمة قرى الأطفال إس أو إس” الإغاثية، أمس الأربعاء، تعرض منشآتها هناك لهجوم من قبل مسلحين.

وأضافت المنظمة أنه كان لا بد من إجلاء الأطفال والشباب الذين في رعايتها وطاقم موظفيها.

هروب رجال البشير

سادت حالة من الفوضى العارمة في السودان في ظل وقف إطلاق نار هش، بينما أعلن أحمد هارون أحد مساعدي الرئيس السابق المعزول عمر البشير ، الثلاثاء فراره من السجن مع مسؤولين سابقين آخرين. وأكد الجيش أن البشير نفسه محتجز في مستشفى نُقل إليه قبل بدء القتال.

وكان هارون مسجونا في سجن كوبر في الخرطوم. وهو مطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية” وإبادة” في إقليم دارفور في غرب السودان.

وأطاح الجيش عمر البشير تحت وطأة احتجاجات شعبية ضخمة ضده في العام 2019، وأوقف مع مساعديه وأبرز أركان نظامه.

وكان البشير في السجن نفسه. وفي 2021، وقّعت السلطات السودانية التي كان يشارك فيها آنذاك مدنيون، اتفاقا مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم البشير ومساعديه، لكن عملية التسليم لم تحصل بعد.

ونفّذ البرهان ودقلو في تشرين الأول/أكتوبر 2021 انقلابا أطاحا خلاله المدنيين.

وما لبث أن ظهر الصراع على السلطة بينهما، وصولا الى المعارك الدامية التي اندلعت قبل 13 يوما.

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد