يواصل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي هجومه المنظم ومبادراته العدائية على جبهتي المواجهة ضد الشعب العربي الفلسطيني في منطقتي العام 1948، و1967، موحداً شعبنا في معاناته، وإن اختلفت التفاصيل والإجراءات والعناوين، فالمضمون واحد، ضد شعب واحد موحد، وعلى الأرض الانتدابية الواحدة، ومن قبل عدو وخصم متمكن وحد اليمين الإسرائيلي واليمين المتطرف صفوفهما، وأصبحوا في مركز صنع حكومته الاستعمارية التوسعية، وشطبوا فكرة التوصل إلى تسوية واقعية مع ممثلي الشعب الفلسطيني وفق اتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل.
في مناطق 67 يسير البرنامج الاستعماري التوسعي الإسرائيلي واضحاً فاقعاً، نحو 1- تهويد القدس وتغيير معالمها، و2- توسيع الاستيطان في قلب الضفة الفلسطينية وتمزيق جغرافيتها وتحويلها إلى مناطق محاصرة مفصولة، و3- العمل على أسرلة الغور وتطهير أرضه من أهله وسكانه، و4- تعميق الفصل المكاني والإنساني بين المناطق الثلاث بين القدس والضفة والقطاع، وبين الضفة والقطاع وتعزيز التمايز بينهم سياسياً وقانونياً، و5- بالمجمل جعل الأرض الفلسطينية المحتلة العام 1967 طاردة لأهلها وشعبها عبر إفقارهم وحصارهم وتضييق فرص الحياة ومحدودية الخيارات أمامهم.
وفي مناطق 48، بعد أن فشلت سياسة الأسرلة والصهينة والتركيع لهذا القطاع من الشعب العربي الفلسطيني، وفصله عن باقي مكونات الفلسطينيين، انتصر هؤلاء بالحفاظ على هويتهم الفلسطينية، وقوميتهم العربية، ودياناتهم الإسلامية والمسيحية، بل وزادت ترسيخاً وقوة مع الوقت وتم ذلك بفعل ثلاثة عوامل متداخلة أولها: رد الفعل الطبيعي للحفاظ على الذات في ظل الهيمنة والحكم العسكري، ويسجل للشيوعيين بقايا عصبة التحرير الوطني الفضل في تعميق وترسيخ الفهم السياسي الوطني والقومي والديني في مواجهة سلطات الحكم العسكري ومحاولات التغييب والتمزيق في وقت مبكر من الخمسينيات وإيفاد الطلبة في بعثات دراسية لبلدان المعسكر الاشتراكي، ثانيها: توسيع الاحتلال العام 1967 ليشمل الضفة والقدس والقطاع، فشكل ذلك سنداً وانفتاحاً لفلسطينيي 48 سياسياً ووطنياً وقومياً، فشد من أزرهم على الرغم من توسيع رقعة الاحتلال، وانتصار مشروعه الاستعماري ليشمل كل فلسطين فشكل هذا العامل السلبي، عاملاً إيجابياً بانفتاحهم لأول مرة على شعبهم الفلسطيني في مناطق 67، فعلموه وتعلموا منه، وثالثها: كان للأردن الدور الإيجابي في دعم وإسناد خيارات فلسطينيي 48 الوطنية والقومية والدينية من خلال السماح لهم بتأدية فريضة الحج والعمرة عبر جواز السفر الأردني وعبر بعثة الحج الأردنية، و فتح أبواب الجامعات لتعليم أبناء هذا القطاع من الشعب الفلسطيني فتخرجوا من الجامعات الأردنية ويشغلون اليوم مواقع مهنية كمحامين وأطباء ومربين في مؤسساتهم المحلية، وقد أدى الفعل الأردني دوره بانفتاح هؤلاء على العالم العربي فزاد من ثقتهم بأنفسهم.
وفي مقابل ازدياد الوعي الوطني والقومي والديني لدى فلسطينيي 48، زاد حجم التناقض بينهم وبين المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وسياساته وإجراءاته في ظل ازدياد وقوة الاتجاهات العدوانية العنصرية لدى مؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، وكانت حصيلة هذا التناقض ما فعلوه من اتفاق بين القوى السياسية الأربع بتشكيل القائمة المشتركة يوم 22/1/2015، وما حققوه في الانتخابات يوم 17/3/2015 بزيادة تمثيلهم، وأهم نتائجه السياسية بروز شعب موحد في برنامجه وإرادته وقيادته يرفض الصهيونية ومشروعها وحلولها، وهي نقلة نوعية في مسار نضال هذا الجزء من الشعب العربي الفلسطيني.
مقابل ذلك زادت الهجمة السياسية والتشريعية من قبل الأحزاب الصهيونية وزادت شراستها بشكل عنصري بغيض، وها هو قانون برافر أبرز عناوين العنصرية وأبرز ترجمة لسياساتها، حيث تسعى حكومة نتنياهو لأقراره وجعله سياسة عملية قابلة للتنفيذ ما يولد حالة من التصادم بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منطقة النقب وسائر مناطق الجليل والمثلث ومدن الساحل المختلطة.
h.faraneh@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد