في الحديث النقدي عن المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية أحاول وغيري أن أقنع نفسي أن غالبية أعضاء مجالس الإدارة في المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية فاعلين و مؤثرين، ويؤدون واجباتهم من خلال قناعة بخدمة المجتمع طوعاً، والقيام بدورهم الرقابي بشكل حقيقي، وأنهم من يرسمون السياسات العامة ويضعون الخطط الإستراتيجية للمؤسسات ويشرفون عليها ومتابعتها.
في العادة أعضاء مجالس الإدارة يكونوا مجموعة متجانسة ومؤمنة بالعمل الطوعي والمؤسساتي حتى لو كانوا حزبيين فهذا حق لهم، ويضمنه القانون والمواثيق الدولية التي تكفل حق الناس في تشكيل الجمعيات والنقابات وأن تكون لديهم القدرة على العمل والمشاركة، لكن للأسف كثير منهم مجرد ديكور ووجودهم برستيج و بعض منهم أدوات حزبية و كمالة عدد وعبئ على الادارات التنفيذية في المنظمات.
المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية هي من مكونات المجتمع المدني، و هي تعبير عن المجتمع بل هي مجتمعات مصغرة و تعبير عن العلاقات المتداخلة والمتشابكة والأفكار والتوجهات المختلفة في المجتمع، وما به من إستقواء وموازين قوى وشللية داخل بعض المنظمات وخارجها بحكم طول مدة العمل وتشابك المصالح، و نفاق وكذب واحتيال وفساد و شخصنة وتغليب المصالح الذاتية على المصالح العامة، وسوء استخدام السلطة والتفرد في اتخاذ القرارات وغياب المشاركة و الحوكمة والحكم الصالح الرشيد والمساءلة والمحاسبة و الشفافية.
القانون هو الناظم لعمل تلك المنظمات و لتلك العلاقات، والإدارة التنفيذية ومجالس الإدارة فيها هي مكون أساسي للمنظمات وهي القادرة على تشكيل المجتمع الداخلي السليم المبني على قيم العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة وعدم التمييز، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد، ومجالس الإدارة مع الموظفين هم مجتمع المنظمات والقائمين على تطبيق الأهداف، و هم جزء أيضا من المجتمع وتركيبته وتعقيداته، وعليهم احترام سيادة القانون و قيم حقوق الانسان و العدل والعدالة الاحتماعية التي من المفترض أن تطبقها الدولة والقيمة عليها أيضاً.
المنظمات تخضع للرقابة والتدقيق والتفتيش عليها حسب القانون من أجهزة الدولة التي أخضعتها لسلطتها وملاحقتها وافتراض سوء النية تجاهها وتريدها الدولة جزء منها وليس مكمل لعملها مع أنها تعمل ضمن القانون الذي ينظم عملها ومع ذلك فالعلاقة سيئة وقائمة على عدم احترام القانون من أجهزة الدولة و لم تسلم المنظمات من الأذى والتشكيك و الإتهام ومحاولات السيطرة والإغلاق والتهديد بالإغلاق مع انها صاحبة الحق في تأسيسها، واستغلال القانون بشكل سيئ في الرقابة عليها.
بينما تقوم المنظمات بدور الرقابة في ما يسمى بالرقابة الشعبية او المدنية على الدولة وأجهزتها لكنها تبقى عاجزة عن القيام بدورها جراء الملاحقة وغياب المجلس التشريعي ودوره الرقابي، وانعكاس ما في المجتمع من عدم إحترام القانون و حزبية و إنقسام و نفاق وكذب و شخصنة ومصالح ذاتية عليها.
ومع ذلك يتوجب على المنظمات و مجالس إداراتها والموظفين ان تتوفر لديهم الشجاعة الإرادة و تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة والانطلاق من قناعاتهم في خدمة الناس و القدرة على تقيم ومراجعة تجربتها لتشكل نموذج وقدوة في علاقاتها الداخلية الأخلاقية و القانونية والإنسانية واحترام الذات، و الاهم بناء نظام قوي لتعزيز الحوكمة والحكم الصالح الرشيد، و ايضا حرمان الدولة وسلطتها من قمعها وملاحقتها. جميعنا مجتمع مصغر من المجتمع الكبير وكل يوم نثبت إننا لسنا أمناء بما فيه الكفاية على حياتنا ومجتمعنا وقضيتنا ومستقبلنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية