رام الله : المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة تحتفل بإطلاق كتاب جديد
احتفت المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة في رام الله ، بالتّعاون مع الّلجنة الوطنيّة للتّربية والثّقافة والعلوم، ومعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، بيوم المخطوط العربيّ للعام 2023، بإطلاق الكتاب العلميّ المحكّم "التّنظيمات الإدارية والقضائيّة في فلسطين في العهد العثماني".
جاء ذلك خلال حفل ثقافي في مدينة رام الله، بحضور عدد من الشّخصيّات الثّقافيّة والوطنيّة، حيث قدم مدير عام الأرشيف في المكتبة الوطنية فواز سلامة، تعريفا بالكتاب، وأشار إلى أنه محكّم علميّاً يلتزم بالقواعد والأسس العلميّة وموثوقيّة معلوماته، إضافة لالتزام الباحث بمعايير الجودة الّتي تخضع للتّصنيفات العلميّة الدّولية.
وقال إن الكتاب يشكل إضافة جديدة أصيلة في موضوع البحث، وهو الأول في فلسطين الذي يتناول القوانين والتّشريعات العثمانيّة الّتي كانت سارية في فلسطين إبّان الحكم العثماني لها.
وأكّد حرص واهتمام المكتبة الوطنيّة الفلسطينية بجمع وحفظ ونشر الموروث التّاريخي وضرورة نشر الوعي بأهمّيته لكونه مصدراً وكنزاً مهماً لإثراء المعرفة التّاريخيّة.
من جانبه، شدد رئيس المكتبة الوطنيّة عيسى قراقع، على اهتمام المكتبة بإحياء يوم المخطوط العربي المتزامن مع تاريخ عقد إطلاق الكتاب الذي يعتمد في دراسته على وثائق عثمانيّة عبّرت بمجملها عن الواقع الفلسطيني في تلك المرحلة.
وأشاد بوجهة نظر الباحث التي مثّلت وجهة النّظر الفلسطينيّة والّتي تسهم في بناء السّردية الفلسطينيّة كوسيلة لرسم صورة مضادّة للصّورة الصّهيونيّة، مضيفاً أنّ الكتاب يعتمد على سجلات المحاكم الشرعية والوثاق والدّفاتر والفرمانات والخرائط العثمانيّة والّتي جميعها عبّرت عن السّياسات الّتي سادت في تلك الفترة وأساسيّات الحكم والإدارة وانعكاسها على الشّعب الفلسطيني.
وأكّد أهمّية المخطوطة في الكتابات التّاريخية وفي النّقد التّاريخي، كما وجّه دعوة للكتّاب والأدباء والباحثين من أجل قراءة ودراسة المخطوطات ونشرها وصيانتها والحفاظ عليها، وأنّ اسم فلسطين كوحدة جغرافيّة وشعب ظلّ راسخاً في العصر العثماني وكان موجوداً في أقدم الخرائط العثمانيّة، وهذا يتناقض مع القول بأن اسم فلسطين كان قد نسي تماماً عند السّكّان المحلّيين، كما أظهر البحث ظهور وبروز الوعي والوطنية الفلسطينية في الفترة العثمانية من خلال الشّكاوي التي ظهرت في سجلّات المحاكم بالإضافة لسلسلة من الثّورات والتّمرّدات على سياسة الضرائب الباهظة.
وأعرب أمين عام اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو)، دوّاس دوّاس، عن تقديره لجهود د. عبد الله محمود، الذي سلّط الضّوء على حقبة هامّة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
وأشاد بدور المكتبة الوطنيّة الرّائد باعتبارها البنك المركزي لثقافة الشّعب الفلسطيني وهوّيته وذاكرته، ومنصّة حضوره بين الأمم والشّعوب، والحاضنة لجمع وإيداع وحفظ ونشر وترويج الإنتاج الفكري والثّقافي الوطني بمختلف أشكاله الإبداعية المخطوطة والمطبوعة والسّمعية والبصرية من إبداع أبناء وبنات الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أنّ الّلجنة تعتزّ بالشّراكة المتميّزة مع المكتبة في ظلّ وجود رؤية موحدة لاحتضان هوية وذاكرة الشعب الفلسطيني، مؤكّداً أنهم حريصون على استقطاب وتوطين أفضل الممارسات ذات العلاقة من خلال المنظمات المتخصصة، وأن تعزيز ودعم المخطوط والمطبوعات الفلسطينية في المحافل الدولية هو أحد أهم أولوياتهم لنقل إبداع الشعب الفلسطيني للعالم، وعليه فقد قدمت اللجنة الوطنية الدعم في إطار تنفيذ مشاريع تختص في الحفاظ على المخطوطات من قبل منظمة اليونيسكو والالكسو والايسيسكو على مدار السنوات.
بدوره، أكّد مدير معهد الأمن القومي حابس الشروف، أهمّية الاحتفاء بيوم المخطوط العربي لعام 2023، وأهمية الاحتفاء بالكتاب والباحثين في هذا المجال وتكريمهم وتسليط الضوء على أبحاثهم وإنجازاتهم، ولهذا كان لا بد من الاحتفاء بالدكتور عبد الله محمود وبإنجازه العلمي المحكّم المبني على أسس علميّة سليمة، حيث أمضى سنوات من عمره يبحث في السجلات والوثائق والأرشيف العثماني، لافتاً إلى أنّ مثل هذا النوع من الإنجاز العلمي يعزّز الحقّ والوجود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وروايته الّتي تحاول إخفاء الرّواية الفلسطينيّة من الوجود.
بدوره، أشار الكاتب والباحث محمود إلى فكرة الدّراسة التي تكمن بأهمّية دراسة فترة الحكم العثماني والآثار الواضحة التي تركتها على بلاد الشام وفلسطين في كافة المجالات، والأهمية البالغة لدراسة سجلات المحاكم الشرعية والوثائق القانونية العثمانية لقلة الدراسات التي تتناول الشق القانوني العثماني.
وقدّم ملخّصاً لأبرز الوثائق التي قام بدراستها وتأثيرها، وذكر أبرز الموضوعات التي تطرّقت إليها الدّراسة مثل الحقوق والحرّيات والأنظمة القانونية بما فيها أنظمة الضّريبة والدّساتير والسّياسات.
واستعرض جمال العبادي، تقسيمات الدّراسة وأبرز عناوينها، وأكّد أهمّيتها التي أبرزت دور فئات المجتمع الفلسطيني وتأثيرهم على السلطة وتقسيماتهم والنظام الإداري القديم، لافتاً إلى أنّ الباحث درس الأحوال السياسية والاقتصادية والأمنيّة في فلسطين في تلك الفترة، واستعرضت الدراسة الأحوال التي رافقت الهجرة الصهيونية لفلسطين في أواخر فترة الحكم العثماني، وأهم القوانين والتشريعات التي كانت في تلك الفترة والتي يمتد بعضها حتى اليوم.
وبيّن فادي علاونة أهمّية التّقسيمات الإدارية في العهد العثماني وفقاً لكتاب د. عبد الله محمود، وتناول الموضوع من وجهة نظر قانونية بحيث ركز على التطور التاريخي لهذه التقسيمات، وأكد أهمية دراستها لخصوصية التاريخ الفلسطيني الذي تنوعت فيه فترات الحكم من الحكم العثماني للانتداب البريطاني والحكم الأردني والاحتلال الإسرائيلي وحكم السلطة الفلسطينية الحالي، وأكد أيضاً على دور العائلات الفلسطينية والإقطاعية تحديداً في التأثير على التقسيمات الإدارية وأسس التقسيمات الجغرافية والسياسية والاجتماعية والقوانين التي تم سنها لتحديدها وعلى أهمية دراسة الماضي من أجل فهم الحاضر.
وتحدث أسامة درّاج عن أهمّية دراسة الحياة الدّستورية في فترة العهد العثماني، وعن التقسيمات التّاريخية للدّراسة والتي قام الباحث بتحديدها بمرحلتين تاريخيتين، تناولت الأولى الطبقات الاجتماعية وتقسيمات المجتمع الفلسطيني وفئاته، والثانية الدستور والقوانين والحريات والحقوق.