تحليلات إسرائيلية: "نقاط إيجابية في الاتفاق... ومهاجمته تكتيكية"
القدس / سوا / غداة توقيع إيران والدول الغربية الست على الاتفاق النووي والهجوم الإسرائيلي الفوري عليه وقرار المجلس الأمني السياسي الإسرائيلي المصغر (كابينيت) عدم الاعتراف بالاتفاق، رأى محللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم أن هناك عدة جوانب إيجابية في الاتفاق بالنسبة لإسرائيل أبرزها وقف تصنيع إيران للقنبلة النووية، ولو لفترة محدودة، ومنح إسرائيل مزيدا من الوقت للاستعداد لمواجهة هذا الخطر الذي تعتبره وجوديا، فيما قال محلل إن هجوم إسرائيل على الاتفاق هو تكتيكي مؤقت حتى إقرار الكونغرس للاتفاق نهائيا ولقاء باراك أوباما و بنيامين نتنياهو بعد نحو شهرين، حينها من المتوقع أن يقدم الأخير قائمة مطالب كبيرة لحفظ مكانة إسرائيل الإستراتيجية في المنطقة وتعويضها عن أي مساس بها.
وكتب الرئيس السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، اموس يادلين، أن الاتفاق النووي مع إيران هو تحدي جدي للأمن القومي الإسرائيلي كونه يزيل العقوبات الاقتصادية عن طهران ويوفر لها مئة مليار دولار بشكل فوري بالإضافة إلى مبالغ مضاعفة خلال العشر سنوات المقبلة.
وعلى الرغم من استمرار العقوبات المفروضة على إيران في مجال التسلح في الخمس سنوات المقبلة، لكن كتب يدلين في "يديعوت أحرونوت" أن إزالة العقوبات الاقتصادية سيعطي إيران مزيدا من الدعم لطموحاتها اٌلإقليمية وقدراتها العسكرية.
في المقابل، يقول يدلين إن ليس إيران وحدها ستزيد من قدراتها العسكرية، بل أن الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية عموما يمرون في عملية دائمة لتعزيز القدرات الأمنية والتي ستشكل سورا متينا أمام مساعي إيران للسيطرة في المنطقة.
وأشار يدلين إلى أن الاتفاق سجل عدة إنجازات لصالح إسرائيل في المجال النووي، إذ يزيد المدة الزمنية التي تحتاجها إيران لتصنيع قنبلة نووية لعام واحد (التقديرات كانت أن إيران تستطيع تطوير قنبلة نووية خلال 3 شهور)، كما أنه يفرض نظام رقابة صارم و"متوغل" أكثر من السابق، بمعنى أنه يتيح مراقبة المواقع النووية الإيرانية عن قرب لكن الاتفاق لا يحبط المشروع النووي الإيراني على المدى البعيد ويشرعن سباق التسلح النووي في المنطقة.
ويضع يدلين 3 سيناريوهات لمستقبل الاتفاق النووي مع إيران في السنوات القريبة المقبلة. الأول، وهو الأكثر تفاؤلا، بأن تتغير إيران من الداخل بعد إنقضاء مدة الاتفاق وتصبح دولة أقل تطرفا، وذلك من خلال دخول عناصر من الجيل الجديد الأكثر اعتدالا لسدة الحكم ورحيل المتطرفين. لكنه يرجح ألا يحدث ذلك وأن فرصه ضئيلة جدا.
أما السيناريو الثاني، فهو أن تتصرف إيران بعد سنوات كما تصرفت كوريا الشمالية في العام 2003 عندما خرقت الاتفاق وقررت استمرار تطوير قدراتها النووية، إذ يقدر أن هذا الخيار فرصه ضئيلة جدا. لكنه يتوقع أن هذا الخيار يلزم إسرائيل والغرب الإبقاء على قدرة عسكرية قادرة وقف أي توجه إيراني لتصنيع قنبلة نووية.
السيناريو الثالث بحسب يدلين، فهو التزام إيران بالاتفاق النووي ويراه الأكثر واقعية لكنه الأكثر خطورة، وذلك لأنه يمنحها الثقة للانتظار لعقد ونصف من أجل زوال الحظر ولو تدريجيا المفروض على حجم وقدراتها لتخصيب اليورانيوم. وقد تستغل إيران هذه الفترة لتعزيز قدراتها التكنولوجية النووية وخبرتها النووية وبذلك تقلص الفترة الزمنية التي تحتاجها لتصنيع القنبلة النووية.
من الجهة المقابلة، يرى أن الاتفاق يتيح جمع معلومات ومراقبة المشروع النووي الإيراني ويتيح لإسرائيل الإمكانية لتطوير وسائل بمقدروها "تحييد" هذا الخطر وقت الحاجة.
ويدعو يدلين إلى التوصل لتفاهمات ثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة تنص على أن القوى الكبرى ملزمة على فرض تطبيق الاتفاق بالقوة في حال خرقت إيران الاتفاق، وأن تلتزم واشنطن بألا تحصل على إيران على السلاح النووي.
هجوم تكتيكي
وكتب المحلل السياسي أليكس فيشمان في "يديعوت" أن الاتفاق ليس كارثيا وأبعد ما يكون عن "الكارثة القومية".
وقال إن ليس هناك أي احتمال ألا يصادق الكونغرس الأميركي على الاتفاق، أي أن المعركة الإسرائيلية بهذا الشأن خاسرة، داعيا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والأجهزة الأمنية عدم مهاجمة الاتفاق وإنما بلورة مطالب إسرائيلية مقابله، لافتا إلى أن زيارة وزير الدفاع الأميركي، اشتون كارتر، لتل أبيب بعد خمسة أيام للمرة الأولى منذ توليه منصبه، هي فرصة للتحدث إلى واشنطن عن خطوات عملية لتعويض إسرائيل عن المساس بمكانتها الاستراتيجية في المنطقة.
وتابع فيشمان أن المجلس الأمني الوزاري المصغر (كابينيت) قرر بدلا من ذلك مهاجمة الاتفاق وخوض معركة سياسية لإفشال التصويت على الاتفاق في الكونغرس وذلك كي لا تظهر إسرائيل بأنها سلمت بالاتفاق، لذا تؤجل الحديث عن التعويضات.
ويشير فيشمان إلى أن الخط الذي تتبعه الحكومة حاليا هو تكتيكي ومؤقت حتى لقاء نتنياهو بأوباما في أيلول/ سبتمبر المقبل في الأمم المتحدة في نيويورك. حينها سيكون الاتفاق حقيقة ناجزة وسيطالب نتنياهو بتعويضات وضمانات لإسرائيل. حتى ذلك الموعد ستستمر إسرائيل بمهاجمة الاعتراف وسترفض الإقرار به.