شروط الحج للمرأة
شرّع الإسلام العديد من الفرائض والواجبات على المسلمين، ومن أهم هذه الفرائض هي الحج، حيث يعتبر الحج للمستطيع من أركان الإسلام الخمسة، والتي لا يصح إسلام المسلم من دونها.
وهناك العديد من شروط وجوب الحج التي توجب على المكلفين الحج، ومنها شروط وجوب عامة تشمل الرجال والنساء على سواء، ومنها شروط وجوب خاصة تسري على المرأة وحدها دون غيرها، فلا يجب عليها الحج بدونه.
وأما شروط وجوب العامة لكل من يريد الحج أو العمرة الواجبة ، فإنه يشترط لوجوب الحج ما يلي:
-الإِسلام: فلا يجب الحج على غير مسلم.
-البلوغ: لأن الحج لا يجب على الصبي قبل سن البلوغ.
-العقل: فالمجنون لا يجب عليه الحج. وهذه الشروط الثلاثة عامة في كل التكاليف الشرعية.
– الاستطاعة: وتتحقق بالقدرة الجسدية والمالية، وأن يملك نفقات السفر، ونفقات من يعول في غيابه.
وتقدم لكم وكالة سوا في هذا المقال شروط وجوب الحج للمرأة
وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى مطلبين: المطلب الأول: أن يكون معها زوجها أو ذو رحم محرم منها. المطلب الثاني: ألا تكون معتدة من طلاق أو وفاة.
أن يكون معها زوجها أو ذو رحم محرم منها
أقوال الفقهاء في هذا الشرط: أولاً: قال الشافعية: لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت من يخرج معها للحج من محرم لها أو زوج أو نسوة ثقات، فأي هذه الثلاثة وجد لزمها الحج، وإن لم يكن شيء من الثلاثة لم يلزمها الحج، لأن الشرط عند الشافعية لوجوب الحج على المرأة حصول الأمن لها على نفسها، وهذا الأمن يحصل لها بمصاحبة الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات الجامعات لصفات العدالة، وعلى هذا لو وجدت امرأة واحدة ثقة تسافر معها للحج لم يلزمها الحج، ولكن يجوز معها الحج.
وقال بعض الشافعية: يلزمها الحج بوجود نسوة ثقات أو امرأة واحدة ثقة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة.
ولكن المشهور من نصوص الشافعي وهو المذهب عند الشافعية أو جمهورهم هو القول الأول، أي لا يجب الحج على المرأة إلا بوجود الزوج معها أو المحرم أو النسوة الثقات، ولكن يجوز للمرأة أن تخرج لأداء حجة الإسلام، أي فريضة الحج، مع المرأة الثقة، وكذا يجوز أن تخرج وحدها للحج إذا أمنت وكانت الطريق آمنة مسلوكة، وعليه حمل ما دل من الأخبار على جواز السفر وحدها، وهذا الجواز في فريضة الحج، أما في حج التطوع فلا بد لها من زوج أو محرم، ولا تكفي رفقة النساء على الصحيح في مذهب الشافعية.
ثانيًا: وقال المالكية: يشترط لوجوب الحج على المرأة أن تجد محرمًا من محارمها يسافر معها للحج، أو يخرج معها زوجها إن كانت ذات زوج، ويقوم مقام المحرم الرفقة المأمونة في سفر الفرض فقط. والرفقة المأمونة قد تكون من النساء فقط، أو من الرجال فقط، أو من الرجال والنساء.
وقال الظاهرية: المرأة التي لا زوج لها وليس لها ذو محرم يحج معها فإنها تحج ولا شيء عليها، فإن كان لها زوج ففرض عليه أن يحج معها، فإن لم يفعل فهو عاصٍ لله تعالى، وتحج هي دونه وليس له منعها من حج الفرض، ولكن له منعها من حج التطوع.
وقال الحنابلة: لا يجب الحج على المرأة التي لا محرم لها ولا زوج، وقد نص على ذلك الإمام أحمد، فقد قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج ؟ قال: لا. وعن أحمد: المحرم من شرائط الأداء لا الوجوب، وعلى هذا: من فاتها الحج بعد إكمال شرائط الوجوب بموت أو بمرض لا شفاء منه أخرج من مالها ما يحج به عنها. ولكن المذهب عند الحنابلة هو الأول، أي أن وجود المحرم -أو الزوج- من شرائط الوجوب، واحتجوا لمذهبهم بجملة من الأحاديث الشريفة التي سنذكرها.
وقال الحنفية: يشترط لحج المرأة أن يكون معها زوجها أو محرم لها، فإن لم يوجد أحدهما لا يجب عليها الحج، واحتجوا بجملة أحاديث سنذكرها فيما بعد، كما احتجوا بأن حجها بدون المحرم أو الزوج يعرِّضها للفتنة، وهذا ضرر بها، والضرر مرفوع شرعًا.
من هو المحرم ؟
قال الحنابلة: المحرم الذي يشترط للسفر مع المرأة للحج يشمل زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب كأبيها، أو بالرضاع كأخيها من الرضاعة، أو بالمصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها. ودخل الزوج في مفهوم المحرم هنا مع كونه يحل لها وتحل له، لحصول المقصود بسفره معها وهو حفظها وصيانتها.
ومما يدلّ على دخول الزوج في مفهوم المحرم الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا معها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل وقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وإنني أكتتب في غزوة كذا وكذا. قال -صلى الله عليه وسلم-: فانطلق واحجج مع امرأتك”.
وجه الدلالة بهذا الحديث أن الرجل فهم من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم” أن الزوج داخل في مفهوم المحرم هنا أو قائم مقامه.
هذا وإن بعض الأحاديث الشريفة صرَّحت بالزوج مثل الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا معها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها”. وعلى هذا فالمقصود بالمحرم الذي تسافر معه المرأة للحج، وأن وجوده شرط لوجوب الحج عليها هو الزوج ومن تحرم عليه على التأبيد. وعلى هذا.. إذا أطلقنا لفظ (المحرم) كشرط لوجوب الحج على المرأة، فإن هذا الإطلاق يشمل الزوج ومن يحرم عليها على التأبيد. وإن شئنا قلنا: الزوج والمحرم، وعند ذاك يكون
المحرم هنا من يحرم عليها على التأبيد، ولا يشمل الزوج لذكره صراحة. هذا ويلاحظ هنا أن المحرم الذي يحرم على المرأة على التأبيد هو الذي يحرم عليها لحرمتها، فلا يشمل الملاعن بالنسبة لزوجته التي لاعنها، فإن تحريمها عليه بعد اللعان والتفريق بينهما فرقة مؤبَّدة إنما هو تحريم على وجه العقوبة والتغليظ وليس لحرمتها، فلا يكون الملاعن محرمًا لها.
المطلب الثاني :حج المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة
وأما المرأة التي في فترة العدة سواء من طلاق أو وفاة فلا يجوز لها أن تحرم بحج أو عمرة، ولا يجب عليها شيء منهما؛ لأن الله تعالى نهى المعتدات عن الخروج بقوله عز وجل: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} [الطلاق:1/ 65] ولأن الحج يمكن أداؤه في وقت آخر، فأما العدة فإنها تجب في وقت مخصوص وهو ما بعد الطلاق أو الوفاء مباشرة، فكان الجمع بين الأمرين أولى.