قرأت صباح الأحد، وبإمعان وإعجاب، ما كتبه الزميل أكرم عطا الله، في صفحة آراء، تحت عنوان: "إلى أين نحن ذاهبون"؟ .. ما لفت نظري العنوان، كان العنوان جريئاً إلى حد "التهوُّر" إن جاز التعبير... هل يتجرّأ كائن من كان، أن يستشرف آفاق المستقبل، وسط ما نعايشه من متغيرات وأحداث ومستجدات، لم تكن تخطر على بال ساحر.
طرح الزميل هذا التساؤل الجريء، وحاول الإجابة.
جاءت معظم فقرات الإجابة، جلداً للذات، ولا غرابة في ذلك، فنحن "نستاهل" هكذا جلد. جميعنا "يستاهل" ذلك، أفراداً وفصائل وقيادات.
قد يحاول البعض تبرير أمور لم يعد بالإمكان تبريرها، وعلى رأسها ضرورة تجديد النظام السياسي.
نظامنا السياسي، شاخ، وتهالكت هياكله، ولم يعد قادراً حتى على حمل نفسه. في سنوات النشوء والشباب والرجولة، منذ العام 1969، وحتى بدء هجوم السلام الفلسطيني في العام 1988، كان النظام السياسي الفلسطيني، قادراً على تجديد نفسه، بفعل عوامل الحياة والحركة، وقانون وحدة الأضداد، الذي سحب نفسه على كل شيء. هنالك قوى وفصائل سادت ثم بادت، وهناك، فصائل تصدرت ثم انزوت.
سارت حياتنا السياسية، عبر ممرات تجديدية، أكدت مصداقيتها وفعاليتها، أبرزها: المجلس الوطني الفلسطيني.
من منا، نحن الذين عايشنا دورات المجلس، في القاهرة والجزائر ودمشق، ينسى حالة التلاقي السياسي والوطني والإنساني العميقة حتى النخاع، كنا نتلاقى عبر فراق يدوم عاما أو أكثر، نتلاقى لنتصارح فيما بيننا، نتعاتب ونتقاتل في اطار واحد، هو اطار البيت المعنوي للفلسطينيين، م.ت.ف. كنا نهتف، نضحك، نبكي، ونتفق رغم الخلاف. كان كبيرنا ومؤسس كياننا الوطني، في العصر الحديث، الزعيم ياسر عرفات، قادراً على لمّ الجميع، رغم الخلاف.
قال القائد الوطني الكبير د. جورج حبش، رحمه الله، قد نختلف مع ياسر عرفات، لكننا لا نختلف عليه.
من يقرأ مطارحات المجالس الوطنية الآن، خاصة، بعد طرح النقاط العشر، سيدرك، مدى عمق الخلاف، ومدى رقي صيغ التحالف والتلاقي في اطار م.ت.ف.
غاب المجلس أو غيّب، صحيح أن الانتخابات التشريعية والرئاسية، قادرة على إعادة إنتاج النظام السياسي الفلسطيني، لكنها، وفي ظل ما نعانيه من خلافات داخلية، لا يبدو في الأفق، ما يشير إلى احتمال عقدها قريباً.
إمكانية دعوة لمجلس وطني فلسطيني جدي، عبر دورة حاسمة، هي أمر ممكن. المجلس الوطني لا يزال قائماً، ومعظم أعضائه لا يزالون أحياء، وإمكانية توسيعه، ومن القوى كافة، رغم الخلاف لا تزال واردة.
عقد دورة للمجلس الوطني، في أية بقعة من بقاع العالم، هو أمر ممكن. هنالك ضرورة ماسة ووجودية لعقد دورة كهذه، تتم بها مطارحات سياسية مسؤولة وجادة، وتتمخض عنها وثيقة سياسية، ملزمة للجميع، وهي وثيقة لها شرعيتها ومبررها، ولا أعتقد أن أحداً سيعارضها، وفي حال معارضتها، ستكون الأقلية، مضطرة للقبول برأي الأكثرية!
يبدو لي، بأنني جنحت أكثر مما يجب، تماماً كما فعل الزميل أكرم عطا الله عندما جعل عنوان مقاله: إلى أين نحن ذاهبون؟!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية