النووي الايراني .. دقت ساعة الحسم
طهران / سوا / دخلت المفاوضات بين ايران والقوى الكبرى في فيينا اليوم الاحد مرحلتها الاخيرة لكن لا يزال يتعين على الطرفين تجاوز اخر نقاط الخلاف التي لا تزال عالقة من اجل التوصل الى اتفاق تاريخي يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني.
واكد مسؤول اميركي ان "مسائل اساسية لا تزال عالقة"، فيما قال دبلوماسي ايراني انه اصبح من المستحيل لوجستيا ابرام اتفاق بحلول المهلة المحددة التي تنتهي غدا الاثنين.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية "لم نقدم ابدا تكهنات حول توقيت اي شيء خلال هذه المفاوضات ولن نقوم بذلك الان بالتأكيد، وخصوصا حين لا تزال هناك مسائل اساسية عالقة".
وكتب الدبلوماسي الايراني علي رضا ميريوسفي الموجود في فيينا على موقع (تويتر)، ان التوصل الى اتفاق بحلول مساء اليوم الاحد "مستحيل لوجستيا" كون مشروع الاتفاق يتألف من نحو مئة صفحة.
وبالتزامن مع ذلك، قال وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، مساء اليوم الاحد، إن الاتفاق النووي المحتمل بين إيران والقوى الكبرى الست لن يتم الإعلان عنه اليوم الأحد.
وأضاف ظريف متحدثا للصحافيين "ما زال أمامنا عمل ولن يتم الإعلان عن اتفاق اليوم الأحد ... ولن يكون هناك أيضا أي تمديد لما بعد غد".
من جانبه، اعلن الرئيس الايراني حسن روحاني، اليوم الاحد، ان التوصل الى اتفاق مع القوى الكبرى حول الملف النووي الايراني بات "قريبا جدا"، بعد اكثر من اسبوعين من المفاوضات المكثفة في فيينا.
وقال الرئيس الايراني في كلمة القاها خلال افطار في طهران اقامته جمعية نسائية "لقد انجزنا الكثير ولا بد ان نصل الى القمة التي بتنا قريبين منها جدا".
واضاف روحاني حسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الطلابية الايرانية "نحن اقتربنا جدا الى حد اننا اذا تطلعنا من تحت نعتقد باننا قد وصلنا بالفعل، اما اذا كنا فوق باننا نلاحظ انه لا يزال من الضروري القيام ببضع خطوات اضافية".
وتابع الرئيس الايراني "الحمد لله لقد التزمت بوعودي الانتخابية بتسوية المسألة النووية".
وكان روحاني وعد قبل انتخابه رئيسا في حزيران (يونيو) 2013 بالتوصل الى اتفاق مع القوى الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) لحل الخلاف حول الملف النووي الايراني.
وتجري مفاوضات مكثفة بين ايران والقوى الكبرى منذ 16 يوما في فيينا للتوصل الى اتفاق تاريخي يضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني.
وكان من المفترض ان تنتهي هذه المفاوضات في الثلاثين من حزيران (يونيو) الماضي الا انها مددت ثلاث مرات مع مهلة تنتهي غدا الاثنين.
وفي السياق ذاته، كشف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي اكبر صالحي، ان بلاده قبلت ببعض القيود من دون أن تؤثر على سير برنامجها النووي السلمي.
واعلن صالحي في تصريحات لفضائية (الميادين) اللبنانية بثت اليوم الاحد عن انتهاء المفاوضات التقنية حول برنامج إيران النووي (بين طهران ومجموعة 1+5)، وأنه تتم حالياً مراجعة النصوص للتأكد من مطابقتها المفاوضات الشفهية، كاشفا عن دخول بلاده نادي الدول المستفيدة من التكنولوجيا النووية تجارياً.
وقال صالحي إنه سيتم تشكيل فريق دولي بإدارة الصين لإعادة تصميم مفاعل (آراك)، وأن أي دولة راغبة يمكنها الانضمام إليه.
واضاف صالحي أن إيران قبلت ببعض القيود من دون أن تؤثر على سير برنامجها النووي السلمي، بل إنه سيتطور بشكل أسرع، مؤكداً أنه تم أخذ موضوعات محطات الطاقة وإنتاج الوقود بعين الاعتبار في الاتفاق، مشيرا إلى أن بلاده ستدخل نادي الدول التي تستفيد من التكنولوجيا النووية تجارياً، وأنه تمت تهيئة الأرضية من خلال المفاوضات لنقل تجارب الآخرين إلى إيران خاصة في المجالات التجارية للصناعة النووية.
وتابع صالحي "تم التوافق في المفاوضات على خطوات مهمة في مجال الاختبارات الإشعاعية".
وبعد الحركة الدبلوماسية المكثفة قبل انتهاء المهلة المحددة لابرام اتفاق الاثنين، ظهرت اجواء تفاؤل بامكانية تحقيق اختراق في المفاوضات.
واعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، اليوم الاحد، عن اعتقاده ان المفاوضات الدولية حول برنامج ايران النووي دخلت "مرحلتها الاخيرة".
وقال عند عودته الى فيينا في اليوم السادس عشر من المفاوضات "آمل ان نكون دخلنا المرحلة الاخيرة من هذه المفاوضات الماراثونية. اعتقد ذلك".
وكان وزير الخارجية الاميركية جون كيري قال في وقت سابق "نقترب من قرارات فعلية" وعبر مرتين عن "تفاؤله" برغم "بعض النقاط التي لا تزال عالقة".
من جهتها، كتبت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني على حسابها على موقع (تويتر) ان المفاوضات وصلت الى "الساعات الحاسمة".
وكان علي رضا ميريوسفي كتب سابقا على حسابه على (تويتر)، ان "الاتفاق في متناول اليد. انه يتطلب فقط ارادة سياسية في هذه المرحلة".
ومنذ خمسة عشر يوما تسعى مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، الصين، بريطانيا والمانيا) الى وضع اللمسات الاخيرة على اتفاق مع ايران يضمن الطابع السلمي لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
وتوجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الاحد الى فيينا للانضمام الى المفاوضات وفق ما اعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم الاحد على موقع (تويتر).
لكن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند غادر اليوم الاحد فيينا على ان يعود صباح الاثنين.
ومع اقتراب انتهاء المهلة، تسارعت وتيرة الاجتماعات على المستوى الوزاري حتى منتصف ليل السبت.
وقد عقد اجتماع مساء السبت لمجموعة خمسة زائد واحد ثم لقاء بين ظريف وكيري ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فاجتماع اخير لمجموعة (5+1) قبيل منتصف الليل.
والهدف من كل هذه الجهود هو التوصل الى اقفال ملف يسمم العلاقات الدولية منذ اكثر من اثنتي عشرة سنة.
ويتهم الغربيون ايران بالعمل على برنامج نووي عسكري بغطاء مدني منذ العام 2003، وهو ما تنفيه طهران على الدوام بشدة.
ومنذ 2006، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة حزمات عدة من العقوبات على طهران تخنق اقتصاد البلاد التي تعد حوالي 77 مليون نسمة.
وفي العام 2013 بدأ الطرفان مفاوضات جدية للخروج من هذه الازمة.
ففي نيسان (ابريل) تفاهما على الخطوط الكبرى لنص خاصة خفض عدد اجهزة الطرد المركزي او مخزون اليورانيوم المخصب لدى طهران.
ومنذ ذلك الحين، واصل خبراء من الجانبين محادثات لتحديد الاطر العملية للاتفاق النهائي الذي كان مقررا اصلا التوصل اليه في مهلة اقصاها 30 حزيران (يونيو) الماضي لكن المهلة مددت ثلاث مرات.
وتتعثر المفاوضات حتى الان برفع القيود عن الاسلحة كما تطالب طهران بدعم من موسكو. لكن الغربيين يعتبرون ان هذا المطلب حساس بسبب ضلوع ايران في نزاعات عدة خاصة في سوريا والعراق واليمن.
وهناك نقطة خلاف اخرى تتعلق بوتيرة رفع العقوبات. ففيما يرغب الايرانيون برفعها على الفور دفعة واحدة يريد الغربيون ان يكون رفعها تدريجيا مع امكانية العودة اليها في حال انتهاك الاتفاق.
وتطالب مجموعة (5+1) ايضا بان يتمكن مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول مواقع عسكرية "ان اقتضت الضرورة" وهو ما يرفضه بعض المسؤولين العسكريين الايرانيين.
واخيرا يختلف الجانبان على مدة البنود المفروضة على ايران.
والخميس، تصاعدت حدة اللهجة مع اتهام كل جانب للآخر بعدم اتخاذ القرارات اللازمة.
والسبت، بدا المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي اكثر تشددا، اذ دعا في كلمة له امام طلاب في طهران الى الاستمرار في التصدي للولايات المتحدة التي اعتبر انها "افضل مثل على الغطرسة".
ورأى المحلل كيلسي دافنبورت، المتخصص في هذا الملف، ان "الوقت ليس للمزايدة والمواقف المتصلبة. هذه لحظة تاريخية، ويمكن ان تكون هناك عواقب وخيمة اذا فوت المفاوضون الفرصة لابرام اتفاق جيد".