ما قصة مدفع رمضان وكيف بدأت؟
"مدفع الإفطار … اضرب"، "مدفع الإمساك … اضرب"، اعتاد العديد من المسلمين في دول العالم الإسلامي سماع هذه الجمل بعد غروب شمس وقبل طلوع فجر كل يوم من أيام شهر رمضان ، ليتناول المسلمون إفطارهم، ويمسكون عن تناول السحور منذ أكثر من 570 عامًا، والكثيرون لا يعرفون متى بدأت هذه الطقوس، ولا قصة استخدام مدفع رمضان، وهناك العديد من القصص التي تروى حول موعد بداية هذه العادة الرمضانية التي أحبها المصريون وارتبطوا بها، ونقلوها لعدة دول عربية أخرى.
ما المقصود بـ "مدفع رمضان"؟
يُقصد بمصطلح مدفع رمضان أو مدفع الإفطار، هو مدفع يستخدم كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار وإخبار عامة الناس عن هذا الموعد، وهو طقس من طقوس رمضان القديمة، وتقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث يقوم جيش البلد بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس، معلنًا فك الصوم خلال شهر رمضان.
ويعتبر مدفع رمضان من العادات المميزة للشعوب العربية في شهر رمضان المبارك، حيث ينتظر الصائمون صوت مدفع الإفطار ليكون إيذاناً بانتهاء فترة الصوم، والذي يتزامن مع رفع أذان صلاة المغرب طيلة أيام شهر رمضان المبارك، وعلى الرغم من كثرة وتنوع وسائل الإعلان عن مواعيد الإفطار والسحور، إلا أن الدول العربية لا زالت تتمسك بمدفع الإفطار.
مدفع رمضان "مدفع الإفطار":
يتميز صوت مدفع رمضان "صوت مدفع الإفطار"، كونه بات أحد أبرز مظاهر شهر رمضان، إلا أن كثيرين لا يعرفون حكاية ظهوره وتطوره بشكل مستمر، حيث اختلف المؤرخون حول قصة وآلية ظهوره إلا أن جميعهم اتفقوا على أن العاصمة المصرية القاهرة كانت أول مدينة إسلامية أطلقت المدفع عند الغروب، إيذانا بحلول موعد الإفطار.
ويعتبر مدفع رمضان من العادات القديمة التي بدأت من عهد الدولة المملوكية في مصر، وامتد إلى دول عربية أخرى، وبينما توقف في بلدان، استمر العمل بالمدفع الرمضاني في دول أخرى لكن بشكل رمزي فقط مع تطور وسائل التواصل، وارتفاع أصوات الأذان في كل الأزقة والحارات.
واختلف علماء الآثار المصريون حول بداية تاريخ استخدام مدفع رمضان، فبعضهم يرجعه إلى عام 859 هجرية، وبعضهم الآخر يرجعه إلى ما بعد ذلك بعشرات السنين، وبالتحديد خلال حكم محمد علي الكبير.
كيف بدأت قصة مدفع رمضان؟
تتعدد الروايات والقصص حول بداية استخدام مدفع رمضان، إلا أن غالبية الروايات تتفق على أن القاهرة كانت أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان.
والرواية الأولى أن والي مصر محمد علي الكبير كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة، فانطلق صوت المدفع مدويًا في نفس لحظة غروب الشمس و أذان المغرب من فوق القلعة الكائنة حاليًا في نفس مكانها في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور، فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام، ولم تتوقف إلا خلال فترات الحروب العالمية.
والرواية الثانية التي ارتبطت بها اسم "الحاجة فاطمة" ترجع إلى عام 85 هجرية، ففي هذا العام كان يتولى الحكم في مصر والٍ عثماني يدعى "خوشقدم"، وكان جنوده يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية للسلطان من صديق ألماني، وكان الاختبار يتم أيضًا في وقت غروب الشمس، فظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار. ولكن لما توقف المدفع عن الإطلاق بعد ذلك ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان، فلم يجدوه، والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى “الحاجة فاطمة” التي نقلت طلبهم للسلطان، فوافق عليه، فأطلق بعض الأهالي اسم “الحاجة فاطمة” على المدفع، واستمر هذا حتى الآن؛ إذ يلقب الجنود القائمون على تجهيز المدفع وإطلاقه الموجود حاليًا بنفس الاسم.
أما الرواية الثالثة مفادها أن أعيان وعلماء وأئمة مساجد ذهبوا بعد إطلاق المدفع لأول مرة لتهنئة الوالي بشهر رمضان بعد إطلاق المدفع فأبقى عليه الوالي بعد ذلك كتقليد شعبي.
وبدأت فكرة مدفع رمضان تنتشر تدريجياً بعد ذلك، إذ وصلت إلى مدن الشام أولاً ك القدس ودمشق، ثم وصلت بغداد أواخر القرن19، وبعدها انتقل إلى الكويت في عهد الشيخ "مبارك الصباح" عام 1907، ومن ثم إلى دول الخليج كافة، حتى وصل اليمن والسودان ودول غرب أفريقيا ودول شرق آسيا.