هل هناك أزمة جديدة تنتظر الاقتصاد العالمي؟
بعد أن أغلقت السلطات الأميركيّة الجمعة الماضية بنك سيليكون فالي، ووضعته تحت سلطة وكالة تأمين الودائع الفيدراليّة، ثارت مخاوف داخل الولايات المتّحدة وخارجها، من امتداد أثر الأزمة إلى الاقتصادات ككلّ، وليس البنك فقط أو قطاع بعينه.
وكان بنك سيليكون فالي يعتبر البنك الأميركيّ الـ16 من حجم الأصول، حيث بلغت أكثر من 200 مليار دولار. وحدث الانهيار الكبير في البنك، بعد فشله في التعامل مع عمليّات السحب الهائلة لمودعيه، وخاصّة شركات التكنولوجيا، ولم تنجح المحاولات الأخيرة التي قام بها البنك لجمع الأموال، وهو ما استدعى بعض الخبراء إلى اعتبار هذه الأزمة ليست طارئة، وإنّما يمكن أن تستمرّ وتؤثّر على مجالات كثيرة.
ومنذ الأزمة الاقتصاديّة عام 2008، تبايت الآراء حول احتماليّة حدوث انهيار اقتصاديّ، فهناك من يتشبّثون بـ"مرونة الاقتصاد العالميّ في مواجهة الأزمات"، في حين يعتبر فريق آخر أنّ الاقتصاد العالميّ يواجه تحدّيات كبيرة، والتي تستدعي تغييرات جذريّة.
ولطالما كانت الآراء حول احتمال حدوث انهيار اقتصاديّ متداولة، إذ يعتقد البعض أنّ النظام الاقتصاديّ الحاليّ غير مستدام، وأنّ الانهيار أمر لا مفرّ منه، بينما يرى البعض الآخر أنّ الاقتصاد قويّ، وسيستمرّ في الازدهار، ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، انضمّ المزيد والمزيد من الأصوات إلى جوقة الاقصتاديّين الّذين يتوقّعون انهيارًا اقتصاديًّا.
وأفاد عدد من الخبراء إلى مستويات الديون المتزايدة للعديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتّحدة، كدليل على أنّ "النظام الاقتصاديّ متعطّل"، ووفقًا لـ US Debt Clock، فإنّ الدين القوميّ للولايات المتّحدة يزيد عن 28 تريليون دولار ويزداد بالثانية. هذا الدين لا يمكن تحمّله، ويعتقد الكثيرون أنّه سيؤدّي في النهاية إلى انهيار اقتصاديّ.
وأشارت دراسات كثيرة إلى أنّ النظام الاقتصاديّ الحاليّ يخدم الأثرياء، وأوضحت الدراسات إلى تزايد عدم المساواة في الدخل في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتّحدة، كدليل على ذلك، ووفقًا لتقرير صادر عن منظّمة أوكسفام، فإنّ أغنى 1% في العالم يمتلكون ثروة أكثر من بقيّة العالم مجتمعين. هذا التفاوت في الثروة غير مستدام، ويعتقد الكثيرون أنّه سيؤدّي في النهاية إلى انهيار اقتصاديّ.
وأوضح الخبراء إلى عدم الاستقرار المتزايد للنظام الماليّ العالميّ كدليل على أنّ الانهيار وشيك، ويقوم ادّعاؤهم على أنّ هذا الشكل الاقتصاديّ مبنيّ على أساس الدين، وأنّ هذا الدين لا يمكن تحمّله إلى أجل غير مسمّى، كما يشيرون إلى العدد المتزايد من الأزمات الماليّة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأزمة الماليّة لعام 2008، كدليل على عدم استقرار النظام.
وبحسب اقتصاديّين، فإنّ من أكثر القضايا إلحاحًا، والّتي تواجه الاقتصاد العالميّ اليوم هي جائحة COVID-19، إذ عطّل الوباء سلاسل التوريد، وتسبّب في إغلاق الشركات، وأجبر الملايين من الناس على ترك العمل، ويعتقد العديد من الاقتصاديّين أنّ الوباء قد سرّع من وصول الانهيار الاقتصاديّ، كما سلّط الضوء على هشاشة النظام الاقتصاديّ العالميّ، وكشف نقاط الضعف في العديد من البلدان في مجال الرعاية الصحّيّة وشبكات الأمان الاجتماعيّ.
وعلى الرغم من الأصوات المتزايدة الّتي تتنبّأ بانهيار اقتصاديّ، لا يزال هناك الكثير ممّن يعتقدون أنّ الاقتصاد قويّ، وسيستمرّ في الازدهار. ويشيرون إلى مرونة الاقتصاد العالميّ في مواجهة الأزمات السابقة، مثل الأزمة الماليّة لعام 2008، كدليل على قدرة النظام على الصمود في وجه أيّ عاصفة.