"تولين".. روح الشهيد الصحفي حمد الباقية لزوجته
غزة / خاص سوا/ صبا الجعفراوي/ تحرص الشابة هالة شحادة على أن تهمس في أذن طفلتها كل ليلة اسم والدها وكلمة "بابا" والأناشيد التي لطالما غناها زوجها الشهيد الصحفي خالد حمد لها بعد استشهاده أثناء تأدية عمله خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة العام الماضي.
وعلى الرغم من صغر سن الطفلة "تولين" التي يُتمت وهي في أحشاء أمها، إلا أنها تحكي لها دائما عن أبيها، وعن ارتقاءه شهيداً لحرصه على توثيق جرائم الاحتلال بحق شعبه منذ بداية العدوان.
عام مر على استشهاد الصحفي حمد، الذي ترك وراءه زوجته الأرملة وطفلة وجدت نفسها يتيمة عندما أبصرت النور وقدمت إلى الحياة، فتقول هالة لـ(سوا) " لا زلت غير مستوعبة أنه مر عام على استشهاده خالد فارقني بجسده لكن روحه لم تفارقني أبداً".
الشهيد الصحفي خالد حمد، واحد من بين سبعة عشر صحفي استهدفهم الاحتلال الإسرائيلي وقتلهم بدم بارد أثناء تأدية عملهم ونقلهم للأحداث خلال عدوانه الأخير على غزة، ناهيك عن إصابة (28) آخرين بإصابات مختلفة
وتضيف زوجة الشهيد " من يوم استشهاد خالد وأصبحت لا أشعر بطعم الحياة، وأيامي كلها شبيهة ببعضها، إلى أن جاء اليوم الذي ولدت فيه طفلتي التي خففت عليّ ألم فراقه، فهي قطعة من روحه وتحمل الملامح نفسها".
ومرت أشهر الحمل على الشابة هالة بصعوبة بدون زوجها الذي كان ينتظر بفارغ الصبر رؤية بطنها يكبر وقدوم طفله واللعب معه، فآلة الحرب الاسرائيلية حرمته من الفرحة برؤية طفلته "تولين" بعد أن استهدفته بحي الشجاعية فجر يوم 20/7/2014 أثناء تغطية المجزرة.
وتقول هالة "تولين أعادتني للحياة وأصبحت أشعر أن هناك شخص يستحق أن أعيش له بعد استشهاد أحب شخص على قلبي، فكلما شعرت بضعف واشتياق لخالد أسارع بضم طفلتي إلى صدري لأخفف عني ألم فراقه وخسارتنا له".
وتستذكر زوجة الشهيد يوم استشهاده الذي شعرت أن شيئا ما سيحصل لخالد يومها، بعد أن لاحظت نظراته لها ولأهله كأنها نظرات الوداع الاخيرة، وتوصيته لها بطفلها وبنفسها.
"طلبت من خالد أن لا يخرج للتصوير يومها، إلا أنه طمأنني أنه سيعود وخرج للعمل، وفجر يوم استشهاده استيقظت على خبر مجزرة الشجاعية، وشاهدت على التلفاز خبر استشهاد صحفي، حاولت أن أكذب نفسي أنه ليس هو، لكن ما أن رأيت جسده والدرع الذي كان يلبسه وكاميرته علمت أنه هو" تضيف هالة
وتكمل هالة دراستها تخصص الصحافة والإعلام في جامعة الأقصى، فبعد استشهاد زوجها الصحفي قررت أن تكمل دراستها، خاصة أنه كان يشجعها على تحقيق طموحها في المجال الذي تحبه.
وتتابع "صحيح أنني خسرت خالد أثناء تأدية عمله الصحفي، لكن لم أكره يوماً هذا المجال وسأكمل تعليمي وأحقق طموحي وأعمل صحفية حتى أكمل مسيرة زوجي المهنية".
وتنتظر هالة ما ستؤول إليه انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية والعمل على محاكمة الاحتلال الإسرائيلي على انتهاك حقوق الصحفيين وجرائمه التي مارسها بحق أبناء شعبها.
"أتمنى أن أسمع في يوم من الأيام أن الاحتلال سيحاكم على ما ارتكبه ضدنا، وما ارتكبه ضد الصحفيين خاصة، لأن إسرائيل تؤمن أن الصحفي الفلسطيني قادر على أن يغير رأي العالم ويوصل رسالة شعبه وألمه ويقلب المعادلة التي تظهر أن الاحتلال هو الضحية" تضيف هالة.
وتقول زوجة الشهيد بنبرة حازمة "لن أغفر لأي انسان أو أي حاكم عربي خذلنا وكان له يد أن يخفف معاناتنا ويساعدنا ولم يفعل، لأنه كان سبب خسارتي أنا وطفلتي لخالد وتسبب بالألم الكبير بداخلي انا وغيري من الأمهات".
هذا وتعرض الصحفيون خلال الحرب الإسرائيلية لانتهاكات كبيرة على الرغم من الحماية التي كفلها لهم القانون الدولي وحقوق الانسان، إلا أن ذلك لم يشكل رادع أمام الاحتلال لاستهدافهم، فهل سيأتي اليوم الذي ستحاسب به إسرائيل على انتهاكها حقوقهم واستمرارها بذلك؟!.