الموقف الأول
في شبه اعتذار من قبل الرئيس محمود عباس لروح الشهيد ياسر عرفات وبعد تجربة 11 عام من استشهاده، دعا أبو مازن المنهك من المفاوضات والمصالحة وبلادة العرب الى عودة روح الانتفاضة الأولى. كلام خطير من مهندس اتفاقيات السلام والأكاديمي صاحب عشرات الكتب حول الصراع مع الاحتلال، دعوة تعني نهاية الحل السلمي حاليا وعلى المدى المتوسط.
الموقف الثاني
اعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في لحظة اختبار المواقف لضمان عودته لقيادة الحكومة الرابعة الاقرار بأن اسرائيل 2015 قررت أنه لا دولة فلسطينية ولا قدس، ونعم للاستيطان. ليؤكد أن المتوفر في الضفة تسهيلات مباشرة للمواطنين للتسوق والعمل في الخط الأخضر، ول غزة اسمنت بالقطارة مع بعض المسنين للصلاة والسياحة الدينية في القدس ، ولا مانع من مفاوضات من أجل وقف الضجيج الفلسطيني في المحافل الدولية فمنطقيا لا يجوز أن تلاحق قانونيا من تفاوضه في الفنادق المكيفة وهنا تتحرك فرنسا لإيجاد اخراج فني يسمح بعودة المفاوضات.
كما قررت اسرائيل أخذ حصتها من الفلسطينيين وأسمتهم العرب، ولا مانع أن تراهم مجتمعين كأقلية تحت قبة الكنيسيت بين عشرات المستوطنين والحاخامات، استعدادا لنقل باقي الفلسطينيين للوصاية العربية ضمن الحل الاقليمي، أو معادلة الاقتصاد مقابل الأمن.
الموقف الثالث
اعلان الرئيس الأمريكي أنه لا تسوية قريبا في "النزاع" الفلسطيني – الاسرائيلي الذي أصبح أهون وأعقل الصراعات الاقليمية، وفيما يحلم الفلسطينيون بصفة الدولة، تنهار دول كبيرة في المنطقة، ويد العاقلين على قلوبهم خشية على مصر والجزائر، وأن لا يكشف الله وهن الامارات الخليجية، فالأمريكان أطلقوا يد اسرائيل في فلسطين وفتحوا الباب أمام الحل الاقليمي، وتركت واشنطن الحرية لتركيا في سوريا ولايران في العراق.
الموقف الرابع
يأس حماس من مصالحة تسعى من خلالها فتح لاستعادة قطاع غزة، واحتواء حماس، خاصة وأن الأخيرة تعلم ان نتنياهو لا يحق له التصرف الا في المعابر وبعض الأسرى ضمن مفهوم أمني قائم على فك الارتباط، فقررت حماس الذهاب تجاه هدنة متوسطة المدى تخفف الضغوط عنها، ضمن تصور ديني لا يحرم هدنة بلا اعتراف، ورؤية وطنية تؤجل الصراع كحق للأجيال القادمة بانتظار تغيير موازين القوى.
بعد ذلك: ما أكبر الفكرة وما أصغر الدولة
الدولة الفلسطينية وفق البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير والحق النسبي، أصبحت مستحيلة حاليا، والبرنامج الوطني الحالي يميل نحو فكرة الدولة الواحدة، التي ترفضها اسرائيل ويخشى الفلسطينيون جميعا من تفسيراتها وتعقيداتها الجغرافية والسياسية. اذن المتوفر ادارات محلية فلسطينية ضمن تجزئة التسويات وفق د.علي الجرباوي، في اطار مفاوضات أمنية – اقتصادية مع عدة مقاطعات في الضفة ومقاطعة كبيرة في غزة.
مفاتيح السلطة في البحر
لقد أغلق رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير ورئيس حركة فتح الباب بإحكام خلفه، ولن يسمح لرئيس اخر بالسير على سجاد أحمر في جنازته، كما سار هو خلف نعش الراحل أبو عمار، وما فصل النائب محمد دحلان ومحاصرة سلام فياض واحكام القبضة على امانة سر المنظمة الا اغلاق لأبواب السلطة أمام جميع البدائل والاحتمالات، وسياسيا يقول أبو مازن لإسرائيل من لا يطلق سراح 26 أسير من الأسرى القدامى قبل 1993 لن يطلق سراح شعب كامل، والتلويح بوضع مفاتيح السلطة على الطاولة وللشعب رب يحميه.
خيارين واحتمالات
نحن الآن بين خيارين بارزين واحتمالات واردة اما أن تصبح السلطة دولة وهذا غير متوفر رغم وجود اقرار من العالم بذلك، والحل الاخر حل اقليمي – فلسطيني، يقبل بالحد الادنى بعدما تحركت الحدود وتغيرت المدن ونصبت ملايين الخيام للمشردين، وأصبح لجماعة داعش دولة تبيع النفط في السوق السوداء وتعيد الحياة لشكلها البدائي.
أعتقد.. لا يحلم فلسطيني بحل أفضل من أوسلو، ولا يفكر قائد بأنه سيحكم أكثر من مقاطعة أكبرها بلدية غزة، وبالنسبة لخيار انتفاضة سلمية أراد أبو مازن روحها بالتأكيد لن تقودها الفصائل داخل المنظمة ولا خارجها، وإن وقعت كقرار شعبي ثائر على الجميع ستخلق قيادتها بنفسها لكنها ستفاجأ بأنها بلا دول طوق ولا ظهير عربي، كما ستواجه بخيارات اسرائيلية تجعل غربي النهر منطقة أمنة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية