يسعى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو  لتفكيك مأزق حكومته وصواعق الانفجار  التي تتراكم على عدة مستويات، السياسية والقانونية والأمنية.

نتنياهو استغل الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرونللتعزية بالقتلى الاسرائيليين في عملية  القدس ، والزيارة لفرنسا، كما استغل تجديد الدعوةالامريكية لاستئناف المفاوضات والاستمرار في توقيع اتفاق تطبيع بين اسرائيلوالسودان، وزيارة وزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين للخرطوم واجتماعه مع رئيسمجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.

وفي بيان لوزارة الخارجية الاسرائيلية قال الوزير كوهين،  أن الحكومة تبني واقعًا جديدًامع السودانيين تتحول فيها اللاءات الثلاث إلى ثلاث "نعمـ ات"، نعم للمفاوضات بينإسرائيل والسودان، نعم للاعتراف بإسرائيل ونعم للسلام بين الدول وبين الشعوب.

الهدف من الزيارة لفرنسا والخرطوم، والاعلان عنها يأتي في سياق محاولة الهرب منالوضع الداخلي الاسرائيلي المتفجر ، وصرف الانظار عن الاحتجاجات الداخلية، وتحقيقانجازات سياسية لحكومة نتنياهو  الذي يركز في كل خطاباته وحديثه عن توسيع رقعةاتفاقيات التطبيع، وسعيه الحثيث لتوقيع اتفاقية تطبيع مع السعودية.

يبدو أن نتنياهو  والاجهزة الامنية الاسرائيلية ترى في العلاقة مع بعض الانظمة العربيةالمطبعة المنقذ، ومنح حكومة نتنياهو شرعية دولية على غرار  دعوة سفارة الامارات في تلابيب للوزير الفاشي ايتمار  بن غفير  قبل تنصيبه وزيراً للمشاركة بالاحتفال في اليومالوطني للامارات.

وكذلك استغلال تلك العلاقة كوسيلة للضغط على الفلسطينيين ومحاولة احتواء مقاومتهمضد الجرائم التي ترتكبها اسرائيل يومياً، والتنكر لحقوق الفلسطينيين، وكذلك الضغطعلى السلطة الفلسطينية لاستئناف التنسيق الأمني، وتجنيد الأردن ومصر، وفق ما ذكرتهوسائل الاعلام الاسرائيلية.

نتنياهو في مأزق  ويتجه تدريجياً لتعميقه أكثر، في ظل معارضة كبيرة وتتوسع رقعةالاحتجاجات ضده وخطة إضعاف جهاز القضاء، والتغيرات الدستورية التي ستغير وجهالنظام السياسي الاسرائيلي وفق المعارضة واطراف اسرائيلية وازنة.

ووجد نتنياهو  والائتلاف الحاكم المشكل من احزاب يمينية متشددة وفاشية والمكبل  فياتفاقيات ائتلافية من أجل تخليص تفسه من المحاكمة بتهم الفساد. في ازمة كبيرة بدأتبقرار المحكمة العليا باستبعاد الوزير  وزعيم شاس درعي.

وتتوالى  عناصر الأزمة والانفجار  التي تتراكم تدريجيا على جميع المستويات ومنها  تفجر الوضع الأمني في عملية اطلاق نار من قبل شاب مقدسي في قلب مدينة القدس. 

حتى في الوضع الأمني وبحسب محللين أمنيين اسرائيليين 

بأنه لا توجد بحوزة بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وإيتمار بن غفير أدوات مختلفة عنتلك التي كانت بحوزة يائير لبيد ونفتالي بينيت (في الحكومة السابقة) من أجل إحداثردع صباح الغد.

وبالرغم من أن الجمهور الذي انتخب الحكومة الحالية يريد أن يرى تغييرا فوريا، لكن يبدوأن هذا ليس مطروحا، والامتحان الحقيقي للحكومة سيكون في المدى البعيد. 

ووفقا لما ذكره المحلل العسكري في صحيفة هارتس عاموس هرئيل، أن الحكومةالإسرائيلية الجديدة وجدت نفسها في بداية أزمة أمنية خطيرة، وفي ظل تقديرات أمنيةإسرائيلية حول تصعيد أمني في آذار/ مارس المقبل، بسبب تزامن حلول شهر رمضان وعيدالفصح اليهودي وأنشطة المستوطنين خلاله،  وأن الأجهزة الأمنية يعمل هذا العام تحتإنذار بـانقلاب الجرة، وأي حدث دراماتيكي يقود إلى اشتعال واسع مثل انتفاضة ثالثة.

وأن هذا لم يحدث حتى الآن، لأن الجمهور الفلسطيني الواسع الذي خرج إلى مواجهاتفي الشوارع مع إسرائيل لم ينضم إلى مئات الشبان الذين نفذوا عمليات.

على ضوء ذلك والضغط التي تمارسه الولايات المتحدة الامريكية وكذلك فرنسا وسماعنتنياهو كلام من ماكرون لم يعجب نتنياهو في الموضوع الداخلي الاسرائيلي المتعلقبالتغييرات القضائية وكذلك في الموضوع الفلسطيني والتأكيد على حل الدولتين والموقفمن الحكومة وسياساتها العدوانية والاستيطانية.

 وتصريحات وزير الخارجية الامريكية بلنكن، والوفود الامريكية رفيعة المستوى التي زارتإسرائيل هي للضغط على نتنياهو وحكومته الفاشية بتهدئة الاوضاع وعدم اتخاذخطوات دراماتيكية تشعل المنطقة.

مع عدم الرهان تماماً على الموقف الامريكي والاوروبي وعدم القدرة على اتخاذ قراراتوخطوات حقيقية للضغط على إسرائيل، وما يعني تلك الجهات حسب زعمها الحفاظ علىهوية إسرائيل كدولة ديمقراطية واستقرارها السياسي والاقتصادي.

محاولات نتنياهو الخروج من الأزمة مستمرة مع عدم القدرة على التنبؤ بتغيير ائتلافهالحاكم فهو طوق النجاه لتخليصه من المحاكمة. كما لا يمكن للفلسطينيين الرهان على مايسمى المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الامريكية ودول أوروبا، وكذلك أنظمةالتطبيع العربي التي تعمل على ممارسة الضغط علي الفلسطينيين واحتواء مقاومتهم.

هي فرصة للفلسطينيين للخروج من مأزقهم وانقسامهم، والاتفاق على توحيد مؤسساتهموتحديدها بالانتخابات ووضع خطط وطنية لمقاومة الاحتلال.  وتعميق مأزق نتنياهووإسرائيل المنشغلة بالوضع الداخلي خاصة ما تسمى المعارضة التي تعارض سياساتالحكومة  الاسرائيلية في ما يتعلق بالمساس بالنظام القضائي والقانوني، ولا علاقة لمًايجري بالسياسات العدوانية والاستيطانية والجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. فهذا محلاجماع صهيوني يهودي على استمرار الاحتلال وتعزيز  وتعميق نظام الفصل العنصريالاستعماري الاستيطاني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد