لعلّ المتابع للشأن الفلسطيني بشكل عام، والمتابع للشأن الفلسطيني الداخلي، بات يلحظ، وبوضوح، مدى الحاجة، بل والحاجة الماسة، لمراجعات شاملة ومعمّقة، لا تشمل القضايا الخلافية فحسب، بل والقضايا التي تتعلق بالبنى التنظيمية بشكل عام.
هنالك زمن طويل، منذ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته الأخيرة، والآن... ما ترتب عليه تكلّسات خطرة للغاية، لا بدّ من إزالتها، وتجديد حالة الشرايين وتنشيطها، وبعث الحياة فيها، عبر دماء جديدة.. القضايا الكبرى لا تتعلق بالبنى التنظيمية، فحسب، بل وبالمهام المطروحة. صنع القرار السياسي، على نحوٍ ديمقراطي سليم، لا يمكن إلاّ عبر مشاركة سياسية نشطة وواضحة، تشمل كافة أطياف الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة. الحياة وحدها، كفيلة بتجديد نفسها بنفسها، عبر التجدد الحيوي.
أما حالة السكون والركون لما هو قائم، فهي تشكل انتحاراً بطيئاً للغاية، لكنه على أية حال انتحار.
ما حدث في الأيام القليلة الماضية، تمثل: اعتقالات في الضفة الغربية، قامت بها أجهزة أمن السلطة. حماس قالت إن تلك الاعتقالات، هي اعتقالات سياسية، وهدد بعض أوساطها، باستهداف الأجهزة الأمنية.. وهذا أمر في غاية الخطورة...
تم الشروع بمشاورات وجهود، لتشكيل حكومة وحدة وطنية من الفصائل، لتنتهي تلك الجهود، إلى ما انتهت إليه، الأمر الذي عقّد الأمور، وعمّق حدة الخلافات الداخلية، بدلاً من أن يسهم بحلول.. وتقاربات.
تم إعفاء أمين سر اللجنة التنفيذية، ياسر عبد ربه، من مهام أمانة السر. جاءت تصريحات تقول، إن اللجنة التنفيذية في اجتماعها الأخير، تداولت بشأن أمانة السر، وقررت إعفاء ياسر عبد ربه، من مهام أمانة السر. ياسر عبد ربه، نفسه صرح، بأنه تفاجأ بهذا الخبر.. هنالك باختصار، وبوضوح، ما لا يسر الخاطر، وما ي فتح الأبواب على مصاريعها، لأقاول وتفوهات، نحن بأشد الغنى عنها، وعن تداعياتها.
المسألة هنا، تحتاج إلى وضوح، وإلى احتكام والتزام، بقواعد وعادات وتقاليد، تكرست عبر نضال دامٍ طويل. عادات وتقاليد وأعراف، حافظت على جسدنا الفلسطيني، وكياننا الوطني.
لا يمكن القفز عن تلك العادات، بسهولة ويسر، الوصول إلى حالة الاضطراب الداخلي، سهلة وخطرة في آن. ما أن تصل حالة سياسية إليها، إلاّ وفتحت أبواب جهنم عليها. درء حالة الاضطراب، تكريس الأعراف المتداولة من جهة، وتجديد الهياكل والحالات، من جهة أخرى.
كيف لنا أن نشرع في تجديد الهياكل والحالات التنظيمية ـ السياسية القائمة. لا يوجد حل سحري، بل يوجد حل جربناه، منذ العام 1964 ـ 1994. الحل يكمن في عقد دورة موسعة وجدية، للمجلس الوطني الفلسطيني. مجلس يضم أطياف الشعب الفلسطيني كافة، وعلى نحوٍ شبيه بالمجلس الوطني الفلسطيني، الأول في القدس 1964.
مجلس يضم كافة الفصائل الوطنية الفاعلة. المشاركة في اطار م.ت.ف، الآن، وممن يرغبون المشاركة بها، والإقرار بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
المهمة شاقة وصعبة وشائكة، لكنها مهمة، باتت ـ ولا أبالغ ـ مهمة وجودية، يتعلق بها مصير الشعب الفلسطيني، وتراثه الكفاحي الطويل.
لم تعد الأطر القائمة، قادرة على حمل مهام التحرر الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وذات السيادة وعاصمتها القدس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية