"الثلجة الكبيرة والشتاء التاريخي" .. مُعطيات حول مواسم المطر في فلسطين
نشر مركز التعليم البيئي "الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة"، اليوم الأربعاء 25 يناير 2023، معطيات حول مواسم الشتاء في فلسطين، على مدار العقود الماضية، خصوصا ما عُرف بعام الشتاء التاريخي، وقصة الثلجة الكبيرة، وذلك في ظل الانحباس المطري الحالي.
وقالت المعطيات إن فصل الشتاء يبدأ فلكيا يوم الانقلاب الشتوي، وموعده في النصف الشمالي للكرة الأرضية في كانون الأول، وفي النصف الجنوبي يأتي في حزيران، بينما تعد بداية الشتاء فلكيا هي البداية الرسمية له، ويحددها ميل محور الأرض أثناء دورانها حول الشمس، ما يؤدي إلى تلقي نصفي الأرض كمية مختلفة من الإشعاع الشمسي، بحيث إما أن يميل نصف الأرض باتجاه الشمس ويكون الفصل صيفا أو يميل مبتعدا عن الشمس ويكون الفصل شتاء.
وأضافت أن الشتاء الحالي بدأ في 22 كانون الأول 2022، وينتهي يوم 21 آذار/ مارس 2023، ويستمر عادة 90 يوما تنقسم إلى الأربعينية أو المربعانية (من 22 كانون الأول- 31 كانون الثاني)، وتتميز عادة ببردها القارس ومطرها الغزير، وثلجها، وقد تخرج عن القاعدة فتأتي جافة وذات شمس حارقة كما حدث هذا الموسم.
وتبدأ الخمسينية (في 1 شباط- 21 آذار) وتحتوي أربعة أقسام متساوية كل منها 12 يوما ونصف، وتسمى بــ "السعود الأربعة"، وتأتي غالبًا غزيرة المطر والثلج والبرد في الغالب، أولها سعد ذابح، ثم سعد بلع، فسعد السعود، ثم سعد الخبايا.
أعلى نسبة هطول
ووفق المعطيات، سجلت أعلى نسبة هطول في فلسطين عام 1911، فعام 1921، إذ حظيت مدينة مثل جنين بـ 1234 ملم، وهطلت في يوم واحد بحيفا (9 كانون الأول 1921 أكثر من 250 ملم، تلتها سنة 1992 بنحو 1037 ملم في جنين وأكثر من 1300 ملم في طولكرم)، أما السنوات الجافة التي شدتها فلسطين فكانت في أعوام 1951 (أو سنة المحل كما تسمى) و1960 و1979، و1999 و2001 و2008، إذ تراوحت الهطولات المطرية خلالها بين 200 و300 ملم في الكثير من المناطق.
الشتاء التاريخي
واستنادا إلى سجلات التاريخ المطري لفلسطين، فقد وصف شتاء 1911 بالتاريخي، إذ سجل فيه أقوى وأطول عاصفة ثلجية أثرت على بلاد الشام، إذ بدأت الثلوج تتساقط بغزارة وحصلت الثلجة الكبرى التي استمر هطول الثلج فيها 40 يوما، ووقع برد شديد بعدها وعم الجليد إلى ما بعد شهر آذار.
عام الثلجة الكبيرة
وشهد عام 1934 هطولا للثلوج في الكثير من المناطق. لكن عام 1950 سمي بـ"عام الثلجة الكبيرة"، لما شهدته الفترة من 4-7 شباط من عاصفة تاريخية شديدة البرودة، تدنت خلالها إلى 6 درجات تحت الصفر في القدس و نابلس ، و9 درجات دون الصفر في مرتفعات الجليل والخليل و3 درجات تحت الصفر في حيفا، فيما شملت الثلوج معظم فلسطين بأرقام قياسية، (55 سم في عكا، و50 على قمة جبل الكرمل، و40 في الناصرة، و27 في العفولة ونحو 70 في القدس و15 في طبريا ومثلها في النقب، وتكرر الحال عام 1992 عندما غطت الثلوج معظم مدن فلسطين حتى المنخفضة نسبيا منها كجنين وطوباس.
وبحسب المعطيات، تقدر دائرة الأرصاد الجوية البريطانية المعدل السنوي لعدد المنخفضات التي تؤثر على الحوض الشرقي من البحر المتوسط بـ 28 منخفضا جويا، ويصل عدد المنخفضات الماطرة التي تعرضت لها فلسطين بحوالي 24 منخفضا جويا في السنة.
واستنادا لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني، تبدأ الأمطار في السقوط على الأراضي الفلسطينية في الخريف عادة خلال تشرين الأول، ثم تزداد لتصل إلى أعلى معدل لها في الشتاء إبان كانون الثاني، ثم تبدأ في التناقص التدريجي حتى أيار، وتتميز أمطار فلسطين بأنها متذبذبة، حيث يوجد تفاوت سنوي في معدلاتها، فتسقط الأمطار بغزارة في إحدى السنوات، ثم تمر سنوات جفاف يقل فيها المطر عن معدله العام؛ لارتباط الأمطار بالمنخفضات الجوية وحالات عدم الاستقرار.
وأضافت: هناك تفاوت فصلي في كميات الأمطار، فتسقط خلال الشتاء 72% من أمطار فلسطين، ثم الخريف (20%) وبعده الربيع (6%)، ولا تسقط الأمطار في فصل الصيف إلا في حالات نادرة، وتكون أكبر كمية في كانون الثاني، يليها شباط، ثم كانون الأول، بعدها آذار، فتشرين الثاني، ثم نيسان، فتشرين الأول، فأيار الأقل مطرًا.
وأكد المركز أن أمطار فلسطين تتسم بالتفاوت والتذبذب من عام لآخر، ومن منطقة إلى أخرى، وبرصد لمواسم المطر في منطقة مثل جنين كمثال على مدار ثمانية عقود، نجد التذبذب الواضح في الهطول من سنة لأخرى، وبشكل، واضح، ولافت.
ووصلت هطولات عام 1927 إلى 598، وبعد عام تراجع إلى 429، وفي سنة 1929 بلغت الكمية 788، ولكن في عام 1932 تراوح المعدل 329 ملم. أما عام 1945 فكان 717 مليمتراَ، وعام 1947 انخفض إلى 253 ملم فقط. بينما ارتفع عام 1950 إلى 722 ليتراجع بعد عام واحد إلى 215 ملم، وفي عام 1960 كان الشتاء 261 ملم ليزيد عام 1961 بنحو 425 ملم، فيما كانت الهطولات عام 1979 بمعدل 289 ملم زادت عام 1980 إلى 700 ملم، وعام 1991 هطلت الأمطار بنحو 400 ملم، لترتفع برقم قياسي عام 1992 إلى 1037 ملم، أما عام 1998 فكان المجموع التراكمي للأمطار 535 ملم وبعد عام واحد قلت النسبة إلى 256 ملم.
ووفق الأرصاد الجوية، تشكل أمطار أربعينية الشتاء عادة ما نسبته 30% من الموسم المطري العام، فيما أثبتت الدراسات المناخية بأن ما يحدث من قلة أمطار في بعض المناطق وارتفاع في درجات الحرارة هذا العام لا يعتبر حدثا استثنائيا او ظاهرة غير مسبوقة؛ حيث تشير المعلومات والدراسات المناخية خلال 100 موسم مطري سابق بأن جودة الموسم المطري تختلف من موسم الى موسم، وليس بالضرورة أن تعتمد جودة الموسم المطري على كميات الأمطار التي قد تهطل خلال "المربعانية"، لأن هناك مواسم كثيرة لم تشهد هذه الفترة هطولات جيدة وكانت المجاميع المطرية النهائية للموسم جيدة.
ووفق الأرصاد الأردنية، يمكن اختصار عدد المواسم المطرية مقارنة بكميات المطر التي هطلت في كانون الثاني خلال 100 موسم لعمان بـ 21 موسمًا (أمطار الأربعينية جيدة والموسم المطري جيد) و18 موسمًا (أمطار الأربعينية جيدة والموسم المطري ضعيف) و30 موسمًا (أمطار الأربعينية ضعيفة والموسم المطري جيد)، و31 موسمًا (أمطار الأربعينية ضعيفة والموسم المطري ضعيف).
فيما شهد موسم 1994/1995 أقل مجموع مطري خلال فترة الأربعينية في معظم المناطق، وبالرغم من ذلك فقد حقق المجموع المطري نسبا أعلى من معدلها الموسمي العام.
وأكد المركز أن انحباس الأمطار الطويل يترك تداعياته الخطيرة على القطاع الزراعي والتنوع الحيوي، ويزيد من آثار الجفاف والتصحر، ويؤثر على تخزين المياه الجوفية.
ودعا "التعليم البيئي" وزارتي الزراعة والحكم المحلي وسلطة المياه وجهات الاختصاص إلى تبني خطة وطنية عاجلة للتعامل مع شح الأمطار، ولاتخاذ خطوات عملية تتصل بالاستخدام الأمثل للمياه، وصيانة الشبكات التالفة، والكف عن الهدر.
وحث المزارعين والمواطنين على تطبيق إجراءات يومية تساهم في توفير المياه وتمنع الهدر، وتزيد من فعالية الحصاد المائي، وترفع من وتبرة حفر آبار جمع المياه؛ للتخف من آثار غياب السيادة الوطنية على مصادر المياه.
كما طالب وسائل الإعلام بتكثيف حملات التوعية للحفاظ على مصادر المياه، والاستخدام الفعّال لها؛ للحد من التداعيات الراهنة لخطر الجفاف والتصحر، وعواقب التغير المناخي، التي تحتاج لإجراءات عملية للحد من تأثيراتها الكبيرة.