الأسماك غريبة في رام الله

رام الله / سوا / خلف زجاج ثلاجة كبيرة في مسمكة صغيرة في رام الله، تجلسُ أسماك البحر الأبيض المتوسط: غريبة ووحيدة وغير مفهومة.

 تسألُ صبية ثلاثينية عن سمكة صفراء اشتراها شاب عشريني، فيجيبها البائع الخمسيني، وهو خبير الأسماك الوحيد في رام الله: إنها سمكة مدخنة، لا تُطبخ ولا تقلى، فقط تؤكل نيئة مع الليمون.

تعيد الصبية السؤال ثلاث مرات، تريد أن تتأكد كيف تؤكل السمكة الصفراء الغريبة. 

في الحيز نفسه، يبحلقُ رجل ثمانيني في سمكة أخرى كأنه يسألها: من أنت وماذا أفعل بك لو اشتريتك. البائع الخمسيني السريع جدّاً، يتنقّل بسلاسة بين مشترٍ وآخر يعرّفهم على السمكات ومزايا كل واحدة. 

يفهم تلعثم الرجل أمام زجاج الثلاجة فيخبره: إنها دينيس، مثل التي أخذتها قبل أسبوع، وهي ثلاثة أنواع: صغيرة ومتوسطة وكبيرة. 

في حفلة الغرابة نفسها، تتصل امرأة بزوجها تخبره عن سعر السمكة التي سمع عنها من أصدقائه، لن يحضر الزوج ليشتري السمكة بنفسه؛ لأنه يشتغل في مستوطنة قريبة. 

يوافق على سعر السمكة، فتشتري المرأة واحدة كبيرة، لكن ما الذي ستفعله بالسمكة الثمينة. 

تستفسر من البائع، فـ"يكرُج" شرحه سريعاً: بهار فقط، نبيعه هنا، مع عصير ليمون وملح، تستطيعين قليها أو تركها في الفرن، حسب رغبتك.

على هاتف نقّال آخر، تتصل صبية أخرى بأمها وتترك هاتفها لأذن البائع الذي يبدأ بالشرح من جديد: لا تقلقي، سأعطيها نوعية جيدة، "فِيليه" جديد في السوق، ستعجبك، وعلى مسؤوليتي.

 الكل يستفسر في المسمكة الصغيرة في رام الله، يعرض البائع أسماء الأسماك والطريق التي قطعتها إلى رام الله. 

في المحصلة، يحتاج شراء سمكة في رام الله إلى حوار طويل وأسئلة كثيرة ومتكررة واستغراب دائم، غير الدراسة السريعة للميزانية، ثم يصير البائع صديق النساء، والشيف المعتمد لديهنّ. 

لقد قررت جغرافيا السمكة المحتلة أن يكون هو وحده دليلاً سياحياً لمتحف الأسماك الصغير، في المدينة التي تبعد عن البحر أقل من 50 كيلو متراً، من جهة الغرب.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد